- الموافق
- 2 تعليقات
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لا ينبغي للمسلمين الخوف من الشعوب الغربية
الخبر:
شجع فوز (ترامب) في الرئاسة الأمريكية والتصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الحركاتَ الشعبية في جميع أنحاء أوروبا على اتخاذ موقف حازم ضد النخب الحاكمة في الغرب، والقوة الدافعة وراء نجاح الحركات الشعبية هي قضايا مثل الهجرة والعولمة والخوف من الإسلام، وقد تسبب هذا الأمر الأخير بالألم العميق ليس فقط للسكان المسلمين في الدول الغربية، ولكن أيضا بالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في العالم الإسلامي. وهناك فهم منتشر على نطاق واسع بين المسلمين بأن هناك صلة محتملة بين الرئيس الأمريكي المنتخب (ترامب) واليمين المتطرف في أوروبا مما سيتسبب بحرب كارثية أخرى في العالم الإسلامي.
التعليق:
بالنسبة لكثير من المسلمين، فالتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفوز (ترامب) في البيت الأبيض و(مارين لوبان) في فرنسا، وزيادة شعبية الأحزاب المتطرفة في أوروبا، أدلة لا جدال فيها على توحد القوى الغربية لتدمير الإسلام. وقد تجنب بعض المسلمين مناقشة الحديث عن وحدة الأمة من خلال إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة خوفًا من أن مثل هذا الكلام سوف يسرّع من التدخل الغربي في بلاد المسلمين. لكن المخاوف حول "الإسلاموفوبيا" من توحد الغرب هي في غير محلها وتؤكد عدم وجود وعي سياسي على الموقف الدولي، فالغرب لا يزال بعيدًا عن الوحدة، وما يفرق الغرب أكثر مما يوحده.
في عام 2003، قال الباحث الفرنسي (دومينيك مويسي) مقولة شهيرة: "الغرب قد انقسم الآن إلى نصفين (الأوروبي، والأمريكي)"، و"الأصولية الإسلامية" و"الإرهاب" الدولي في رأيه لم تعد لديها القدرة على توحيد أوروبا وأمريكا، كما حصل مع التهديد السوفيتي في السابق. ومنذ 11 من أيلول/ سبتمبر 2001، تعمقت الخلافات بين الأوروبيين والأمريكيين حول كيفية مواجهة هذه القضايا. لقد شكت أمريكا بمرارة من عدم وجود الدعم الأوروبي في خوض الحروب في أفغانستان والعراق، وانضمت أوروبا على مضض مع أمريكا في حربها في أفغانستان، وكلما كانت هناك فرصة ممكنة سعت أوروبا إلى النيل من أمريكا في الخفاء، وقد رشت فرنسا وإيطاليا قادة طالبان لعدم مواجهة قواتها، وحاولت بريطانيا النيل من أمريكا في ولاية هلمند، وأبقت ألمانيا قواتها القتالية لتوفير التدريب للأفغان في مناطق آمنة فقط. ينظر الأوروبيون اليوم إلى خطة أوباما في سوريا بازدراء، فهي الخطة التي أوجدت أكبر أزمة للاجئين في أوروبا، كما حملوا الحرب الأمريكية مسؤولية ظهور تنظيم الدولة والهجمات الإرهابية على الشواطئ الأوروبية.
خلاف رئيسي آخر بين أمريكا وأوروبا هو في معالجة أكبر أزمة مالية شهدها العالم، فأوروبا تفضل التقشف، وأمريكا تفضل الحوافز النقدية غير التقليدية، وعلاوة على ذلك، فإن التنافس التجاري وحروب العملة والغرامات الهائلة للبنوك الأوروبية وتسريبات بنما والملاذات الضريبية الأوروبية دفعت إلى اتساع في الخلافات بينهما.
من المرجح أن تقوم إدارة (ترامب) برش الملح على الجروح العميقة في العلاقات عبر الأطلسي، فتعليقات ترامب على تمزيق الشراكة عبر المحيط الهادئ ومنظمة حلف شمال الأطلسي والانفتاح تجاه روسيا لا شك في أنها ستعمق من الانقسامات الراسخة بين الطرفين.
إن المفارقة المحزنة هي أن البلدان الإسلامية لا تزال ضعيفة في استغلال التوترات بين أوروبا وأمريكا للحفاظ على مصالح الأمة الإسلامية، وذلك لأن البلدان الإسلامية هي مجرد أدوات تُستخدم من قبل أوروبا والولايات المتحدة لخوض الحروب بها، فالحروب في السودان وليبيا والصومال واليمن واحتلال يهود لفلسطين والصراع الدائر بين أوروبا وأمريكا هو للهيمنة على هذه البلدان.
إن هذا الوضع المحزن يؤكد على ضرورة العمل لإعادة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة من أجل حماية كرامة الأمة الإسلامية، والوضع في أوروبا وأمريكا اليوم هو أقرب إلى الحقبة المظلمة التي مرت بها الإمبراطورية الرومانية منذ مئات السنين.
في زمن الرسول rولغاية منتصف القرن الخامس عشر تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين: الإمبراطورية الرومانية الغربية وعاصمتها روما، والإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) وعاصمتها القسطنطينية، وكانت الخلافات بين الإمبراطوريتين عميقة، وكانت الخلافة قادرة على استغلال تلك الاختلافات لفتح إسبانيا، وفتح القسطنطينية في وقت لاحق.
بالنظر إلى عهد السلطان محمد الفاتح، فقد كان السلطان الشاب يدرك أن البابا سوف يفشل في حشد الدعم الأوروبي لمساعدة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الحادي عشر في هجوم عسكري ضد الخلافة العثمانية، وقد استند في فهمه هذا إلى حقيقة نزاع بين طرفي الإمبراطورية الرومانية امتد لمائتين وخمسين عاما، عندما رفضت القسطنطينية دعم الحملات الصليبية الأوروبية ضد صلاح الدين، وبالتالي، فإنه عندما طلب الإمبراطور قسطنطين من البابا تعزيزات عسكرية، كان المزاج العام في أوروبا يمنع من إرسال تلك التعزيزات، فسقطت القسطنطينية بيد المسلمين في 1453م.
أوروبا اليوم تخشى من خوض الحروب في العالم الإسلامي، ومن سفك دماء أبنائها لصالح الشركات الرأسمالية متعددة الجنسيات الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأوروبيين يشعرون بالاستياء بشكل كبير من قيادة أمريكا للعالم الغربي، ولا شك أن هذا الشعور سيزيد خلال رئاسة (ترامب)، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾.
على الرغم من التوترات الواضحة في العلاقات عبر الأطلسي، فإن العالم الإسلامي غير قادر على اغتنام هذه الفرصة، فلو تم توحيد البلدان الإسلامية والتي تزيد عن الخمسين دولة تحت راية الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فإنه حينها يمكن استغلال الانقسامات في الغرب، ومنع تدخله في بلاد المسلمين. لذلك يجب على المسلمين أن يعملوا لإقامة الخلافة على منهاج النبوة وأن يتوكلوا على الله سبحانه وتعالى وأن لا يخشوا من مواجهة الوحدة الوهمية للغرب.
﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي – باكستان
وسائط
2 تعليقات
-
اللهم سدد خطى حزب التحرير واجعل اللهم أفئدة الناس تهوي إليه ولين اللهم قلوب من بيدهم القوة لنصرة دعوته.
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم