- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ماكرون: نهاية التاريخ للهيمنة الغربية
الخبر:
أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون في افتتاح مؤتمر السفراء الفرنسيين بعد انتهاء عطلتهم الصيفية: "نحن لا شك نعيش حاليا نهاية الهيمنة الغربية على العالم، فكنا معتادين على نظام عالمي منذ القرن الثامن عشر يستند إلى هذه الهيمنة الغربية، ولا شك في أن هذه الهيمنة كانت فرنسية في القرن الثامن عشر بفضل عصر الأنوار، وفي القرن التاسع عشر كانت بريطانية بفضل الثورة الصناعية، وبصورة عقلانية كانت تلك الهيمنة أمريكية في القرن العشرين. لكن الأمور أخذت في التغير والتقلب بسبب أخطاء الغربيين في بعض الأزمات". (فرانس برس 2019/8/27)
التعليق:
لقد شهد شاهد من أهلها، من أهل الهيمنة الغربية الاستعمارية بأنها تحتضر، تعيش آخر أيامها، ولم تكن عصر أنوار بل عصر ظلام، إذ سادت أفكار الحرية التي حطت من إنسانية الإنسان وجعلته في مستوى البهائم، فانتشرت الرذيلة وانحلت الأخلاق، فجعلت من باريس وعواصم الغرب ومدنها حظائر فحش بكل أنواعه، وسقطت القيمة الإنسانية، وأصبحت سلعة تجارية تستغل لتحقيق المآرب الاستعمارية، وانعدمت القيمة الروحية حيث سادت العلمانية، فصارت الحياة مادية بحتة فبدأوا يستهزؤون بالدين ومن يتقيد به فأصبح منبوذا في المجتمع يُنظر له نظرة دونية ويعتبر متخلفا، وأصبحت النفعية هي مقياس الأعمال. فانفلتت الدول الغربية من عقالها كالوحوش الكاسرة لتنقض على بلدان العالم كله لتستعمرها وتنهب ثرواتها وتبيد شعوبها أو تتركها تعاني الفقر والحرمان والأمراض وذلك عندما ملكوا القوة بفضل الثورة الصناعية. فتناوبت فرنسا وبريطانيا على قيادة الهيمنة الغربية على العالم ونشر الحضارة الغربية البهيمية وتسابقتا في قتل الشعوب ونهب ثرواتها. وجاءت أمريكا لتواصل العمل الشنيع ذاته وبأبشع صوره لتفرض الهيمنة الغربية على العالم. ولكن وكما قال ماكرون بدأت الأمور تتغير وتتقلب، وهذه هي نهاية الهيمنة الغربية الشريرة بإذن الله.
إلا أن ماكرون تابع قائلا: "نحن عملنا معا في لحظات تاريخية، كذلك هناك بزوغ قوى جديدة وهي قوى اقتصادية ليست سياسية، بل دول حضارية تأتي لتغيير هذا النظام العالمي، وإعادة النظر في النظام الاقتصادي بصورة قوية، ومنها الهند والصين وروسيا، حيث تتميز تلك الدول بإلهامها الاقتصادي الكبير. وإن الصين وروسيا اكتسبتا قدرة في العالم، لأن فرنسا وبريطانيا وأمريكا كانت ضعيفة.. أعلنا خطوطا حمراء، لكنهم تجاوزوها ولم نرد، وعلموا ذلك". إن كلام ماكرون هنا مختلط وغير دقيق وغير شامل، فالهند والصين وروسيا ليست لديها حضارة يمكن أن تغير العالم، فالهند كدولة تتبنى العلمانية وتطبق القوانين الغربية وهي تبع للاستعمار الغربي وخاصة لبريطانيا ومن ثم أمريكا، وشعبها عدا المسلمين عباد بقر وفئران وقردة وغيرها من الحيوانات، فعباد الحيوانات ليست لديهم حضارة ومجتمعها طبقي عززه الاستعمار البريطاني الخبيث ليزيد من تقسيم المجتمع، فخمس شعبها أي حوالي 200 مليون ويزيد من طبقة المنبوذين، محتقرون يعملون في الأعمال الحقيرة ويمنعون من أن يقتنوا أشياء يملكها أصحاب الطبقات الأعلى. والصين ليست لديها حضارة تحملها للعالم فقد تخلت عن مبدئها الشيوعي كرسالة عالمية وتخلت عن تطبيقه في السياسة الخارجية والاقتصادية فتتبع النظام الغربي في ذلك، وليست مؤهلة لأن تصبح دولة كبرى عالميا، فما زالت دولة كبرى إقليميا. وروسيا تخلت عن مبدئها الشيوعي وبدأت تطبق المبدأ الرأسمالي من دون أن تجعله رسالة لها ولم تحدد هويتها فهي حائرة تائهة وليست لديها حضارة مميزة فهي تتأثر بوجهة النظر الغربية وعندها عقدة نقص تشعر أنها أقل من أوروبا، وكم سعت لأن تصبح أوروبية فلم تستطع، وتدين بالنصرانية الأرثودكسية وتخاف من الغرب بأنه سيقضي على الأرثودكسية وينشر النصرانية الكاثوليكية والبروتستانية، ولهذا فهي ليست مرشحة لأن تقود العالم. فذكر أن هناك دولا حضارية تأتي لتغيير هذا النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب فاستعمل كلمة "منها" فذكر تلك الدول الثلاث، وتغاضى متقصدا عن ذكر الأمة الإسلامية المرشح الأقوى لأن يقود العالم.
وذكر "أن روسيا موجودة في النزاعات كافة، وهي في طريق عودتها إلى أفريقيا وليس هذا من مصلحتنا"، وأشار إلى "مكانة بارزة خصصتها فرنسا للقارة الأفريقية في استراتيجيتها الجديدة"، وقال "لا يمكننا أن نؤسس للمشروع الأوروبي للحضارة الذي نؤمن به من دون التفكير بعلاقتنا مع روسيا ويجب ألا تكون روسيا الحليف الضعيف للصين. فروسيا مكانها في أوروبا. نستطلع استراتيجيا سبل هكذا تقارب وأن نطرح شروطنا. نحن في أوروبا وفي حال لم نعرف في لحظة ما القيام بشيء مفيد مع روسيا فإننا سنبقى على توتر عقيم وستبقى الصراعات المجمدة في كل أنحاء أوروبا، وستبقى أوروبا مسرحا لمعركة استراتيجية بين أمريكا وروسيا وبالتالي سنبقى نتلقى تداعيات الحرب الباردة على أرضنا". فهو يريد أن يحتوي روسيا ويجعلها تحت تأثير أوروبا وتسير معها كما كانت على عهد القياصرة، ولا يريدها أن تكون منافسا لفرنسا في أفريقيا حيث يشير إلى أهمية أفريقيا لفرنسا حيث تقتات فرنسا على ظهر أفريقيا، فتنهب ثرواتها وتتركها فقيرة، فهنا دول عديدة في غرب أفريقيا مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاستعمار الفرنسي، فأموالها مرهونة في فرنسا، والشركات الفرنسية تنهب ثرواتها وتجعل هذه البلاد سوقا للسلع الفرنسية. فقد فضحها نائب رئيس وزراء إيطاليا لويجي دي مايو يوم 2019/1/20 قائلا: "إذ وجد أناس يهربون (من بلدانهم) فهذا يعود لكون بعض البلدان الأوروبية لا سيما فرنسا لم تكفّ أبدا عن استعمار أفريقيا" وطالب الاتحاد الأوروبي بأن يعاقب فرنسا لأنها تدفع الأفارقة إلى الفقر. وكدليل على الاستعباد المتواصل يذكر "أن العملة النقدية لأربعة عشر بلدا في غرب أفريقيا ووسطها من السنغال عبر تشاد إلى جمهورية الكونغو والغالبية هي مستعمرات فرنسية سابقة وتستعمل الفرنك الأفريقي الذي بدأ مربوطا بالفرنك الفرنسي فترة من الزمن ليصبح فيما بعد مربوطا باليورو بتأطير من الخزينة الفرنسية" وقال "لو لم يكن لفرنسا مستعمرات أفريقية؛ لأن هذه هي التسمية الصحيحة، لكانت الدولة الاقتصادية الـ15 في العالم في حين إنها بين الأوائل بفضل ما تفعله في أفريقيا". (أ ف ب 2019/8/27)
وكان قد طالب بعودة روسيا إلى قمة السبع ولكن "بشرط مسبق لا بد منه وهو أن يتم إيجاد حل بشأن أوكرانيا على أساس اتفاقيات مينسك"، وأعلن عن "جهود فرنسية ألمانية لتنظيم دول "رباعية نورماندي" (فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا) في أيلول القادم على مستوى رؤساء الدول والحكومات لتحريك الأمور في تسوية الأزمة الأوكرانية". ولكن ترامب أكد على هامش قمة السبع في باريس ضرورة عودة روسيا إلى قمة السبع من دون شرط مسبق فقال: "هناك عمل مستمر والكثير من الناس يريدون عودة روسيا إلى مجموعتنا ولو عادت سيكون الأمر إيجابيا مع ما يشهده العالم"، وقال "ناقشنا الأمر ولا أعرف إن كنا سنصل إلى قرار أم لا ربما يتفق معي الجميع".
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور