- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تداعي نظام التعليم العلماني في هونغ كونغ
(مترجم)
الخبر:
ذكرت وكالة صباح جنوب الصين الإخبارية في 12 شباط/فبراير نبأ وفاة طالب مدرسي عقب سقوطه من أعلى سطح مبنى سكني في ما أون شان. هذه الحادثة هي الثالثة لوفاة مراهق في مثل هذه الظروف خلال ثمانية أيام. الولد الذي يبلغ 15 عاما سقط من مبنى كام بونغ في ساحة كام تاي على طريق نينغ تاي حوالي الساعة العاشرة صباحا. وفاة الولد جاءت بعد وفاة اثنين آخرين من طلاب المدارس بعد عطلة السنة القمرية الجديدة. والآن فإن مكتب التربية ينظر بجدية إلى تطبيق التوصيات من لجنة منع انتحار الطلاب، والتي تم تأسيسها بعد انتشار ظاهرة الانتحار بين طلاب المدارس بشكل كبير السنة الماضية. حيث ينظرون إلى طرق جديدة لتمكين المدارس من توفير رعاية أفضل للصحة النفسية لدعم طلاب المدارس، كما تقترح العمل بشكل أكبر على ترويج إنجازات الطلاب اللامنهجية. حيث إن هناك أكثر من 70 حالة انتحار لطلاب المدارس منذ 2013.
يعتبر كثيرون أن اللوم الأكبر يقع على نظام التعليم الشديد في هونغ كونغ، حيث يركّز كثيرا على التقييم المبني على أساس العلامات مما يشكل ضغطا كبيرا على الطلاب، حيث يؤكد الخبراء أن قضية انتحار الشباب هي قضية معقدة وأن أصولها وُجدت في وقت أبكر بكثير مما نتوقع. وقد وصفت تشان يو لينغ، وهي تلميذة شابة في مدرسة دولية، بأن المدارس المحلية أشبه ما تكون "بسجن". "لقد كانت المدرسة كالسجن بالنسبة لي. لم يكن من المسموح لي أن أتجول في الأنحاء، ولا أن أشرب الماء، أو أن آكل، أو أن أذهب إلى المرحاض، أو حتى أن أتحدث بشكل عشوائي مع أي أحد داخل الصف. لم أتمكن حتى من الركض خلال الاستراحة". وأضافت بأنها في إحدى المرات استمرت في أداء واجبها المدرسي إلى حوالي منتصف الليل.
التعليق:
إن واحدة من خصائص نظام التعليم العلماني الرأسمالي هي التركيز المبالغ فيه على مادة وكمية الإنجاز الأكاديمي. إن دولة متقدمة اقتصاديا مثل هونغ كونغ قد لا تواجه مشاكل تتعلق بنقص المرافق التعليمية، أو الطاقم التعليمي، أو توفّر الوسائل التكنولوجية في المدارس. إلا أن هذه الدولة الرأسمالية تواجه قضايا أساسية أكبر من تلك المشاكل. فعلى سبيل المثال: سوء الهدف التعليمي؛ حيث فشل التعليم العلماني في هونغ كونغ منذ محاولته لتحديد الهدف الأسمى للتعليم، وكنتيجة لذلك فشلوا بشكل واضح في إنتاج أناس يتمتعون بصحة نفسية سليمة وشخصية قوية، وعلى النقيض، فإن نظامهم التعليمي أصبح بوابات موت لجيل المستقبل.
حيث إن التعليم البعيد عن الدين، والذي أصبح سلعة للتجارة الرأسمالية، لن يكون قادرا على بناء وتطوير ورفع الكرامة الإنسانية في حياة البشر، بل على العكس، فإن النظام التعليمي أصبح خادما لتوفير الربح من أجل التجارة. بالإضافة إلى أن النظام التعليمي الذي يركّز فقط على الأهداف الفردية، سيعلم الأفراد من أجل تمكينهم من الحصول على وظيفة بهدف تحقيق النجاح الشخصي، لكن شخصياتهم ستفتقر إلى الأخلاق والكرامة. وهذا يوقع العديد من أبناء الجيل الجديد في قضايا نفسية ومشاكل مجتمعية مثل تعاطي المخدرات، والزنا، والشجارات وغيرها من القضايا. ومن الواضح أن هذا الوضع بعيد كل البعد عن إيجاد مجتمع يتمتع بحياة شريفة.
وفي هذا تناقض صارخ مع الإسلام، حيث يعرّف الشيخ نقوب العطّاس بأن: "الهدف من التعليم في الإسلام هو خلق إنسان جيد... إن العنصر الأساسي المتوارث في مفهوم الإسلام للتعليم هو غرس الأدب". فمن هو الإنسان الجيد أو المتحضر؟ فحسب وجهة نظر الإسلام، هو الإنسان الذي يعرف ربه، ويعرف نفسه، ويتخذ الرسول محمداً rقدوة حسنة له، كما يتبع سيرة خليفة رسول الله rفي الأمة، بالإضافة إلى غيرها من صفات الإنسان الجيد.
إن التعليم في الإسلام هو جهد واعٍ ومبنيّ ومبرمج ومنظم بهدف تحقيق أهداف التعليم. وقد تم رسم هدف التعليم من قبل الشريعة الإسلامية لبناء إنسان تقيّ يمتلك الشخصية الإسلامية، والتي تتكون من العقلية (الأفكار) والتصرفات (السلوكيات) المبنية على العقيدة الإسلامية، لخلق العلماء، والمفكرين، والخبراء بأعداد وافرة في كل مجال من مجالات الحياة والتي هي مصدر الفائدة للناس، الذين يخدمون المجتمع والحضارة - والذين سيجعلون من الدولة الإسلامية دولة متصدرة وقوية وذات سيادة حيث يسيطر الفكر الإسلامي على العالم. وبهدف كهذا للتعليم، فإن الجيل الذي سينتج عن التعليم الإسلامي هو جيل يتمتع بالتقوى والانقياد والطاعة لأوامر الله سبحانه وتعالى، وليس جيلا يفتقر للأخلاق وضعيفا ولا يغار على دينه. هذا هو الهدف الحقيقي الذي سيؤمّن التقدم والكرامة للمجتمع إن شاء الله.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير