- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فقدان الرؤية البحرية الإسلامية يجعل البلدان الإسلامية متفرجة فقط
على الصراع في بحر الصين الجنوبي
(مترجم)
الخبر:
في الأشهر الأخيرة وسط تفشي فيروس كورونا، أفادت التقارير أن القوات البحرية الصينية أجرت مناورات مكثفة في بحر الصين الجنوبي، الذي كان مسرحاً لعدة مطالبات إقليمية متداخلة ومتنازع عليها. أجرت سفينة الأبحاث بالحكومة الصينية هاييانغ ديتشى 8 مسحا بالقرب من كابيلا الغربية التي تديرها بتروناس الماليزية مما خلق توترا مع الحكومة الماليزية. وفي حادث آخر، أغرقت سفينة مراقبة بحرية صينية سفينة صيد فيتنامية في مياه متنازع عليها. وعلى الرغم من أن إندونيسيا والصين لم تشهدا أي نزاع بحري حديث، فقد أجرت إندونيسيا تبادلاً حاداً مع الصين في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير بشأن تسيير دوريات في بحر ناتونا الشمالي، قبل أن يتضح حجم تفشي فيروس كورونا.
ومع ذلك، فإن تفشي الفيروس قد ضرب بشدة اقتصادات جنوب شرق آسيا، حيث شهدت دول جنوب شرق آسيا خفض ميزانيات الدفاع تماما كما التهديدات البحرية تبدو في تزايد وخيم كما ذكرت "المترجم". فقد أعلنت إندونيسيا، مثلا، أنها ستخفض ميزانيتها الدفاعية هذا العام بنحو 588 مليون دولار. وبالمثل، خفضت تايلاند مخصصاتها الدفاعية بمقدار 555 مليون دولار. وتواجه كل من ماليزيا وفيتنام والفلبين ضغوطاً مماثلة. إن انخفاض الإنفاق الدفاعي سوف يعني دائماً تسيير دوريات أقل في البحر.
وذكرت صحيفة آسيا تايمز أنه بينما قد تكون الصين قد سرقت مؤخرا مسيرة كوفيد-19 في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، فإن الولايات المتحدة تتراجع عن طريق استعراض تعويضي للقوة لتأكيد التزامها بأمن المنطقة البحرية. وفي أواخر نيسان/أبريل نشر البنتاغون سفن أوس فورس بانكر هيل والسفينة الأمريكية والسفينة الحربية الأمريكية بارب في بحر الصين الجنوبي وهو استعراض استثنائي للقوة وفقا لما ذكره محللون استراتيجيون. ورافقتهم فرقاطة "إتش بي إس باراماتا" التابعة للبحرية الملكية الأسترالية. وكانت أمريكا قد رفعت مستوى المدمرة الأمريكية رافائيل بيرالتا آرلى بورك على بعد 116 ميلا بحريا من الساحل الصيني بالقرب من شانغهاي وهي ثاني مدمرة أمريكية تشاهد في البحر الأصفر الشمالي في أقل من شهر، ومن المهم أن السفن موجهة للعمليات المضادة للطائرات والهجوم.
التعليق:
إن بحر الصين الجنوبي هو مركز جغرافي سياسي استراتيجي للغاية اليوم. لقد أصبح البحر ساحة معركة للقوى البحرية الكبرى، أي أمريكا والصين، فضلا عن موقع يوحد محور القوة في بلدان شرق وجنوب شرق آسيا. يعد بحر الصين الجنوبي أحد أكثر القضايا سخونة في العقدين الماضيين الذي تهيمن عليه النزاعات الحدودية البحرية والمطالب الإقليمية من جانب الدول المحيطة.
لقد تجاهلت كل من الصين وأمريكا القانون البحري الدولي، ولكن الغريب أنهما تتصرفان بشكل متفوق في دعم الأمن البحري في المنطقة. وفي الوقت نفسه، لم تتمكن ماليزيا وإندونيسيا وبروناي دار السلام، بوصفها ممثلة للبلاد الإسلامية حول بحر الصين الجنوبي، من فعل أي شيء رداً على العدوان الصيني والتفاعل الأمريكي. ولا تزال هذه البلدان الثلاثة تتصارع مع القضايا التقنية المتعلقة بالحدود البحرية، والضعف الاقتصادي، والخضوع السياسي لتفوق الصين وأمريكا، مع وجود مواقف دفاعية بحرية متخلفة كثيراً عن هذين البلدين.
ينبغي أن يجعلنا شهر رمضان هذا نفكر: لماذا يحيط الضعف دائما بالبلدان الإسلامية؟ لماذا لا نستطيع إلا أن نكون متفرجين على إظهار قوة دول الكفر الخارقة التي لها بصمة سوداء في السجلات التاريخية للقتال ضد المسلمين وقمعهم؟ هذا على الرغم من أن التاريخ قد سجل العديد من الإنجازات البحرية الرائعة للمسلمين. أحد الإنجازات الأولى التي تحققت في شهر رمضان 53هـ في عهد مؤسس البحرية الإسلامية - الخليفة معاوية - وهو غزو جزيرة رودس في البحر الأبيض المتوسط. جزيرة رودس هي أكبر جزيرة في أرخبيل دوديكانيز والجزيرة الرئيسية في أقصى شرق اليونان حاليا في بحر إيجة.
في الواقع، يشبه موقع بحر الصين الجنوبي موقع البحر الأبيض المتوسط في العصور الوسطى. فكلاهما ساحة حيوية للطعن في القوى العظمى في عصرها. في البحر الأبيض المتوسط خلال العصور الوسطى، كانت القوى العظمى هي الإسلام والبيزنطية واللاتينية. إذاً، ما الفرق بين ذلك والوضع اليوم في بحر الصين الجنوبي؟ من الواضح أن الأمر مختلف جدا. في ذلك الوقت، كان المسلمون تحت قيادة الخليفة حيث كانت الرؤية البحرية الإسلامية حاضرة بقوة للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط والهيمنة عليه، بينما اليوم يغطي الضعف جميع أنحاء البلاد الإسلامية. هذا إلى جانب غياب السلطة الأساسية للدولة في الإسلام التي سببها هدم الخلافة العثمانية في عام 1924م وأعقب ذلك تفكك هذه الأمة إلى العديد من الدول القومية بسبب الطائفية، فضلاً عن هيمنة الرأسمالية الديمقراطية التي أصبحت النظام العالمي اليوم.
واستمرت الرؤية البحرية الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط في وقت لاحق في تبني مبدأ السياسة الخارجية الإسلامية - التي تقوم على مبادئ الدعوة والجهاد. أصبحت قوة الأسطول الإسلامي من المسلمين واحدة من القوى العظيمة والمنتصرة في ذلك الوقت، وكانت الذروة خلال الإمبراطورية العثمانية. كانت هناك رموز جهادية بحرية للمسلمين كانت أسماؤهم فقط تخيف أعداء الإسلام. وهم حيدر الدين بربروسا، حسن خير الدين، كيليج علي، بيري ريس، حسن أث ثوسي، زاغانوس باشا، وتورجوت ريس. تحت راية الجهاد الإسلامي، انتشرت دعوة الإسلام بشكل فعال عبر البحر الأبيض المتوسط. بل إن هذه الاستراتيجية قد تم إعدادها بجدية منذ عهد معاوية بن أبي سفيان. فقد كان لريادة أسطول المعاوية تأثير كبير على البحر الأبيض المتوسط، مما جعل البحرية الإسلامية تشكل تهديداً حقيقياً للإمبراطورية الرومانية الشرقية. في عهد معاوية، قامت الجيوش الإسلامية لأول مرة بحملة لفتح على القسطنطينية. نجح معاوية في وضع نفسه باعتباره واحداً من البحريين البارزين، وليس مجرد متفرج مثل حكام المسلمين اليوم.
لقد حان الوقت لحكام المسلمين حول بحر الصين الجنوبي إلى إعادة تبني الرؤية البحرية الإسلامية التي ستحرر أراضيهم وبحارهم من الخضوع للكفار، مع سيادة الأحكام الإسلامية. إنها رؤية تجعل من تشجيع الإيمان والجهاد والتقوى أساسا لها، وليس الجشع والاستعمار الاقتصادي كما يحدث اليوم. لنتذكر فضائل الجهاد في المحيط من كلمات الرسول الله e: «غَزْوَةٌ فِي الْبَحْرِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ غَزَوَاتٍ فِي الْبَرِّ، وَمَنْ أَجَازَ الْبَحْرَ فَكَأَنَّمَا أَجَازَ الأَوْدِيَةَ كُلَّهَا، وَالْمَائِدُ فِيهِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ». (رواه النسائي في السنن الكبرى)
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير