- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حكام السعودية يوغرون صدور أبناء البلد على إخوانهم المقيمين
الخبر:
نشرت جريدة الحياة اللندنية صورة كاريكاتيرية في عددها الصادر بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2016 تصور العمالة الأجنبية بالجرذان التي تحول بين ابن البلد وبين فرص العمل. ورغم أن هذا الرسم قد هيج الرأي العام وانتقدته جمعيات حقوق الإنسان واعتبر مخالفا للقيم ومبادئ الإنسان المنصوص عليها في مواثيق واتفاقيات دولية صادقت السعودية عليها. إلا أن النظام السعودي لم ينكر هذا العمل ولم يحاسب فاعله، مما يدل على إقراره له إن لم يكن نتاجا للتوجه العام لهذا النظام.
التعليق:
لقد حرصت الحكومات العميلة والمحاربة للأمة الإسلامية على إيجاد التفرقة بين أبناء الأمة الإسلامية بتغذية القوميات والوطنيات والطائفية، وهذا كان ديدن الغرب الكافر الذي ما فتئ يسلك طريقة "فرق تسد" حتى يسهل عليه السيطرة على بلاد المسلمين، لأنه يعلم أنه في توحد هذه الأمة مقتل له ولعملائه الجاثمين على صدرها. هذا العمل المشين ليس مستغربا ولكنه وصل لحد وقح لا يتناقض مع مفاهيم الإسلام فقط بل وصل لأن تستنكره حتى مفاهيم الإنسانية التي يتغنى بها أسيادهم.
لقد عمل النظام السعودي على التغطية المستمرة على فساده وفشله في رعاية شؤون رعيته ومسؤوليته عن البطالة والفقر وسوء الخدمات وضيق العيش الذي يواجهه الشباب، لقد عمل على تغطية هذا الفشل باتهام العمالة الوافدة التي كان لها يد خير على أهل البلد في كل ما نراه الآن من تشييد وخدمات ينعم بها أهل الحجاز. وكلما زاد فشله سعى لتحميل هذا الفشل أكثر على العمالة الوافدة صارفا الأنظار عن المشكلة الأساسية التي يعتبر النظام والأسرة الحاكمة هم سببها.
فالثروات التي حباها الله لهذه البلد تفوق جميع بلدان العالم المتقدم ولكنها منهوبة من الأسرة الحاكمة وتنفق منها على ملذاتها ورفاهيتها بغير حساب وتحول جزءا كبيرا من هذه الثروات بطرق مختلفة لخدمة أسيادها من الدول الغربية، وما صرح به ترامب ليس بعيداً عن الواقع الحاصل منذ إنشاء المملكة (وصف المرشح للرئاسة الأمريكية المليادير دونالد ترامب، السعودية بالبقرة الحلوب، التي تدر ذهبا ودولارات بحسب الطلب الأمريكي، مطالباً النظام السعودي بدفع ثلاثة أرباع ثروته كبدل عن الحماية التي تقدمها القوات الأمريكية لآل سعود داخلياً وخارجيا)ً. (الديار، أيلول/سبتمير 2015)
لقد كان لحملة النظام السعودي على (الأجنبي) واتهامه بأنه سبب المشكلة وذلك لإلهاء أهل البلد وتنفيس غضبهم من الأوضاع المعيشية كان لها أثر محدود دفع بعض أهل البلد لأن يتبنى هذا التوجه الحكومي ويحمل على عاتقه مهمة إيغار صدور المسلمين على بعضهم (مواطنون ومقيمون) ناسيا أنه وقبل كل شيء مسلم الأصل فيه أن يكون هواه تبعا لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام. وقد غاب عن أذهانهم أن هذا (الأجنبي) المسلم هو أخ لهم وأنهم أمة من دون الناس سلمها واحد وحربها واحد، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح، يقول عز وجل: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92] فالأمة الإسلامة واحدة وذمتها واحدة وللمسلم على أخيه المسلم واجبات لا يجوز الحيد عنها، ولا بد أن تكون دائما نصب عينيه ولا يسمح لأعداء الإسلام أن يصرفوه عنها ابتغاء الإفساد، ولقد وضح رسول الله r هذه العلاقة بين المسلم والمسلم بقوله: «لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».
ولا بد من تذكير هؤلاء بأن الرزق لم يكن أبدا مرتبطاً برزق الآخرين قال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾. ولا بد أن يتنبهوا بأن أرزاق الآخرين لا تنقص من أرزاقهم فلا يتبعوا سنن الجاهلية التي كانت قبل الإسلام والتي كان يظن أن الأولاد سبب في الفقر فكانوا يقدمون على قتل الأولاد خشية الفقر، قال عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾
وأخيراً أذكر هؤلاء المتنطعين ممن كان للشيطان أثر عليهم فسلكوا طريقه، أذكرهم بقصة أصحاب الجنة الذين ابتلاهم الله بالخيرات والنِّعم فطَغَوا وبَغَوا فكان جزاؤهم أن حرمهم الله من تلك النعم في الحياة الدنيا، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ﴾ [القلم: 17-31].
اللهم إنا نسألك أن ترد كيد الكائدين في نحورهم وأن تجمع كلمة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على الحق، وأن تعجل لنا بنصر قريب تعز به الإسلام وأهله وتذل به الكفر وأهله، إنك على كل شيء قدير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مساعد بن محمد الشريف