- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
انقلب السحر على الساحر
الخبر:
حذرت الاستخبارات الأمريكية في تقرير تشاؤمي نشر يوم الاثنين، من أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستواجه تزايد خطر حصول نزاعات دولية وتراجع القيم الديمقراطية بصورة لا مثيل لها منذ انتهاء الحرب الباردة. وذكر مجلس الاستخبارات الوطنية في تقريره أن التطورات السياسية والاقتصادية والتغير التكنولوجي، يضاف إليها تراجع نسبي للزعامة الأمريكية في العالم عوامل "تدعو للتفكير لمستقبل مظلم وصعب". وأضاف التقرير أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد صعوداً للتوترات داخل وبين الدول. وحذر التقرير بالقول "إن كان ذلك للأفضل أم للأسوأ فإن المشهد الدولي سيدفع عصر الهيمنة الأمريكية، بعد الحرب الباردة، إلى نهايته". (واشنطن - فرانس برس)
التعليق:
إن هذه التقارير وغيرها الكثير لتؤكد أفكارا طالما تحدثنا عنها وأشرنا إليها، فبعد انتهاء الحرب الباردة وهيمنة أمريكا على الموقف الدولي، أصبحت الحال توجب وجود قوة تنافس هذه الدولة المارقة على العالم، وقد علمت أمريكا حينها أن المرشح الأوفر حظا ليكون هذه القوة التي تجتث هيمنتها في العالم هو الإسلام، فاتخذته العدو الأول والأوحد لها وأوجدت حربا عليه بأشكال متعددة، وهي لا تزال تواجه ما توقعه العديد من مثقفيهم السياسيين من أن زوال هيمنة أمريكا على العالم سيكون على يد الإسلام.
إن هذا التقرير يشير إلى مستقبل يصفه معدوه بأنه أسود مظلم ونراه بأنه كله خير ونور، فالرأسماليون بمقياسهم القبيح يرون أن هذا المستقبل الذي يعيد الحق إلى أصحابه، يعيش فيه الناس كلهم بالتساوي والعدل المطبق عليهم بالأحكام الشرعية، فهو كله خير ونور ينشر العدل بين البشرية فيضيء الدنيا كلها بشرع من خلق البشر ويعلم بما يصلح حالهم.
إن من الأمور التي يتجاهلها أمثال هؤلاء السياسيين في تقاريرهم أن البشرية كلها تصرخ وتصيح بأعلى صوتها ولسان حالها ينادي بقلع هذا النظام العالمي المجحف القائم على مص دمائهم، فهي اليوم تنظر إلى النظام القادم بعين المتفائل المتيقن بأن زوال هذا النظام وحماته سيأتي بلا شك بنظام أفضل منه قطعا.
والأمر الآخر الذي أشار إليه التقرير هو أن العالم سيشهد صعوبات جمة وعقبات لا تعد ولا تحصى في السنوات الخمس القادمة، فإن هذا الأمر ليثير العجب عندهم فكيف يمكن لمن كان يثير القلاقل والحركات التمردية والثورات والانقلابات هنا وهناك، كيف له أن يتحمل فكرة أنه لن يستطيع التحكم بالانقلابات والتمردات ولن يستطيع حصرها مستقبلا، فهو أمر عجيب كيف أن السحر انقلب على الساحر، وكيف أن سنة الله ستتحقق فيهم فيستبدل بهم وبحضارتهم النتنة غيرهم، فهذه السنة قائمة لا محالة، وهي لا تحتاج منهم لكثير من التفكير بقدر الإدراك الحقيقي للواقع ونواميس الكون.
إن أمريكا ونظامها ما وجد ليبقى أبد الدهر أو نهاية التاريخ كما يظن مثقفوهم، بل إن هذا النظام جاء في زمن افتقرت فيه الشعوب للوعي والقدرة على تحكيم العقل والفطرة السليمة، إن هذا النظام هو مرحلة فقط، تمر بها الشعوب حتى تدرك خطأها وتبدأ بالبحث عن الصواب. وهذا ما يحصل الآن، فالشعوب بجلها تبحث عن العدل والإنصاف والسعادة الحقيقية، وعلى رأس هذه الشعوب الأمة الإسلامية التي خصها الله سبحانه وتعالى بشرعه سبحانه، فالحق سيعود بإذن الله على أيديهم، وسوف تنقلب تقاريرهم ومخططاتهم عليهم، وما ساستهم الذين نراهم اليوم إلا الورقة الصفراء التي تسقط من الشجرة بسبب موتها، فحضارتهم تشهد أيامها الأخيرة، ولم يبق عندهم إلا هؤلاء السياسيون الفاسدون ليحكموهم، وإن الأمر بيد الله ليستبدل بهم وبنظامهم نظام عدل وسعادة على كل البسيطة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح – أمريكا