- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
شلال دماء المظاهرات العراقية: متى سندرك أن التجربة الديمقراطية غير صالحة؟
(مترجم)
الخبر:
في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ذكرت وسائل إعلام أن حصيلة الوفيات الناجمة عن الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة في العراق، وفقا لوزارة الداخلية العراقية، وصلت إلى 109، حيث أصيب أكثر من 6000 في أقل من أسبوع، ومع ذلك، قال الأطباء إن الحكومة كانت تقلل من عدد الوفيات الحقيقية، ويطالب المتظاهرون، الذين يبلغ عددهم الآلاف، بسقوط النظام بسبب ضخامة الفساد السياسي في البلاد، فضلا عن حالة الاقتصاد المتردية، التي اتسمت بالبطالة الجماعية، ومستوى الفقر المدقع، والحالة المزرية للخدمات العامة. فبطالة الشباب وحدها، على سبيل المثال، بلغت 25% وفقا للبنك الدولي، ويعتقد أن أكثر من 300 ألف خريج عاطلون عن العمل، وعلى الرغم من أن العراق يتمتع بعائدات شهرية من النفط تزيد عن 6 مليار دولار، فإن الفساد الحكومي المتفشي، والنطاق المروع لسوء إدارة الاقتصاد من القيادات العراقية المتعاقبة، قد أديا إلى بناء المدارس أو المستشفيات أو البنية التحتية العامة للبلاد بشكل قليل جدا، فضلا عن النقص المزمن في الكهرباء وحتى المياه في بعض المدن، وردت قوات الأمن على الاحتجاجات بإطلاق الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية والذخيرة الحية، كما فرضت الحكومة حظرا على الإنترنت.
التعليق:
لقد شاهدنا هذا المأزق السياسي والاقتصادي الذي يعاني منه العراق في أفغانستان ومصر وباكستان وبنغلادش وتونس والجزائر والبلد تلو الآخر في العالم الإسلامي، فمتى سندرك أن النظام الديمقراطي المستوحى من الغرب والمفروض علينا غير صالح ولا يفي بالغرض؟ والشيء الوحيد الذي يقدمه النظام الديمقراطي هو مقبرة الوعود المكسورة والآمال والأحلام المحطمة. إضافة إلى المزيد من الفساد والفقر، والمزيد من انعدام الأمن والبطالة والتخلف، والمزيد من القمع، فإلى متى سنتحمل الإهانة المتمثلة في إلقاء فتات الإصلاح من قادتنا السياسيين الذين يأملون في خلق انطباع بالتغيير لوقف الغضب العام وكسب المزيد من الوقت لمهمتهم في السلطة، في حين إن هذه الإصلاحات لا تحقق شيئا للشعب، باستثناء المزيد من اليأس والإحباط؟ إلى متى سنقبل بواجهة الانتخابات الحرة والمفتوحة للحكام، والتي هي في الحقيقة مجرد طريقة لتنصيب الحاكم الذي يخدم الغرب في السلطة في بلادنا الذين سيحققون مصالحهم على حساب احتياجات الأشخاص، إلى متى سنكرر هذه اللعبة؟ إن الفشل الحقيقي يكمن في وضع آمالنا في هذا النظام الديمقراطي المعيب قبل أن ندرك أن هذا النموذج السياسي لن يعمل في أي وقت ولم يعمل إلا لصالح النخبة الحاكمة والثرية، مما يمكنهم من نهب الثروات، وجمع أموالهم الخاصة والتمتع بأنماط الحياة الفخمة، في حين إن الشعب يعاني...
ولا زال يجادل البعض بأننا إذا طبقنا "الديمقراطية" بشكل أفضل، وبطريقة مختلفة، مع حاكم مختلف، فإن الرخاء والعدالة والتقدم سيكون حليفنا، ولكن ما لا يدركونه هو أن أي نظام للحكم من وضع الإنسان معيب بطبيعته وسيفشل حتما، بغض النظر عن ذكاء القيادة وإخلاصها وحتى نزاهتها. وذلك لأن الإنسان بطبيعته ضعيف ومحدود في معرفته بكيفية تنظيم شؤون البشرية بطريقة عادلة ومنسجمة، وبالتالي سيميل إلى جعل القوانين متناغمة مع مصالحه الخاصة. ولقد كانت حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي من التكنوقراط فقد دخلت السلطة قبل عام، ووعد خلالها بوضع حد لفجوة الفساد والثروة بين النخبة والناس العاديين. ومع ذلك، مرة أخرى، كما هو الحال مع جميع أسلافه المثبتين في الغرب، تبع إرثهم من الفشل. وفي الواقع، أبرم صفقات مع هذه النخبة السياسية نفسها التي وضعته في السلطة، غير راغب في التراجع ومعاداتهم، خوفا من فقدان دعمهم. وفي الواقع، فإن أقدم الديمقراطيات في العالم، مثل بريطانيا، يظهر فيها حجم الفقر المتصاعد، والتشرد، والاعتماد على مصارف الأغذية، وعدم المساواة في الثروة، والبطالة، والجرائم، وبهذا يسلط الضوء مرة أخرى على فشل هذا النظام وعدم قدرة البشر على حكم المجتمع بطريقة تلبي فيها احتياجات وحقوق الجميع، ومن غير المستغرب بعد ذلك، أن الكثيرين في الغرب أصبحوا خائبي الأمل بساستهم ونظامهم السياسي.
ولذلك، فإن الفكرة القائلة بأن الديمقراطية هي الرصاصة الفضية في الازدهار والعدالة والتقدم ليست شيئا سوى خدعة وسراب، إنها ليست سوى كذبة وخداع لتهدئة الناس بشعور زائف بالأمل في التغيير، بينما في الواقع الحفاظ على الوضع الراهن كما هو، ومن المؤكد أنه واضح في منح الشعب الحق في انتخاب قادته وممثليه، في حين إن النظام لا يزال سفينة غارقة في حفرة، ولن يحل أبدا المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمسلمين.
وقال رئيس الوزراء مهدي ردا على الاحتجاجات إنه لا يوجد "حل سحري" لمشاكل العراق، وهذا صحيح ولكن مع ذلك، فإن ما يوجد، هو حل واقعي وموثوق ومجرب لمشاكل العراق وكذلك لجميع بلادنا الإسلامية، وهو الحل الذي جعل العراق حضارة مزدهرة وعادلة كما كانت مركزا للتعلم في العالم ورائدة عالمية في مجالات الابتكار والتنمية والتقدم العلمي والرعاية الصحية. لقد كانت هذه الخلافة مبنية على منهاج النبوة، نظام الله سبحانه وتعالى، العليم الحكيم. فهي قيادة إسلامية تقوم على المساءلة والوصاية والتوزيع العادل للثروة، بدلا من أن تسلب الناس ثرواتهم وتخدم مصالح القوى الأجنبية، فإذا أردنا أن نرى تغييرا حقيقيا في بلادنا، فإننا بحاجة إلى كسر حلقة الفشل هذه بنبذ الديمقراطية، وبدلا من ذلك تبني النظام الذي يحدده ربنا وخالقنا، الذي لديه وحده معرفة بالطريق إلى النجاح.
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير