خبر وتعليق الصراع السياسي بين الدول الرأسمالية هو سبب عدم الاستقرار في بوروندي (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
\n
أفادت وسائل الإعلام عن أنباء بمحاولة انقلاب عسكري قاده غودفروا نيومبار رئيس جهاز المخابرات ضد حكومة الرئيس بيير نكورونزيزا. وجاءت محاولة الانقلاب العسكري بعد سلسلة من التظاهرات والاشتباكات استمرت على مدى أسبوعين متتاليين عقب إعلان الرئيس نيته الترشح لولاية رئاسية ثالثة. وهي خطوة تتعارض مع دستور البلاد وتنتهك اتفاق أروشا للسلم والمصالحة. كما جاءت محاولة الانقلاب في الوقت الذي كان فيه الرئيس الحالي في لقاء مصالحة في دار السلام لحل الأزمة في البلاد.
\n
\n
التعليق:
\n
إن الحال القائم حاليا في بوروندي، والذي يطفو على المشهد السياسي وعلى نطاق واسع، ما هو إلا صراع مصالح ونفوذ سياسي بين الدول الرأسمالية، وبخاصة أمريكا التي تتحمس وبشكل جامح إلى تعزيز نفوذها في هذا البلد عبر عميلها الرئيس الحالي، بيير نكورونزيزا. ويبدو أن أمريكا قلقة إزاء وريث العرش من بعده.
\n
ومن ناحية أخرى فإن الدول الأوروبية والتي كانت بوروندي مستعمرة سابقة من مستعمراتها، تسعى لاستعادة بوروندي وجعلها من جديد تحت سيطرتها.
\n
كانت بوروندي ورواندا بلدا واحدا تقع تحت الحكم الاستعماري لألمانيا/ شرق إفريقيا الألماني. وقد عرفت حينها برواندا-أوروندي. وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، سُلبت الأرض من ألمانيا وأُعطيت إلى بلجيكا التي قسمتها إلى رواندا وبوروندي. وقد عملت بلجيكا، حفاظا على مصالحها السياسية الخاصة على إشاعة جو عدائي قبلي بين الهوتو والتوتسي، أكبر قبيلتين في البلاد. وهذا الأمر تسبب في عداوة بين القبائل بلغت ذروتها في الإبادة الجماعية التي حصلت عام 1959، عندما هاجم الهوتو التوتسي وذبحوا الآلاف منهم. ونتيجة لذلك هرب العديد من أفراد التوتسي إلى أوغندا وبوروندي والكونجو وتنزانيا أملا في التحرر من الاضطهاد والظلم، وحتى يومنا هذا، تستضيف البلدان المجاورة لرواندا وبوروندي عددا كبيرا من أفراد هذه القبائل.
\n
وعلى الرغم من أنها تعتبر واحدة من أفقر بلاد العالم، إلا أن بوروندي تزخر بموارد طبيعية هائلة وبيئة خصبة تميزها من بين دول البحيرات العظمى. وهي واحدة من العشر دول الكبرى المنتجة للبن في إفريقيا وأكثر الدول التي يُشترى منها الفول بما في ذلك محصول الستار بوكس. ووفقا للبنك الإفريقي للتنمية فإن هذه البلاد تحوي 6% من احتياطي النيكل العالمي. وعلاوة على ذلك، فهي منبع نهر النيل في رافد من روافدها المتصلة ببحيرة فيكتوريا. وتعد بحيرة تنجانيقا من بين البحيرات الرئيسية الكبرى في شرق إفريقيا، والتي تقع جنوب غرب البلاد.
\n
ومن الجدير علمه أن الرئيس بيير نكورونزيزا، ليس من أصول توتسية. وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية على ورقة القبلية للحفاظ على نفوذها في أوغندا ورواندا وبوروندي والتي يحكمها في حالات كثيرة رجال من قبائل التوتسي المدعومين أمريكيا منذ عام 1994م.
\n
وقد استولى المتمردون التوتسي بدعم أمريكي على السلطة في رواندا عام 1994. وقد شكل الجناح الشرقي للكونغو جنبا إلى جنب مع هذه الدول الثلاث قلعة هائلة من النفوذ الأمريكي في قلب القارة الإفريقية. وهكذا تمكنت من اقتلاع النفوذ البريطاني والفرنسي من المنطقة.
\n
وهذا هو السبب، الذي لأجله قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست خلال فترة محاولة الانقلاب على رئيس بوروندي: \"ندعو كل الأطراف إلى إلقاء السلاح، ووضح حد للعنف وضبط النفس كما أن على السلطات البوروندية مسؤولية استعادة الأجواء اللازمة لإجراء انتخابات ذات مصداقية...\" وأضاف إرنست بأن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر نكورونزيزا رئيس البلاد.
\n
ولذلك فإنه من الواضح وضوح الشمس في كبد السماء أن الرئيس بيير نكورونزيزا، هو الطرف الأمريكي، في حين أن الجنرال غودفروا نيومبار الضابط في الجيش البوروندي والذي قاد الانقلاب والذي يعتقد بأنه أقيل من قبل بيير نكورونزيزا بعد أن كُشف عن تسريبات من عشر صفحات تشير إلى كونه ضد ترشح الرئيس لفترة رئاسية ثالثة هو الطرف الأوروبي.
\n
وفي الوقت ذاته فقد اعتبر مركز الأبحاث الأوروبي محاولة الانقلاب فرصة مناسبة وعربوناً لطيفاً: فقد قال فيليب ريينتيجنز أستاذ القانون والسياسة في جامعة أنتويرب في بلجيكا والخبير في منطقة البحيرات العظمى الإفريقية: \"إذا نجح هذا الانقلاب وتثبت، فإن هذا سيكون واقعا من الجيد أن يطلق عليه انقلاب جيد\".
\n
في الوقت الذي ترزح فيه إفريقيا تحت نير الفكر الرأسمالي وعلى الرغم من مواردها الطبيعية وثرواتها الهائلة فإنها لا تزال تعتبر من بين أفقر القارات، وأسوئها حالا! ونتيجة لذلك فإن أهلها كانوا دوما ضحايا لمعارك الصراع السياسي بين الدول الرأسمالية. إن إفريقيا بحاجة ماسة إلى دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستحرر شعوبها من أفكار العبودية وستنقذ مواردها الطبيعية الهائلة التي تباع بثمن بخس إن لم تكن تنهب دون ثمن في معظم الأحيان.
\n
\n
\n
\n
\n
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسعود مسلم
نائب الممثل الإعلامي لحزب التحرير في شرق إفريقيا