خبر وتعليق عاصفة الحزم ما تزال تعصف بالمسلمين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
مجلس الأمن الدولي يتبنى قرارًا بفرض عقوبات على المتمردين الحوثيين بينها حظر الأسلحة (وكالة الأنباء السعودية 2015/04/14).
مجلس الأمن يؤيد قرار الملك سلمان في دعم الشرعية باليمن (صحيفة الرياض 2015/04/14).
التعليق:
كان هذا خلاصة ما يريد الإعلام السعودي الرسمي تصويره لأبناء الحرمين، حتى يزين لهم الخيانة ويقلب لهم الحق باطلًا، ويغيّب عنهم الحقيقة، فلم يتطرق هذا الإعلام إلى تفاصيل ما جاء في قرار مجلس الأمن مما يكشف حقيقة هذه الحرب وتآمر المشاركين فيها، فلم يذكر الإعلام الرسمي أن مما جاء في النص الكامل للقرار (والذي ورد في بضع وسائل إعلامية منها جريدة الدستور الأردنية) مثلًا "يؤكد في جملة أمور على ضرورة استئناف عملية الانتقال السياسي في اليمن بمشاركة جميع الأطراف اليمنية" و"وإذ يرحّب باعتزام مجلس التعاون الخليجي عقد مؤتمر في الرياض، بناءً على طلب من رئيس اليمن، تشارك فيه كل الأطراف اليمنية من أجل مواصلة دعم عملية الانتقال السياسي في اليمن"، "يدعو كلّ الأطراف اليمنية، ولا سيما الحوثيون، إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، وبنتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واستئناف وتسريع المفاوضات الشاملة لجميع الأطراف التي تجري بوساطة من الأمم المتحدة، والتي تتناول أمورًا من بينها المسائل المتعلقة بالحكم، وذلك من أجل مواصلة عملية الانتقال السياسي بهدف التوصّل إلى حلّ توافقي"، "يطالب جميع الأطراف اليمنية بالالتزام بتسوية الخلافات عن طريق الحوار والتشاور"... وغيرها من النقاط التي تدعو جميع الأطراف للعودة إلى الحوار، وعندما يتحدث عن جميع الأطراف فهو يشمل إذن أنصار علي صالح المخلوع وحكومة نظامه الحالي بقيادة نائبه السابق عبد ربه منصور، ويشمل الحوثيين، وإلا فمن يقصدون بـ "جميع الأطراف"!.. فهل كانت الحرب كلها من أجل العودة للحوار والتشاور من أجل الوصول إلى "حل توافقي" يؤدي إلى انتقال سياسي "بمشاركة جميع الأطراف"!؟ لقد كان هذا بالفعل ما قاله السفير السعودي في أمريكا قبل أيام في مقابلته مع سي إن إن "سنقوم بتدمير الحوثيين إذا لم يعودوا إلى صوابهم وإلى طاولة المفاوضات لحل القضية"!..
جاء في قرار مجلس الأمن أيضًا "وإذ يدين تزايد عدد ونطاق الهجمات التي يشنها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وإذ يعرب عن القلق إزاء مقدرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على الاستفادة من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في اليمن".. لقد تحول الحديث هنا عن تنظيم القاعدة، الأمر الذي ينسف ما يحاول أن يصوره بعض المشايخ من أن الحرب هي لنصرة العقيدة، فالحرب إذن لا تميز بين مسلم سني ومسلم شيعي، بل تقتل هنا وتقتل هناك، وهذا ما أكده أيضًا عادل الجبير في المقابلة نفسها حين قال: "نحن لا ننظر إلى القضية على أنها سنة بمواجهة شيعة،... لقد ألحقنا أضرارًا كبيرةً بالحوثيين والجماعات الأخرى (ويقصد هنا القاعدة أيضًا) خلال ضرباتنا الجوية وسنواصل هذا المجهود لتدمير هذه الجماعات وإنهاء خطرها ليس علينا فحسب، بل على العالم أيضًا" فالحرب إذن ليست على الحوثيين ولا من أجل السنة أو العقيدة.. وهل يتصور عاقل أن جهادًا من أجل العقيدة ينطلق بأمر أمريكي ومن ديار أمريكا راعية الحرب على الإسلام! وهل يتصور عاقل أن نصرة العقيدة تنطلق بتنسيق متواصل مع أمريكا كما قال الجبير في المقابلة المذكورة "أمريكا تلعب دورًا بالغ الأهمية ونحن ممتنون لها، فهي توفر المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي والسياسي، ونحن ننسق معها دقيقة بدقيقة"؟!
هل نسينا أن أمريكا هي راعية احتلال فلسطين وتدمير العراق وتقتيل أهل الشام وبورما وأفغانستان؟! وهل يكون الجهاد تحت مظلة مجلس الأمن وهيئة الأمم التي ما أنشئت إلا لتثبيت أنظمة الكفار وبسط نفوذهم وسيادتهم على بلاد المسلمين؟! أولم ير من له بصر ماذا فعلت أمريكا ومجلس أمنها بباقي بلاد المسلمين وماذا تريد أن تفعل في اليمن؟! فمن لم ير، ألم يسمع أو يقرأ ما قاله الجبير في المقابلة نفسها "لقد دمرنا قدراتهم الجوية وصواريخهم الطويلة المدى وأسلحتهم الثقيلة ودفاعاتهم الجوية ومراكز القيادة والسيطرة لديهم"؟ أليست هذه هي مقدرات المسلمين ومقومات بلادهم التي كان من المفترض أن تستخدم في جهاد أعدائهم الحقيقيين؟! وهل يكون الجهاد بأن يقتل المسلمون بعضهم بعضًا فيما يأتمرون بأمر عدوهم ويتركون كيان يهود الغاصب يحتفل بانتهاكاته لمقدسات المسلمين المحتلة! هل هذا هو جهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وسلفنا الصالح!؟ فهل يعيش مشايخنا على الأرض حقًا أم في كوكب آخر حينما يؤيدون مثل هذه المؤامرات أو يقفون في صف هذه التحالفات؟! أم أنهم استمرؤوا دفن رؤوسهم بالتراب رغم أن الحقيقة ساطعة كما الشمس في جوف السماء، أولم يخطر في بال من يتعاون مع أمريكا في تدمير اليمن كما دمرت العراق والشام وغيرها من قبل، ومن يزين هذا التعاون وينظم فيه الأشعار، ألم يخطر بباله لوهلة أن من سيكون التالي على أجندة التدمير الأمريكية التي لا ترقب في مؤمن إلًا ولا ذمة بعد أن تدمر مقومات الدولة في اليمن كما فعلت في العراق والشام!؟..
قبل أيام أعلنت الحكومة السعودية مقتل ثلاثة ضباط، ليصبح المجموع المعلن هو ستة والله أعلم بالعدد الحقيقي، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية في 2015/04/07 "قتل 540 شخصًا على الأقل وأصيب 1700 بجروح في اليمن منذ 19 آذار/مارس... وقال كريستوف بوليراك المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن 74 طفلًا على الأقل قتلوا وأصيب 44 بجروح منذ 26 آذار/مارس." (DW العربية) والعدد الحقيقي أكبر بلا شك، ويزداد كل يوم.. فهل هذا هو الجهاد يا شيوخنا؟ ومن ذا الذي منح النظام السعودي الحق بأن يرسل أبناءنا ليَقتلوا المسلمين بأيديهم أو ليُقتلوا بأيدي المسلمين، مع أن رسول الله صلىوسلمي يقول في الحديث المتفق على صحته: «إذا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ في النَّارِ ...».
إننا من بلاد الحرمين الشريفين نعلن براءتنا من هذا الجرم المسمى الحزم، ومن كل المشاركين في الاقتتال بين المسلمين في البلدين، ونرسل رسالتنا لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، من كل الأطراف المشاركة في قتل المسلمين هنا وهناك، أن يقف في وجه هذا الجرم، ويقول للظالم كفى، وأن يسعى لتوحيد بلاد الحرمين الشريفين مع بلاد اليمان والحكمة في دولة راشدة واحدة على منهاج النبوة بدلًا من إشعال الحرب بينهما، وأن يعمل على إعادة بوصلة الجهاد إلى مسارها الصحيح، جهادًا لدفع الكفار ونشر دعوة الإسلام بدلًا من قتل المسلمين وتدمير بلادهم، والله نسأل أن تصل رسالتنا هذه لمن يعيها فيسعى للعمل بما فيها، وما ذلك على الله بعزيز ولا حول ولا قوة إلا بالله..
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بن إبراهيم - بلاد الحرمين الشريفين