- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الاقتصاد العالمي رقم في مهب الريح
الخبر:
تجاوز الدين العالمي 184 تريليون دولار تعادل 225% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي عن سنة 2017.
تحتل أمريكا الصدارة بين الدول المدينة حول العالم، وبحسب "ساعة الدين" (US Debt Clock)، اليوم الجمعة، تبيّن أن دينها العام تجاوز 22.51 تريليون دولار، تليها اليابان بفارق كبير عند 12.03 تريليوناً، ثم الصين 9.54 تريليونات، وبريطانيا 3.56 تريليونات، وفرنسا 3.00 تريليونات.
التعليق:
أولا: إن الأزمات المالية الأخيرة والتي كانت بمثابة الزلزال وارتدادات الزلزال، ليست حالة فريدة في ظل هذا النظام الرأسمالي وإن تميزت بضخامة حجمها وقوتها، فقد سبقتها الأزمات الكبرى، من أزمة الكساد الكبير عام 1929م عندما انهار سوق الأسهم الأمريكية مسبباً الكساد والركود الذي عم العالم، إلى أزمة انهيار وول ستريت عام 1987م عندما خسر مؤشر داو جونز 22.6% ومنه إلى الأسواق المالية العالمية، وأزمة عام 1997م عندما حصل هبوط حاد في أسعار الأسهم في الأسواق المالية الكبرى، بدأ في هونغ كونغ فاليابان فأوروبا ثم أمريكا...
وقبلها كانت أزمة النمور الآسيوية، وأزمة 2002م حيث تراجعت أسواق المال العالمية بعد التزوير في حسابات شركة إنرون، ثم أزمة الرهن العقاري وانخفاض الدولار وارتفاع الأسعار، وأزمة الغذاء، وما لم يذكر أكثر، إذ إنه على هامش الأزمات الكبرى توجد مئات الأزمات التي طالت الدول، وليس بعيدا القول إن الأزمات هي نتاج حقيقي وحتمي للمبدأ الرأسمالي العفن.
ثانيا: لقد أخفقت النظرية الاقتصادية الرأسمالية في حل مشاكل العالم حين قامت على أساس باطل في النظرة للكون والإنسان والحياة ودور الإنسان ومكانته بين كونه عبدا لله إلى كونه مشرعا يضع القوانين على مبدأ الانتهازية والاستغلال والممارسات الربوية والتي تطورت عبر العصور من تدمير للأفراد والأسر إلى تدمير دول بأكملها، فالربا أساس ثابت في النظام الاقتصادي الرأسمالي والمشكلة الاقتصادية عندهم إنما هي مشكلة ندرة وسائل الإشباع بالنسبة للحاجات، وبالتالي هي مشكلة إنتاج وزيادة إنتاج، وهو ما يجب التركيز عليه، فكانت مؤشراتهم للاقتصاد هي مؤشرات الإنتاج كمعدل النمو والناتج القومي والناتج المحلي وغيرها هي المؤشرات الأساسية، والذي حصل عندهم أنه بدل أن يكون البحث في الإنسان وحاجاته ووسائل إشباعها وأن يكون بحث الإنتاج تبعاً لذلك، بدل ذلك ضاع الإنسان وحاجاته في ثنايا بحث الإنتاج، وتحول الأمر إلى بحث في الإنتاج غرضه تعظيم الأرباح لا إشباع الحاجات، ثم ما لبث الأمر أن تحول إلى بحث في الأرباح بمعزل عن الإنتاج، ولذلك صرنا نرى أسواق المال وما يعرف بالاقتصاد الوهمي وصارت النقود تلد النقود...
أخيرا قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ﴾ هذه حقيقة النظام الرأسمالي ونظرياته قائمة على أسس وهمية باطلة، قائمة على شفا جرف هار، حيث بنى لنفسه بيتا ضخما بلا أساس، فأي واد سحيق سيلاقيه؟ وصدق الله العظيم ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ فضلا عن حرب الله له ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾.
والخبر أعلاه يؤكد لنا بلا شك أن الدول الرأسمالية الكبرى بديونها إنما هي أوهى من بيت العنكبوت، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون﴾ بخلاف مبدأ الإسلام، المبدأ الذي تمثلت فيه قيمة الإنسان كما أراد الله له وليس سلعة أو بهيمة يباع ويشترى، وليس سنا في دولاب، بل إنسان لم يحظ بحق الإنسانية إلا في شرع الله... أما كيانه السياسي دولة الخلافة الراشدة، والتي هي فرض ربكم ومبعث عزكم وقاهرة عدوكم، فهي من طبقت تلك النظرة الصحيحة وتلك الأحكام فكانت بحق مطلبا بشريا إنسانيا وضرورة بشرية، فضلا عن كونها فرضا شرعيا وتاج الفروض.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان