- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حق العودة في الذكرى الثانية والسبعين للنكبة
الخبر:
في السادس من شهر رجب عام 1367 للهجرة، الموافق 15 أيار/مايو عام 1948 أعلنت عصابات يهود في فلسطين إقامة دولة لليهود بعد انسحاب القوات البريطانية من فلسطين.
التعليق:
يحيي أبناء فلسطين هذه الذكرى الأليمة في كل عام منذ عام 1949 فيما يسمى ذكرى النكبة التي أدت إلى تهجير أهل فلسطين وتشريدهم ومن ثم توطينهم في مخيمات وملاجئ في البلاد المجاورة، لبنان وسوريا والأردن ومصر والعراق وفيما سُمي الضفة الغربية التي كانت تحت قيادة الدولة الحديثة آنذاك التي أطلق عليها مملكة شرق الأردن فيما عرف من بعد بالمملكة الأردنية الهاشمية، وفي قطاع غزة، وهذا التاريخ غني عن التعريف وأحداثه غنية عن التذكير، ولكن الذي ينبغي الوقوف عليه هو أعراض هذه النكبة وما آلت إليه الأمور من حيث النظرة لما يسمى قضية فلسطين.
فالناس؛ سواء من أهل فلسطين أو غيرها، ينقسمون من حيث النظرة إلى القضية إلى أقسام ثلاثة.
1- العملاء والمطبعون ومنهم البراغماتيون، وهم الذين يرون واقع الاحتلال ويعتبرونه مع مرور الزمن جزءا من المنطقة جغرافيا وسياسيا ويطالبون بالتعايش مع المحتل الغاصب، والحمد لله أنهم قلة من المجتمع منبوذة، ويتصدرهم الطبقة السياسية العميلة، ويتبعهم الأبواق المأجورة من الإعلاميين ومن يسمون أنفسهم الأدباء من العلمانيين المضبوعين بالثقافة الغربية.
2- والقسم الثاني هم غالبة العامة من الناس الذين تحركهم المشاعر، فهم لا يزالون يعتبرون أن يهود محتلون ومغتصبون، ولكن هذه الفئة سلَّمت قيادتها أو رضيت وسكتت عن قيادة المنتفعين والعملاء، فسَهُل استغلال مشاعر هؤلاء أو أغلبهم من الفئة الأولى. وحيث إنهم لم يكن لديهم فكرة صحيحة وطريقة سليمة للتغيير، أدى هذا الجهل إلى انخفاض مستوى المطالب مع مرور الزمن، حتى أصبحوا يكتفون بمقولة حق العودة، وإعادة المهجرين، والتفاوض على أراض والقبول بالحلول المفروضة عليهم بالمكر والدهاء الذي يمارس ببشاعة وفظاعة لتركيعهم وإكراههم على القبول بما يطرح من حلول سواء ما سموها مرحلية أو نهائية، فكلها يصب في مصلحة العدو الكافر الغاصب. ومنهم من تم ترويضه حتى بات مستعدا للتعايش مع الغاصب بشروط ارتجالية، أو المشاركة في حكومة ديمقراطية، شرط أن لا تكون الغلبة فيها لدين أو لطائفة، ويعتبر أن هذا الحقَ مكتسب ولا يصح التراجع عنه، ويتم طرحه كأحد الحلول، وعلى غرارها ما يسمى بحل الدولتين، بحيث يعطى يهود الجزء الأكبر من فلسطين، ويعطى أهل فلسطين دولة على بقع متفرقة من أراضي فلسطين المحتلة. فبعد أن كان المطلب إبان انطلاق المنظمات لتحرير فلسطين أو قبلها هو تحرير كامل التراب من البحر إلى النهر، أصبحت المطالب لا تزيد عن كيان ودولة مسخ حارس لدولة يهود على تسعة أعشار الأراضي المقدسة فلسطين.
3- وأما الفئة الثالثة فهي تلك الفئة الثابتة على الحق الموروث منذ فتح جيوش المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب لهذه البلاد التي أصبحت بلادا إسلامية فلا تسقط قدسية الأرض ولا ملكيتها للمسلمين بالبراغماتية ولا بالتقادم، ولا تنفك عنها على مدى الدهر صفة الأرض الإسلامية المقدسة التي يُبذل في سبيل تحريرها الغالي والنفيس. هذه الفئة هي الفئة المبدئية التي تحمل الإسلام رسالة هدى ونور للعالمين، تعمل لقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة وتبشر بها، تلك الدولة التي ستسير الجيش الإسلامي لتحرير فلسطين، ومن وراء فلسطين أختها الأندلس المغتصبة، وبقية بلاد الإسلام التي حكمها الكفر وتجبر فيها الظالمون، بل وستحاصر روما وتفتحها إن شاء الله كما بشر بذلك الحبيب المصطفى e.
فإلى العمل مع هذه الفئة المنصورة بإذن الله ندعوكم أيها المسلمون، فإنه لا سبيل لكم إلا هذه السبيل التي أرشدكم إليها رسول الله عليه الصلاة والسلام. فإن إقامة الدولة هو مفتاح الحل وبابه ومصراعه، ولا سبيل غير ذلك إلا أن يشاء الله.
والله ولي التوفيق وهو الناصر والقاهر فوق عبادة، وهو وليكم ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا