- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
روسيا تبرز عنتريتها في المتوسط قبالة سوريا
الخبر:
ذكرت قناة الجزيرة ومصادر أخرى يوم الجمعة 2018/8/31 أن 26 بارجة روسية و34 طائرة حربية ستجري مناورات شرقي المتوسط قبالة سوريا ابتداءً من يوم غدٍ السبت 2018/9/1.
التعليق:
منذ أن برزت روسيا دولة كبرى لم تكن تطمع بالمياه الدافئة في المتوسط؛ فقد كانت القوة العثمانية حاجزاً ولقرون يمنع وصول روسيا القيصرية إلى البحر المتوسط. ومع تنامي القوة الروسية وبلوغها الدرجة القصوى أيام الاتحاد السوفييتي فإن موسكو لم تكن لتصل المتوسط بمثل هذه القوات البحرية بسبب سيطرة أمريكا على مياه المتوسط، اللهم إلا بعض السفن الصغيرة، وكانت لروسيا قاعدة إصلاح لوجستية في طرطوس بعيدة كل البعد عن القوة البحرية.
أما وقد ضعفت روسيا إلى حد كبير، وأصبحت تلهث وراء الغرب وتركض وراء أمريكا في حقبتي يلتسين وبوتين فإنها قد بلغت البحر المتوسط عبر تدخلها في سوريا، فصار لها فيه جيوش وسفن وبوارج، بل وحاملة طائرات. وهذا كله يكشف أن دخول روسيا إلى المتوسط ما هو إلا في إطار السياسة الأمريكية المهيمنة على العالم.
وهذه السفن الحربية الروسية الكبيرة والكثيرة في البحر المتوسط قد دخلت إليه من مضيق البوسفور حيث تركيا العضو في الناتو، وكذلك من طريق بحر الشمال والمانش الإنجليزي، أي أن تجميع هذه القوة الروسية شرقي المتوسط ما كان ليتم لو كانت دول الناتو بقيادة أمريكا تعارض ذلك، بل إن موانئ دول الناتو كإسبانيا هي من يقدم الوقود والخدمات للكثير من هذه السفن الروسية.
وهذه الحقائق تكشف عن سبب هذا التجمع الكبير للبحرية الروسية في المتوسط، فهي ضمن الاستراتيجية الأمريكية لسوريا، أي تمكين روسيا وتسهيل وصول قوتها إلى الساحة السورية لخوض آخر المعارك الكبيرة، وهي معركة إدلب، فيتم في نتيجتها، كما تخطط أمريكا، القضاء المبرم على الثورة المسلحة ضد عميلها بشار.
وإذا كان هذا الهدف الذي تشترك فيه روسيا وأمريكا واضحاً فإن من الواجب إلقاء الضوء على حقيقتين:
الأولى: أنه من العار عسكرياً على دول بحجم روسيا أن تحشد كل هذه الأسلحة الاستراتيجية والثقيلة لبضعة آلاف من الثوار سلاحهم البندقية والهاون، والأكثر عاراً أن تجتمع دول كبرى كثيرة لهذا الغرض! فإيران ومليشياتها اللبنانية وغيرها مع روسيا وجيش المجرم وتركيا، تسهل الأمور عبر فصل الفصائل المسلحة السورية الموالية لها ليكون لها الضربة الثانية بعد فصلها عن تلك التي توصف بـ(الإرهابية) والتي يخطط لضربها أولاً كما حصل في الغوطة والجنوب، ثم أمريكا التي تمتلك القواعد العسكرية في سوريا وتمد روسيا بكل المعلومات عن "الفصائل المتطرفة"، وربما تشاركها عمليات القصف، ولا يغير من الحقيقة شيئاً أن تجعجع تركيا ضد قتل المدنيين بعد أن كانت ضامناً لهم من باب الخدعة، أو أن تجعجع أمريكا باستخدام الكيماوي ثم تضرب قوات بشار ضربة جانبية لا تقدم ولا تؤخر، بل هدفها الوحيد أن تقول للشعب السوري إنها معه، وهي في الحقيقة مع بشار، ولكنها بحنكتها تدفع روسيا في المقدمة لينالها حقد المسلمين وغلهم والذي ستراه في المستقبل غير البعيد، وتنجو منه أمريكا.
فمن قمة العار أن تكون كل هذه الحشود العسكرية الروسية والدولية والإقليمية ضد بضعة آلاف من ثوار الإسلام الذين لا يملكون إلا سلاحاً خفيفاً.
وأما الحقيقة الثانية، فهي أن هذه الدول التي تسمى دولاً كبرى قد اعتادت على العنترية ضد خصمٍ صغير يتمثل في بضعة آلاف من الثوار، ولا تجرؤ، وهذا تاريخها على حرب قوةٍ كبرى تقاربها في القوة، وهذا مؤشر جبن كبير، إذ لو كانت روسيا تمتلك الشجاعة لأرسلت إلى سوريا بضعة آلاف من جنودها يقاتلون على الأرض، ولربما كان مصيرهم أخزى من وضع الجيش الأمريكي أمام المقاومة العراقية قبل أن يلتف عليها بوسائل غير عسكرية.
ومن ذلك أيضاً، من يجرؤ أن يطأ أرضنا أو يبحر في مياهنا "البحر المتوسط" لو كانت لنا دولة تذود عنا، وتبني الحصون وتدرب الجيوش ليوم كهذا؟ قاتل الله حكامنا المتآمرين مع روسيا وأمريكا، وليعلم هؤلاء بأن هذا الوضع لن يطول، وستكون "خلافة على منهاج النبوة" تنسي هؤلاء الكفار الروس والأمريكان وأعوانهم في بلادنا وساوس الشياطين، وتعيد قوة جيش الإسلام عقولهم إلى سلامة التفكير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام البخاري