- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أمريكا تنذر وتعاقب العملاء في أفغانستان!
هل اقترب موعد تسليمها الحكم لطالبان؟!
الخبر:
قام وزير خارجية أمريكا بومبيو بزيارة أفغانستان يوم 2020/3/23 واجتمع مع رئيسها أشرف غاني ومنافسه عبد الله عبد الله، إذ أعلن كل منهما فوزه في الانتخابات الرئاسية وقال: "نأسف بشدة لأن غاني وعبد الله لم يستطيعا الاتفاق على حكومة تشمل جميع الأطراف" مضيفا "إن إخفاقهما أضر بالعلاقات الأفغانية ويهز للأسف مصداقية الأفغان والأمريكيين وشركاء التحالف الذين ضحوا بحياتهم وأموالهم" وقال: "نعلن اليوم ضبطا يتحلى بالمسؤولية إنفاقنا في أفغانستان وخفضا فوريا للمساعدات بقيمة مليار دولار هذا العام. ونحن مستعدون لخفض مليار آخر في 2021.. سنراجع أيضا كل برامجنا ومشروعاتنا لتحديد تخفيضات إضافية".
التعليق:
أمريكا ترسل وزير خارجيتها على عجل في زيارة خاطفة لأفغانستان استمرت ثماني ساعات ونصف الساعة ليقوم بالاتصال المباشر مع الأطراف المتنازعة على الكراسي المكسرة، وسط امتناع السياسيين عن الاتصالات المباشرة، لتدلل على أن الأمر جلل ولا يقبل التأجيل والحديث عبر فيديو من بعيد. وذلك يدل على مدى تعثر السياسة الأمريكية لإنهاء أطول حرب في أفغانستان، ولولا تنازل طالبان وعقدها اتفاقات مع أمريكا لزادت التعقيدات في وجه أمريكا. ولهذا لم تجد ملجأ إلا الاتصال بطالبان مرة أخرى والاتفاق معها على شيء لم يعلن عنه؛ ففي طريق عودته من أفغانستان هبطت طائرة بومبيو في قاعدة عسكرية في قطر لمدة 75 دقيقة والتقى مع كبير مفاوضي طالبان الملا بردار. وكأنه بهذا اللقاء مع العقوبات المالية يهدد العملاء في أفغانستان إذا لم تتفقوا سنأتي بطالبان مرة أخرى!
لقد تكرر هذا السيناريو عندما خرج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، فصاغت أمريكا الوضع السياسي من أمراء الحرب المجاهدين رباني وحكمتيار ومجددي وشاه مسعود وغيرهم، ولكن الصراع استمر بينهم، وكانت تريد حكما مستقرا هناك تابعا لها يمرر سياساتها في المنطقة، وكان الصراع دمويا بينهم واستمر سنوات، فحركت أمريكا عميلتها باكستان لتوجد حركة جديدة تسيطر على الحكم لترتبط بها عن طريق باكستان وتكون عميلتها السعودية الممول لهذه الحركة. فانطلقت حركة طالبان مزودة بأسلحة ثقيلة من باكستان عام 1994 للتخلص من أمراء الحرب المتصارعين حتى هزمتهم وسيطرت على العاصمة عام 1996 واعترفت بها باكستان والسعودية والإمارات والأمم المتحدة التي منحتها مقعدا فيها وكانت تتفاوض معها. فاستقر الحكم حتى عام 2001، ولكن عندما رأت أمريكا أن طالبان لا تمتثل لها بالتمام في مشروع مد أنابيب النفط والغاز من آسيا الوسطى ولم تطرد المقاومين لأمريكا من أفغانستان، وقد رسمت سياسة جديدة للبلاد الإسلامية للاستيلاء عليها وإعادة صياغتها تحت مسمى الشرق الأوسط الكبير، فقامت باحتلال أفغانستان في نهاية عام 2001، وقد تذرعت بهجمات نيويورك يوم 11 أيلول 2001. وأعقبتها باحتلال العراق عام 2003 بذريعة حيازته أسلحة الدمار الشامل، وقد اعتبرها ترامب ذريعة كاذبة.
ولكن أمريكا فشلت في مشروعها بسبب المقاومة الشديدة لاحتلالها من أهل البلدين المسلمين، فاضطرت للإعلان عن الانسحاب من العراق عام 2008 بعد توقيعها اتفاقية أمنية مع عملائها في العراق تضمن لها النفوذ والتدخل في أي وقت بصياغتها دستورا ووضعا سياسيا تمسك خيوطه بيدها.
وأعلنت أنها ستنسحب من أفغانستان ولكن لم تتمكن من فعل ما فعلته في العراق، فطلبت من قطر عام 2013 فتح مكتب لطالبان للاتصال بها وعقد مفاوضات معها، وقد نجحت في ذلك بعد تنازل طالبان عن شروطها بعدم المفاوضات مع أمريكا قبل الانسحاب وعدم الاعتراف بحكومة كابول التي تصفها بالدمية بيد أمريكا.
فقد أعلن عن توقيع اتفاق بينهما يوم 2020/2/29 يتضمن سحب أمريكا وحلفائها لقواتهم خلال 14 شهرا. وتقوم أمريكا بخفض قواتها إلى 8600 عنصر خلال 135 يوما، وستعمل مع كافة الأطراف على الإفراج عن 5 آلاف سجين للحركة، وبدء الحركة بمفاوضات مع مختلف الفصائل والأطراف الأفغانية في 2020/3/10، وتتعهد طالبان بعدم استخدام الأراضي الأفغانية من أية جماعة أو فرد ضد أمريكا وحلفائها، وسيكون وقف دائم وشامل لإطلاق النار، وستبدأ أمريكا بالتواصل الدبلوماسي مع الأعضاء الآخرين بمجلس الأمن الدولي وأفغانستان لإزالة أفراد طالبان من قائمة العقوبات وذلك بحلول 2020/5/29. وستمتنع أمريكا وحلفاؤها عن التهديد واستخدام القوة ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لأفغانستان والتدخل في شؤونها الداخلية.
وكانت ترد في الاتفاق عبارة "إمارة أفغانستان الإسلامية التي لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة والمعروفة باسم طالبان". فوقعت الاتفاقية بهذا الاسم. ومعنى هذا أن أمريكا تعترف بها ضمنيا وليس رسميا إلى أن تحين الظروف التي ترى فيها الاعتراف بها رسميا إذا أثبتت التزامها بالاتفاق.
ولهذا قام الرئيس الأمريكي ترامب بعد توقيع الاتفاق وأجرى مكالمة هاتفية مع برادر رئيس المكتب السياسي لطالبان يوم 2020/3/3 ووصفها بأنها جيدة، وقال يوم 2020/3/7: "القوات الأمريكية كانت تقتل الإرهابيين في أفغانستان بالآلاف، والآن حان الوقت لشخص آخر للقيام بهذا العمل، وستكون طالبان، وقد تكون دول محيطة" أي بجانب طالبان يشير إلى باكستان لتواصل قتال الجماعات المقاومة للنفوذ الأمريكي في المنطقة. وقال ترامب "ربما تستعيد طالبان الحكم في أفغانستان، إنه ليس من المفترض أن يحدث ذلك، لكنه أمر محتمل".
وإذا نظرنا إلى اتصال بومبيو مرة أخرى بطالبان بعد فشله حتى الآن بجمع غاني وعبد الله على مشروع حكومة واحدة، وإذا ربطناه بالاتفاق الذي تم بين طالبان وأمريكا وبتصريح رئيسها ترامب باحتمال وصول طالبان إلى الحكم وبإعلان أمريكا خفض المساعدات بمليار دولار، وهو رقم كبير، وهي تسعى لخفض النفقات والمساعدات في الخارج منذ حصول الأزمة المالية عام 2008 وسياسة ترامب صاحب العقلية التجارية هي خفض النفقات حيث قال أنفقنا 7 تريليونات في الشرق الأوسط بلا طائل، حان الوقت للتخلص من ذلك، فوجدت فرصة مناسبة للتخلي عن إعطاء المساعدات التي أرهقتها، وخاصة إذا جاءت طالبان إلى الحكم فلا يحتمل أنها ستقدم مساعدات مباشرة كبيرة. كل ذلك مؤشرات قوية باحتمال قرب وصول طالبان إلى الحكم.
وتنازع غاني وعبد الله يزيد من تعقيد المشهد السياسي في أفغانستان أمام أمريكا ويبرز فشلها وعبر عنه بومبيو باهتزاز المصداقية! وقد حصل سابقا مثل ذلك التنازع وقد حله وزير خارجية أمريكا السابق كيري عام 2014 بأن أحدث لعبد الله عبد الله منصبا غير موجود في الدستور وغير معروفة صلاحياته اسمه "كبير الإداريين التنفيذيين" ولكن أمريكا الآن قد تكون في غنى عن ذلك بعد اتفاقها مع طالبان باحتمالها بديلا.
وعبد الله عبد الله عريق في خدمة الأمريكان لتحقيق مصالحه الشخصية كغيره من العملاء، إذ تولى حقيبة الخارجية بعد الاحتلال في حكومة كرزاي منذ 2001/12/22 إلى 2006/3/21، وكان وزير خارجية في حكومة تحالف الشمال بزعامة برهان الدين رباني وشاه مسعود التي تحالفت مع أمريكا ضد نظام طالبان.
فما يؤسف لما تفعله طالبان؛ فهي كأغلب الحركات الإسلامية تخدع نفسها وأتباعها عندما تقع تحت الضغوطات وتحت الإغراءات فتبرر لنفسها تقديم التنازلات، فتفوت فرصة هزيمة العدو هزيمة نكراء وفرصة وصول الإسلام إلى الحكم. ولكن كلها تبقى مؤقتة حتى يأذن الله بوصول الحركة المبدئية المخلصة الواعية الثابتة بالقول الثابت لتقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
#أفغانستان
Afghanistan#
Afganistan#