الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاقتصاد الرأسمالي هو المُلام على المستويات الصادمة للفقر في بريطانيا

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

في 4 كانون الأول/ديسمبر، نشرت مؤسسة جوزيف راونتري، وهي مؤسسة خيرية لبحث وتطوير السياسة الاجتماعية البريطانية، تقريرا كشف عن المستويات الصادمة للفقر في بريطانيا. حيث بين أن أكثر من 1 من كل 5 أشخاص (14 مليوناً) يعانون من الفقر في أسوأ انخفاض يعاني منه الأطفال والمتقاعدون خلال عقود. فحسب التقرير، فإن حوالي 400,000 طفل و300,000 متقاعد كانوا يعيشون في فقر خلال السنة الماضية زيادة عن قبل 4 سنوات، ومن أن 4 مليون طفل، أي ما يعادل 30% من الشباب يعيشون في فقر في بريطانيا. حيث إن العديد منهم يفتقر إلى الحاجات الأساسية بما فيها الطعام. إضافة إلى أن حوالي نصف (46%) العائلات المكونة من والد واحد يعيشون في فقر. (الإندبندنت). وقد جاء التقرير في أعقاب استقالة كامل لجنة الحراك الاجتماعي من الحكومة سابقا هذا الشهر والتي كانت مؤتمنة بمهمة معالجة التباين الهائل في الثروة في الدولة. حيث إن أعضاءها تركوا مهامهم بسبب ما أسموه بنقص التقدم والاهتمام من الحكومة تجاه خلق "بريطانيا أكثر عدلا". وفي استفتاء جديد أجرته يوغوف نيابة عن شركة كيلوغز وجدت أيضا أن 1 من كل 4 والدين في لندن يقلق حول قدرته على توفير الطعام لأطفاله ومن أن 1 من كل 5 عليه أن يختار بين تدفئة منازلهم أو إطعام أسرهم، بوجود 14% منهم يستجيبون للمؤسسات الخيرية (بنوك الطعام) لإطعام أطفالهم. كما أن مؤسسة ذي تراسل ترست الخيرية، وهي أكبر شبكة من بنوك الطعام في بريطانيا بينت أنها وفرت حوالي 1.2 مليون طرد غذائي طارئ لمن هم في حاجة له بين 2016 – 2017. وهذه ما هي إلا صورة جزئية لأولئك الذين يعيشون في بريطانيا ويعتمدون على بنوك الطعام للنجاة.

 

التعليق:

 

إنه لمن المخزي أن يوجد في دولة هي من أغنى دول العالم والتي هي خامس أكبر اقتصاد عالميا مثل هذه المستويات المرتفعة من الصعوبات المالية بين سكانها حيث إن الملايين منهم لا يمكنهم حتى إطعام أنفسهم وعائلاتهم. وقام العديد بربط هذه المستويات المرتفعة من الفقر والحرمان بالاقتطاعات التقشفية القاسية، والتغييرات في نظام الرعاية (الاجتماعي)، وانخفاض الأجور وارتفاع تكاليف الطاقة والطعام والسكن وغيرها من الاحتياجات الأساسية. وعلى الرغم من كل هذا، فإن الذي لم يُعط الانتباه الكافي من السياسيين والإعلام هو أن النظام الرأسمالي ونموذج الاقتصاد في بريطانيا والذي تقوم عليه بريطانيا ومعظم الدول الأخرى هو المُلام الحقيقي على ارتفاع مستويات الظلم الاقتصادي والمستويات التعجيزية من الفقر الذي أصاب حياة العديدين ممن يعيشون في أوطانهم. إن نموذج النمو للرأسمالية التي تغذيها الديون تم بناؤه على الجشع والدَين اللذين أديا إلى اقتصادات متقلبة كما تسببا بأزمات مالية عالمية، حيث إن الآثار ما زالت تبتلي العديد من الدول اليوم. وإن هذا النظام الظالم القائم على أساس المصالح قد نقل الثروة من الفقراء إلى الأغنياء وهوى بالعديد من الأفراد في الديون المتعثرة. فنوادي القمار المستهترة القائمة على سوق الأوراق المالية ونظام الخدمات المالية كانت سببا رئيسيا في عدم استقرار الاقتصاد. كما أن النظام القائم على الضرائب المرتفعة كان عائقا أمام العديد من المشاريع التجارية وتسبب بإفلاس العديد منها. إضافة إلى أن خصخصة العديد من الاحتياجات الأساسية كالماء والغاز والكهرباء على أساس مبدئها حرية الملكية أخضع الناس لأسعار باهظة مُبالغ فيها مقابل الخدمات، حيث إن العديد غير قادرين على تدفئة منازلهم حتى في درجات الحرارة قارسة البرودة في الشتاء. ولا ننسى أن الحكومات الرأسمالية تدير دولها وكأنها مشروع تجاري، حيث إنها تهتم وتحسب حساب الإيرادات على الأعمال التجارية وخزائن الدولة عوضا عن تأمين الاهتمام بالفقراء والضعفاء بالتأكد من وجود من يعتني بهم وتوفير الكفاية لهم حيث يمكنهم التمتع بأمن مالي ومعيار حياة كريمة.

 

وفي الملخص، فإن النظام الرأسمالي فشل فشلا ذريعا في الاعتناء باحتياجات شعبه وبالحكم بالعدل. كما يجب على المرء أن يدرك أنه لا الاشتراكية ولا الشيوعية هما العلاج للفوضى المالية والظلم والفقر الذي تسببت بهم الرأسمالية. فما علينا سوى النظر لمستويات الفقر العالية التي أصابت دولا كفنزويلا وكوبا وفيتنام والصين...

 

إلا أنه وعلى الرغم من كل هذا فإننا لا نزال نرى حكام وقادة العالم الإسلامي المفلسين فكريا يستمرون في اعتناق هذه الأنظمة الضعيفة والفاشلة لإدارة دولهم والتي لم تتسبب سوى بالدمار الاقتصادي لشعوبهم. وكأمة إسلامية علينا أخذ الدروس من الفشل الذريع للرأسمالية والاشتراكية وغيرهما من الأنظمة التي صنعها البشر لإدارة اقتصاد الشعوب بشكل يوفر الازدهار للجميع بدلا من الاقتصار على مجموعة مختارة. يجب أن نعي أن أحكام النظام الاقتصادي الإسلامي التي أنزلها خالق الكون الله سبحانه وتعالى العالم بكل شيء والحكيم هي التي يمكنها تنظيم ثروة الدولة بطريقة عادلة وفعالة لتوفير اقتصاد سليم وعادل ولحل مشكلة الفقر. حيث إن الإسلام يركز على توزيع الثروة بدلا من الاقتصار على الإنتاج، كما أنه يرفض النظام القائم على المصلحة والمنتجات والخدمات المالية لنوادي القمار. وأيضا فإنه يمنع كنز الثروة وخصخصة المصادر الأساسية كالماء والغاز والكهرباء، ليتمكن الجميع من الاشتراك من منافعها. وأيضا فإن نظام الضرائب منخفض، وسياساته الخاصة بالإنتاج الزراعي تؤمّن استغلال الأرض بفعالية، ويتبنى أيضا العديد من السياسات والقوانين التي تساعد الأفراد على الحصول على الوظائف وتوفر لهم الاحتياجات الأساسية ومستوى جيداً من المعيشة للفقراء ــ وهذا كله هو الطريق الوحيد لمحاربة الفقر وتوفير الازدهار في بلاد المسلمين. وهذا كله لا يتحقق إلا من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والتي ستطبق هذا النظام الاقتصادي الإسلامي بشكل متكامل، بحيث يحقق الرؤية من أجل مستقبل اقتصادي زاهر في العالم الإسلامي بإذن الله.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. نسرين نواز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

وسائط

1 تعليق

  • Khadija
    Khadija الثلاثاء، 12 كانون الأول/ديسمبر 2017م 13:24 تعليق

    إن هزيمة الرأسمالية لا تكون إلا عبر قطعها من جذورها الفكرية

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع