- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الأزمة الأوكرانية حلقة من الصراع الجيوسياسي بين القوى العظمى
(مترجم)
الخبر:
قال زعماء G7 في البيان الختامي لاجتماع القمة الذي عقد في اليابان إنهم مستعدون لإطالة أمد العقوبات المفروضة على روسيا وأن هذه الإطالة مرهونة بمدى تطبيق موسكو لاتفاقية منسك. (المصدر: zn.ua)
التعليق:
مضت سنتان على ضم روسيا للقرم، ولكن لا يبدو أن جميع المحاولات للضغط على روسيا من أجل احترام القانون الدولي قد باءت بالفشل. ويقدم المحللون السياسيون هذا السبب: اختارت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الطريقة السهلة للتأمين على روسيا من خلال فرض عقوبات اقتصادية. ويدّعون أن الضغط العدواني من شأنه استفزاز عواقب غير متوقعة مثل حرب محلية أو حرب عالمية ثالثة أو حتى حرب نووية.
من ناحية موضوعية فإن كل هذه المخاوف حقيقية، ولكني أريد أن ألفت الانتباه إلى التالي:
"إن الجوانب الفكرية والاقتصادية والسياسية والعسكرية لروسيا اليوم لا تقارن بالاتحاد السوفييتي، ومع فقدان الفكر ونتيجة لذلك، عدم وجود أنظمة اقتصادية وسياسة داخلية وخارجية وقيادة (رئيس وزراء – ميديفديف) وحتى في القرم التي من المفترض أن تكون نافذة العرض الروسية للإنجازات الاقتصادية تقول موسكو للمتقاعدين: لا نملك المال في الوقت الحالي. عندما نجد المال سوف نجدول تقاعدكم لذا انتظروا. مع أحلى التمنيات، كونوا بمزاج وصحة جيدين"!.
المبارزة الروسية المباشرة ستكون مستحيلة إذا ما كان موقف آخر للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية.
بالنسبة للاتحاد الأوروبي سيكون موقفه مختصراً ويقول كلمات مثل "نريد، ولكن لا نستطيع". إن الاتحاد الأوروبي، بشكل قاطع، يفتقد إلى القدرة العسكرية الكافية والمصادر الاقتصادية لكبح جماح روسيا.
إن التجانس السياسي في الاتحاد الأوروبي، واعتماده على مصادر الطاقة الروسية، وقربه من روسيا، جميع تلك الأمور تفرض على الاتحاد الأوروبي التصرف بشكل حذر.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإنه يمكن وصف موقفها باختصار.. "نستطيع، ولكن لا نريد". إن روسيا الحالية وسياستها مفيدة للولايات المتحدة على طول الحدود الروسية. دعونا نستعرض كل هذه العوامل من أقصى الشرق إلى أوروبا:
1. التمدد الصيني: مما لا شك فيه أن ضعف روسيا وتفسخها كنتيجة لذلك سوف يؤدي إلى تقوية الصين. وكما هو معروف فإن الولايات المتحدة تطبق سياسة الضغط على الصين من خلال إيجاد دولة قوية وحدود غير مستقرة بالقرب منها. وتعتبر روسيا مكوّناً أساسياً لهذه السياسة على الحدود الشمالية.
2. الاستقرار في آسيا الوسطى: كما هو معلوم فإن الاستقرار في آسيا الوسطى مضمون بوجود الدكتاتوريات، ومعظمها تعتمد على القوات العسكرية الروسية. إن ضعف وتفسخ روسيا على الأغلب سوف يؤدي إلى أوضاع مشابهة للربيع العربي، وسيخرج الناس إلى الشوارع في آسيا الوسطى بكثافة عالية وسيطالبون ببناء نظام سياسي يحقق طموحات الشعب. هذا السيناريو سيؤدي إلى عواقب كارثية في السيطرة الأمريكية على باكستان وأفغانستان.
3. إضعاف أوروبا وإبقاؤها محصورة في الناتو: بدون شك فإن سياسة استرجاعية الكرملين سوف يؤدّي إلى ضرر كبير لأوروبا. وهذا ما قاله السياسيون الأوروبيون بشكل متكرر.
إن الضعف الاقتصادي الأوروبي مربح بالنسبة لأمريكا، إن الاتحاد الأوروبي ينافس الولايات المتحدة ويقف اليورو متحديًا للدولار في موقفه كعملة احتياطية كبرى.
بالإضافة لهذا فإن النوايا العدائية لروسيا في الغرب من حدود الاتحاد الأوروبي قد أعطى معنىً جديدًا للناتو الذي واجه أزمات وجودية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.
وقال السيناتور الأمريكي لندسي غراهام معلّقًا على خطاب بوتين في ميونيخ 2009/02/10: "من خلال خطابه فقط زاد بوتين من توحيد أمريكا والاتحاد الأوروبي أكثر مما حققنا خلال عقود".
كما ويجب أيضًا ذكر تعليقات وزير خارجية جمهورية التشيك كاريل شوارزبيرغ "يجب أن نشكر الرئيس بوتين الذي لم يهتم فقط بخلق جو رائع دعائي لهذا المؤتمر، أكثر مما توقعنا، ولكن أيضًا رائع بشكل واضح ومقنع عن الحاجة لتوسيع الناتو".
وكما هو معروف فإن تقوية الناتو هو أمر مطلوب في أوروبا بعد العدوان الروسي على أوكرانيا. كما ويجب ذكر أن الولايات المتحدة مهتمة بتغيير مصادر الطاقة التي يعتمد عليها الاتحاد الأوروبي من روسيا إلى مناطق أخرى في العالم.
4. إجبار روسيا على قرارات موحدة في القضايا العالمية: إن عزل روسيا بعد عدوانها على أوكرانيا أجبرها على تبني قرارات مشتركة في العديد من القضايا العالمية. روسيا الحالية مستعدة للموافقة على أن تكون شريك الولايات المتحدة بأي ثمن من أجل الخروج من عزلتها.
لقد رأينا كيف لعبت روسيا دور الوسيط في الاتفاق النهائي حول برنامج إيران في صيف 2015. وفي الثلاثين من أيلول/سبتمبر 2015 بدأت روسيا بحملة ضربات جوية في سوريا. من ناحية فإن أمريكا تلعب دور "الشرطي الجيد" وتحاول إقناع الثوار بالجلوس على طاولة المفاوضات مع الأسد، ومن ناحية أخرى هناك روسيا "الشرطي السيئ" التي تساعد الأسد على القضاء على الثوار حتى يوافقوا على المفاوضات السلمية.
وفي الختام يجب أن نقول إن الولايات المتحدة تعتبر نفسها مثل "دب لن يتنازل عن غايته لأي شخص". لا أدّعي أن أمريكا تستطيع حل الأزمة الأوكرانية في شهر واحد، ولكني أتحدث عن عوامل تجعل العمل الأمريكي منطقياً أكثر منه مربحاً.
أما بالنسبة لروسيا، فيجب أن نقول إنه بسبب الضعف الفكري ومع الطموحات الإمبريالية التي تمتلكها وكونت خلال قرون، فإنها لا تستطيع أن تدرك أن المبارزة على المدى الطويل لن يعطيها إلا الأذى. إن روسيا عمياء بنجاحها قصير المدى، مثل ضمها الخائن للقرم والحملة الدموية على سوريا.
لذا فإنه من غير المتوقع في المدى المنظور أي تغييرات مستقبلية جدية للأزمة الأوكرانية. الوضع سيتغير عندما تتحيّد العوامل المذكورة آنفًا. في ذلك الوضع سوف نرى ضغطًا حقيقيًا على روسيا، لن يؤدي فقط إلى تدميرها ولكن سيخضعها لتكون "شريكا دوليا"، لن يجرؤ أبدًا على خرق أي قانون قائم.
أما بالنسبة للشعب الأوكراني، فإننا نرى أن رغبته الطبيعية في الحصول على تغيير أفضل قد أصبحت رهينة للمصالح الجيوسياسية للقوى العظمى التي تخلت عن جميع المسؤوليات التي وقعت عليها في مذكرة بودابست عام 1994.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فضل أمزاييف
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا
وسائط
1 تعليق
-
بوركت كتاباتكم المستنيرة الراقية، و أيد الله حزب التحرير وأميره العالم عطاء أبو الرشتة بنصر مؤزر وفتح قريب إن شاء الله