- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحربُ على الكسبِ غيرِ المشروعِ لا يمكنُ كسبُها في ظلِّ الرأسماليةِ
(مترجم)
الخبر:
يومَ الثلاثاءِ الثامنِ والعشرينَ من 28 آبَ/أغسطسَ ألفينِ وثمانيةَ عشرَ 2018، تمَّ اعتقالُ نائبةِ رئيسِ المحكمةِ العليا في كينيا فيلومينا مويليو في نيروبي بسببِ مزاعمَ حولَ الكسبِ غيرِ المشروع. وتمَّ أخذُها في وقتٍ لاحقٍ إلى إدارةِ التحقيقاتِ الجنائيةِ لاستجوابِها بشأنِ مسائلِ إساءةِ استخدامِ المنصبِ والرشاوى والتهربِ الضريبيِّ. وفي يومِ الأربعاءِ، التاسعِ والعشرينَ من 29 آبَ/أغسطسَ ألفينِ وثمانيةَ عشرَ 2018، تمَّ توجيهُها إلى محكمةِ ميليماني لمواجهةِ هذه الاتهامات. ووفقاً لصحيفةِ ديلي نيشن، فقبلَ اعتقالِها، قامَ مديرُ المتابعاتِ العامةِ نورُ الدين حاجي، مع كبيرِ منفذي الجرائمِ في كينيا، جورج كينوتي، بعقدِ سلسلةٍ من الاجتماعاتِ بواسطةِ لجنةِ الخدمةِ القضائية. وقالت الصحيفةُ كذلك إنَّ هيئةَ الإيراداتِ الكينيةِ قد أبلغتْ مكتبَ المتابعاتِ العامةِ بأنَّ نائبةَ رئيسِ المحكمةِ العليا قد فشلتْ في دفعِ الضرائبِ بالإضافةِ إلى الحركةِ المشبوهةِ لمبالغَ كبيرةٍ من الأموالِ داخلَ وخارجَ الحساباتِ المصرفية.
التعليق:
منذُ أنْ اكتسبتِ "الحربُ على الكسبِ غيرِ المشروعِ" زخماً في شهرِ حزيرانَ/يونيو من هذا العام، تعدُّ القاضيةُ مويلو هي الأعلى في الرتبةِ بينَ ضباطِ القضاءِ في كينيا الذين يتمُّ القبضُ عليهم بسببِ اتهاماتِ بالفساد. إنها القاضيةُ التي كان زملاؤها في يومٍ من الأيامِ يشيدونَ بها كلاعبةِ فريقٍ قيّمةٍ بعدَ أنْ أصبحت بنجاحٍ نائبةَ رئيسِ المحكمةِ العليا في المحكمةِ العليا. وقد نقلت وسائلُ الإعلامِ مؤخراً عن النائبةِ قولَها: "نحن جميعاً مسؤولون في الحربِ ضدَّ الفسادِ، وستلعبُ السلطةُ القضائيةُ دورَها على التوالي"، وبالذهابِ مع الحقائقِ التاريخيةِ، فإنّ جميعَ المسؤولينَ العامينَ الذين استدعوا أمامَ المحكمةِ بسببِ عملياتِ تطهيرِ الفسادِ لم يُدَنْ أحدٌ منهم ولم يذهبْ أيُّ أحدٍ منهم للسجن.
إنّ هذه ليست المرةَ الأولى التي يواجهُ فيها المسؤولونَ الحكوميونَ قضايا فسادٍ مثلَ تلقي الرشاوى. ففي عامِ ألفينِ وستةَ عشرَ 2016، تعرضَ قاضي المحكمةِ العليا فيليب تونوي للاستجوابِ بشأنِ ادعاءاتٍ بأنه تلقى رشوةً كبيرةً تقدرُ بمليوني دولارٍ للتأثيرِ على قضيةٍ عريضةٍ انتخابيةٍ ضدَّ حاكمِ مقاطعةِ نيروبي السابقِ إيفانز كيديرو. تعاني السلطةُ القضائيةُ الكينيةُ من حالةٍ من الفوضى بسببِ تحقيقاتٍ واسعةِ النطاقِ في قضايا الفسادِ التي تقعُ أسفلَ اللباسِ القضائيِّ للعديدِ من قضاةِ البلاد. ففي عامَ ألفينِ وثلاثة 2003، تمَّ توقيفُ ثلاثةٍ وعشرينَ 23 من كبارِ القضاةِ على خلفيةِ ارتكابِ أعمالِ فساد، مما أجبرَهم على إلغاءِ العديدِ من القضايا التي كانت معلقة. ينبغي على المسؤولينَ القضائيينَ الذين يواجهونَ قضايا الفسادِ أنْ يكونوا دليلاً واضحًا على أنّ المؤسساتِ التي يوثقُ بها ومسؤوليتُها مكافحةُ الفساد، هي نفسُها الفاسدةُ وقد أصبحت حصونًا للقادةِ الفاسدين. إنّ هذا دليلٌ واضحٌ على أنّ الفسادَ متجذرٌ بعمقٍ في جميعِ مكاتبِ الدولة. إنّ التصريحاتِ المتكررةَ للرئيسِ كينياتا؛ "الفسادُ هو معصيةٌ لله" وأصبحَ "تهديداً للأمنِ القوميِّ" ليست أكثرَ من كلامٍ فارغٍ.
ومثلُ أيِّ نظامٍ رأسماليٍّ آخرَ، فإنّ كينيا تعاني من الفسادِ وسطَ ضباطِ الدولةِ الذينَ يُتهمونَ بارتكابِ أعمالٍ فاسدةٍ مثلَ الاختلاسِ والرشوةِ وإساءةِ استخدامِ المكاتب. هذا الفسادُ هو ظاهرةٌ قديمةٌ. حيثُ إنّ موظفي الدولةِ داخلَ الأنظمةِ العلمانيةِ يجمعونَ ثروةً من خلالِ نهبِ الخزائنِ العامةِ وجعلِ الحياةِ الاقتصاديةِ للرعايا العاديينَ قاسيةً في حينِ يزدادُ ثراءُ الزعماءِ أكثرَ فأكثر. من أجلِ هذا، فإنّ الاستقرارَ الاقتصاديَّ لن يتحققَ أبداً في البلدانِ المرتبطةِ بالأيديولوجيةِ الفاسدة.
وبما أنّ السببَ الجذريَّ للفسادِ هو الرأسماليةُ حيثُ تتظاهرُ فيها اللّجانُ بأنها تعملُ على مكافحتِها تحتَ شعارِ الأنظمةِ الرأسمالية، فإنّ الحلَّ الحقيقيَّ والملموسَ يكمنُ فقط في التخلصِ من الأيديولوجيةِ الفاشلةِ الفاسدةِ، وأنْ يستبدلَ بها أيديولوجيةٌ عادلةٌ هي الإسلامُ الذي يكونُ مقياسُهُ الوحيدُ لأعمالِ الإنسانِ هو ما قررَهُ اللهُ تعالى وليس المنفعةُ المادية. وبالتالي، يجبُ حمايةُ المجتمعِ من أيِّ أعمالٍ فاسدةٍ تغضبُ اللهَ سبحانهُ وتعالى. كما وطالبَ الإسلامُ الحاكمَ بمحاسبةِ وإزالةِ أيِّ مسؤولٍ فاسدٍ دونَ خوفٍ أو محاباة. ومن خلالِ هذهِ الأحكام؛ فإنّ الإسلامَ المجسدَ في دولةِ الخلافةِ الراشدةِ على منهاجِ النبوةِ سوفَ يقضي على كلِّ أنواعِ الشرورِ والفسادِ وينشرُ العدلَ والخيرَ في العالم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شعبان معلم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في كينيا