- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
العَلمانيّة كالأعمى الذي يقود بصيرا!!
وقد ضلّ من كان الأعمى له هاديا
الخبر:
صوّت مجلس الشيوخ الفرنسي الثلاثاء 2019/10/29 بأغلبية 163 صوتا مقابل 114، لصالح مشروع قانون يمنع مرافقات التلاميذ خلال الرحلات المدرسية من ارتداء الرموز الدينية، بما فيها الحجاب على أن يُعرض أمام الجمعية العامة لكي يتم تبنيه بصفة نهائية. ويأتي هذا المشروع في وقت تعيش فيه فرنسا جدلا محتدما بخصوص العلمانية والحجاب في المجتمع، وغداة هجوم على مسجد بايون جنوب غرب البلاد في 28 تشرين الأول/أكتوبر، فضلا عن حادثة ديجون التي وقعت في 11 تشرين الأول/أكتوبر حيث قام جوليان أودول وهو عضو من حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، بالتهجم لفظيا على امرأة محجبة ترافق ابنها في نزهة مدرسية، طالبا منها خلع حجابها. (فرانس 24، 2019/10/30).
التعليق:
أثار الحجاب جدالاً كبيراً في فرنسا منذ عام 1989 عندما تمّ حظر ثلاث تلميذات من ارتياد مدرسة إعدادية بسبب رفضهن خلع الحجاب، ثم توالت القوانين ذات العلاقة بحظر الحجاب في المدارس الابتدائيّة والإعداديّة والثانويّة (قانون 2004228- الذي يحظر ارتداء الرموز أو الملابس التي تظهر الانتماء الديني ولكن لا يشمل الرموز الصغيرة مثل الطاقية الصغيرة كرمز لليهودية والصلبان الصغيرة كرمز للمسيحيّة!!) وصدر قانون آخر يمنع ارتداء النّقاب في الفضاء العام سنة 2010 وفيه تُغرّم المرأة المخالفة بدفع 150 يورو، هذا إضافة إلى جدل البوركيني (لباس البحر الساتر!) وقرار منع ارتدائه على الشواطئ التابعة للبلديات في آب/أغسطس 2016. مع العلم أن فرنسا قد أصبحت رسمياً دولة علمانية سنة 1905 وحظرت منذ ذلك الحين على جميع الموظفين العموميين ارتداء أي قطع واضحة تحمل دلالات دينية ومنه تُمنع موظفات الخدمة العامة من ارتداء الحجاب، وفي المقابل لا يمنع القانون مرتادات المصالح العمومية من ارتدائه. ويتراوح تطبيق هذه القوانين بين قبول ارتداء الحجاب بشروط والرّفض حسب الحالة إن كانت المحجّبة تعمل بـ أو ترتاد إدارات حكوميّة أو مؤسسات تعليمية أو شركات خاصّة أو مرشحة على قائمات انتخابيّة، ويبقى ارتداء الرموز الدينية مسموحا إلى الآن في الفضاءات العموميّة ولكن على المسلمين دفع ضريبة خطابات الساسة الفرنسيين الدّاعية للكراهية وما ينجرّ عنها من تزايد حالات الاعتداء.
تفصل العلمانيّة الدّين عن الحياة ولكن هذا المبدأ الهلامي يتحجّر حينا وينساب أحيانا فتظهر علمانية تارة صلبة وتارة مرنة متى اقتضت المصلحة ذلك. والعجب كل العجب من المسلمين الذين ارتضوا العَلمانية ويتبنّونها كقيمة إنسانية تهتم بتوحيد الناس ضمن الدولة وهي التي تحتّم عليهم العيش بشخصيّة مزدوجة وتقتضي أن يمارس المسلم حياته ببعدين خاصّ كفرد وعامّ كـ"مواطن".
إن فرنسا التي لا تقبل بالحجاب ومن ورائه الإسلام لن يغير موقفها دعوة من مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية لـ50 شخصية فرنسية من المثقفين والنقابيين والسياسيين لمسيرة في العاصمة الفرنسية باريس يوم 10 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري للاحتجاج ضد مظاهر الإسلاموفوبيا، كفانا من المواقف وردود الأفعال التي نبتغي منها بيان أن الإسلام يتماشى وَعلمانيتهم ولا يمثل خطرا على قيمهم، فلو لم يحسّوا بخطر انتشاره في مجتمعاتهم وتهديده لحضارتهم لما شنّوا كل هذه الهجمات عليه.
إن العلمانية عقيدة ووجهة نظر عن الحياة تناقض تماما عقيدة الإسلام وحضارته، والرّضا بالعلمانيّة التي تقصي الإسلام عن الحياة، هو الرّضا بالذلّة التي بدورها تولّد التبعيّة وحالة الاحتياج الدّائمة لأعداء هذا الدّين، ولن تخرج الأمّة من هذه الأزمة إلا بالوعي على بطلان الأنظمة العلمانية ومن ثَم رفضها ولفظها والعمل على تطبيق الإسلام تطبيقا كاملا شاملا في الحياة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش