إلى توني بلير:

خطابك السياسي تجاوزه الزمن، بعد أن كسب المسلمون معركة الأفكار

الخبر:

آر تي- وكالات: "أعرب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن حزنه العميق لما حدث في العراق بعد التدخل العسكري لإسقاط صدام حسين، مشددا في الوقت نفسه على أنه "لم تكن هناك أي أكاذيب ولم يتم تضليل البرلمان ولم نقدم أي التزام سري بالدخول في الحرب ولم نزور المعلومات الاستخباراتية، بل اتخذنا القرار عن حسن نية".

التعليق:

ألا يخجل هذا الرجل ومن ورائه سياسات الاستعمار الغربي الصليبي عندما يتحدث للصحفيين بعيون مدمعة متأسفا على أرواح مائة وسبعين جنديا بريطانيا قتلوا في هذه الحرب ولا يبدي أي أسف أو حتى احترام لآدميته عندما يتجاهل تماما بأن هذا الغزو قد حصد بحلول شهر تموز/يوليو من عام 2008 أرواح مائة وخمسين ألفاً من أهل العراق على الأقل، كما تسبب في تشريد ما يزيد عن مليون شخص، إن هذه التصريحات هي تأكيد على استمرار حكام بريطانيا في انتهاج سياسات التضليل التي ما انفكوا ينفذونها ضد الإنسانية منذ أكثر من ألف سنة.

ولعل ما يجده معظم المحللين السياسيين من شعور بالسخط والحنق تجاه تصريحات توني بلير التي يؤكد فيها على أنه لا علاقة بين احتلال العراق وبين ما يواجهه المسلمون اليوم في هذا البلد من قتل وتشريد وإعدامات جماعية بنتيجة تداعيات ما بعد الغزو، يُعدُّ في حقيقة الأمر تأكيدا على أن بريطانيا التي نمت واستكبرت من ولوغها في دم الإنسان الأفريقي والآسيوي والأمريكي ما زالت لا ترى الحياة حقا إلا لرعاياها ولذلك فإن حكامها ما زالوا مصرين على تثبيت سياساتها القديمة المتجددة مهما تسببت في شقاء الشعوب وهلاك الملايين من البشر، ولعل عزمها على تنفيذ سياساتها القذرة التي كانت تنفذها في الشرق الأوسط في بحر الصين حيث مستعمراتها القديمة الهند وبنغلاديش...، لهو تأكيد على قدرتها في لعب الأدوار الاستراتيجية الكبرى في العالم...

إن رد توني بلير على ما جاء في تقرير "شيلكوت" في هذا التوقيت بالذات، يعد إحدى وسائل الغرب الصليبي لإعلان الانتصار النهائي على المسلمين بغية النيل من معنوياتهم وتدميرها وللتأكيد على أنه ما زال يمسك بجميع خيوط اللعبة، وبأن الأنظمة التي سقطت قد انتهت شعوبها وانقرضت مقدراتها وبأن الدور في المستقبل سيجيء على شعوب أخرى بدأت تتطلع للانعتاق من هذه الهيمنة الصليبية وتتحسس طريق النهضة، ولذلك فعليها إما مواصلة الخضوع والخنوع لهذا الظلم، وإلا فإن الواقع العراقي والسوري واليمني والصومالي في انتظارهم!

نقول لتوني بلير ولأشباهه من قيادات الغرب الهالك بأن رسائلكم المهترئة تصلنا منذ أكثر من قرنين ونصف، ولكنها وبرغم ضراوتها وفحش وقعها خصوصا في العقود الأخيرة، فإن فوز الأمة الإسلامية في معركة الأفكار بدأ يعطي ثماره وقد اقترب موسم الجني بشكل لم يعد بإمكانكم تأخيره أو حتى التنبؤ بميعاده.

﴿فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾ [يونس: 102]

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ عماد الدين حدُّوق

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس