- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ترشيح رئيس الوزراء الماليزي: المنظور الحقيقي
(مترجم)
الخبر:
في وقت سابق من هذا الشهر اتفق قادة باكاتان هارابان (حلف المعارضة) بالإجماع على تسمية تون دكتور مهاتير محمد رئيسا للوزراء إذا ما فازوا بالانتخابات العامة الـ 14 القادمة. بيد أن تعيين مهاتير يعتبر انتقاليا بينما يُنتظر الإفراج عن السيد أنور إبراهيم من السجن والعفو عنه كي يتسنى له التنافس في الانتخابات ليكون ثامن رئيس وزراء لماليزيا. وكانت تسمية مهاتير كرئيس للوزراء قد أثارت نقاشا داخل الأوساط الدينية حول ما إذا كان ترشيح زعيم الدولة مسموحا به في الإسلام.
التعليق:
أكد الإسلام منذ فترة طويلة على أن شرعية رئيس الدولة لا تتحدد إلا بالبيعة. وتستند هذه العملية أو المنهجية إلى القرآن والسنة وإجماع الصحابة. في الإسلام، يسمى الرئيس الخليفة وهو الذي يحكم بالكلية بكتاب الله وسنة رسوله. وينبغي أن يكون واضحا أيضا أن البيعة لرسول الله e، كانت بيعة على الحكم وليس على النبوة. وذلك لأن النبوة مسألة عقيدة، وليس مسألة بيعة. ومن ذلك الوقت، أصبحت شرعية قيادة الدولة الإسلامية تقوم على حقيقة استيفاء شروط البيعة.
ومن حيث ترشيح الحاكم، وعلى الرغم من أن رسول الله e لم يُرشح خليفة له في الحكم، إلا أن هذا العمل له شواهده في الإسلام زمن الخلافة الراشدة. وقد أجمع الصحابة جميعا المشاركون في بيعة الخلفاء الراشدين الأربعة على هذه الطريقة وتم الاتفاق على هذه الممارسة من قبلهم. فعند انتخاب أبي بكر رضي الله عنه، تم ترشيح أربعة من الصحابة ولكن بعد مناقشة مكثفة، أُعلن أبو بكر خليفة وفي اليوم التالي، دُعي المسلمون إلى المسجد النبوي لتقديم البيعة لأبي بكر هناك. تُعرف البيعة الأولى في سقيفة بني ساعدة بـ"بيعة الانعقاد" التي أضفت الشرعية على أن يكون أبو بكر خليفة للمسلمين في حين إن البيعة في المسجد في اليوم التالي تُعرف باسم "بيعة الطاعة" من قبل المسلمين جميعا.
رشح أبو بكر عمر بناء على تفويض الصحابة له ليحل محله وعندما توفاه الله، أُعطي عمر البيعة. لم يرشح عمر شخصا واحدا ليخلفه، بل رشح ستة من الصحابة حيث أُعطي عثمان أخيرا البيعة. وبعد مقتل عثمان، لم يكن هناك مرشح آخر إلى جانب علي بن أبي طالب لتولي الخلافة. فأُعطي علي بدوره البيعة وأصبح الخليفة. واستنادا إلى الأحداث التي وقعت، من الواضح أن المرشحين قد أُعلنوا للناس، وأن ظروف الانقياد تتجلى في كل خليفة. ومن الواضح أن عملية ترشيح وإضفاء الشرعية على القيادة في الإسلام كما كان يمارسها أصحاب رسول الله e كانت وفق كتاب الله وسنة رسوله. وبالتالي، فإن الإسلام يسمح للخليفة أو أهل الحل والعقد بترشيح من يرونه مناسبا ليكون الخليفة المقبل.
وماذا عن مسألة ترشيح رئيس وزراء ماليزيا؟ إن الفارق الأساسي بين ترشيح رئيس وزراء ماليزيا المقبل وترشيح خليفة للمسلمين هو الأساس الذي يقوم عليه نظام الحكم. في الإسلام، ترشيح الرئيس ملزم بأن يُطبق هذا الرئيس كتاب الله وسنة رسوله. في النظام الديمقراطي الحالي، فإن الدافع الرئيسي هو مجرد تغيير وجه القيادة، وليس تغيير النظام. ويكون التركيز ببساطة الهجوم على الفرد لللإطاحة به، لا النظام، لأن الفرد هو من يُزعم أنه يضر البلاد. وبناء على ذلك، فإن فكرة ترشيح رئيس الوزراء في ظل النظام الديمقراطي لا تتعلق بتغيير هذا النظام الفاسد أساسا وإنما هي تغيير وجه القيادة. وعلى الرغم من ذلك، فإذا ما نجح رئيس الوزراء المرشح في تحقيق هذا الأمر فإن شرعية قيادته في الإسلام لا تتحقق دون عملية البيعة. ولكن لا مجال مطلقا لاعتبار هذا الجانب لأن النظام هو في حد ذاته غير إسلامي! ومن الواضح أن المنظور الصحيح للنظر في هذه المسألة في ظل الإسلام ليس متعلقا بالترشيح بل بشرعية العملية الديمقراطية نفسها.
ولذا يجب أن يكون المسلمون والحالة هذه على بينة من الفخاخ الديمقراطية التي أعدها الغرب في البلدان الإسلامية على مر السنين. هذا النظام يسمح فقط بتبديل "وجوه" الحكومة ولكنه لا يسمح للنظام نفسه أن يتغير. وأية محاولة لتغيير النظام الديمقراطي إلى نظام آخر تعتبر جريمة! وقد نجح الغرب بلا شك في جعل الديمقراطية "كأسا مقدسا" للمسلمين ليؤمنوا به، وبالتالي فإن أي انتقاد أو محاولة للإطاحة بهذا النظام تُعد "خطيئة كبيرة"! ولا ينبغي لماليزيا، كبلد إسلامي، أن تكون مغمورة في مناقشة من هو المؤهل لرئاسة الوزراء، ولكن يجب أن نفهم أن الشخص الذي يستحق حكم البلاد والعالم هو خليفة، وليس رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو ما شابه. يجب أن يكون المسلمون على بينة من واجباتهم وأدوارهم، ونحن ملزمون بتنصيب حاكم للأمة الإسلامية بأكملها واستعادة نظام الخلافة بدلا من محاولة "تحسين" النظام الديمقراطي الفاسد والحفاظ على الهيمنة الغربية علينا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد – ماليزيا