- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمارات وكيان يهود مسخان من إنتاج بريطانيا
الخبر:
تناقلت وسائل الإعلام أن أمريكا أعلنت عن اتفاق وشيك التوقيع بين الإمارات وكيان يهود، فيما أعلن نتنياهو أن دولا أخرى ستتبع الإمارات قريبا، في حين ذكر محمد بن زايد أن الاتفاق سيوقف ضم يهود لأراض فلسطينية.
التعليق:
لا شك أن إعلان ترامب عن اتفاق بين الكيانين هو محصلة أعمال سياسية كثيرة، وزيارات وتنسيق منذ زمن بعيد. أما الإعلان الآن وفي هذا التوقيت فلا شك أنه يتعلق إلى حد كبير بتحسين وضع ترامب الانتخابي حيث تظهر نتائج الاستطلاع في أمريكا تقدم منافسه الديمقراطي بايدن بنسبة كبيرة، ما يدفع ترامب وحزبه إلى البحث عن انتصارات خارج حدود أمريكا بعد أن بدأت جائحة كورونا والضائقة المالية وازدياد نسبة البطالة تطارده داخليا. ثم إن محاولات ترامب استعداء الصين وفرض حرب باردة عليها لم تأت بثمارها. فلم يبق له ولساسته إلا مسرح الشرق الأوسط الذي تفرض أمريكا فيه ما تريد. كما أن نتنياهو نفسه يعاني أزمة سياسية بسبب ازدواجية الحكم عنده وعدم تمكنه من الحصول على أغلبية كافية لتفرده بحكم كيان يهود، فجاءت هذه الخطوة لعلها ترفع أسهمه، والتي تأثرت كثيرا بملفات الفساد التي ما فتئت تطارده. أما ابن زايد فليس له من الأمر شيء إلا أن يؤمر بالتوقيع فلا يتردد!
أما الدول التي سارعت إلى الشجب والاستنكار فهي كمن قال الله تعالى فيهم: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾. فالسلطة الفلسطينية لم يعتريها الخجل حين اتهمت الإمارات بالخيانة وطعن القضية من الخلف، وهي التي طعنت فلسطين من الأمام وركبت موجة الخيانة منذ وجودها. أما تركيا فقد غضت طرفها الأكبر عن سفارة كيان يهود في أنقرة وسفارتها في تل أبيب والعلاقات التجارية القائمة حتى هذا اليوم بين الطرفين، ونظرت من طرف خفي إلى اتفاقية الإمارات ويهود، وكأنها رائدة جيوش التحرير التي ستزحف إلى فلسطين!
أما تصريح ابن زايد عن إصراره على وقف أعمال ضم كيان يهود للأراضي الفلسطينية، فكأنه لا يعلم كم بقي من هذه الأراضي لم يتم ضمه بعد، وأن فلسطين التي نتحدث عنها ويعرفها كل فلسطيني وعربي ومسلم هي عكا التي أوقفت زحف نابليون، وحيفا التي زخرت بمساجد الأيوبيين، ويافا وطبريا وصفد إضافة للقدس كل القدس وليس فقط 144 دونما والتي يصر عليها المتهافتون على التطبيع. فتستره خلف ادعاء الضم كمن يتستر بورقة توت إن ستر بها قُبُله، بان دُبُره، وإن ستر دبره بان قبله، وكلها عورات لا يسترها إلا لباس التقوى والعفاف والطهر، وكم هو وأضرابه بعيدون عن هذا الستر.
ونعود إلى الإعلان الرسمي عن نقل العلاقة مع يهود من السر إلى العلن. فلا يخفى على أحد أن بريطلنيا هي التي أقامت كيان يهود في قلب البلاد الإسلامية، ليكون رأس حربة للغرب الكافر يستعمله لتحقيق مصالحه المتمثلة بالحيلولة دون إقامة الدولة الإسلامية. ومن أجل ضمان استمرار كيان يهود بالقيام بمهامه، فقد عمدت بريطانيا على إنشاء كيانات هزيلة تحيط به تكون أهم مهامها حمايته من أبناء الأمة الذين لن يقبلوا به حتى ولو كان في عرض البحر. وقد تمكنت بريطانيا ومعها فرنسا ومن ثم أمريكا من إنشاء هذه الكيانات الهزيلة والتي مكنت لقيام كيان يهود ابتداء حين وافقت على قرار الهدنة عام 1948، ثم خاضت حربا وهمية مع الكيان ومكنته عام 1967 من احتلال ما تبقى من فلسطين وزيادة عليه سيناء والجولان، ومن ثم حرب 1973 والتي سمحت لمصر لتكون أول دولة عربية رسميا تعمل على تثبيت وشرعنة كيان يهود، ثم تبعتها منظمة التحرير في أوسلو، والأردن في وادي عربة سنة 1994. وكل ذلك بناء على جداول زمنية محكومة بظروف سياسية وأعمال عسكرية. ومن ثم أعلنت جميع الدول العربية عن عزمها على متابعة ما أقدمت عليه مصر والأردن والمنظمة من خلال مبادرة الأمير عبد الله (ملك آل سعود لاحقا). وهكذا ثبت بدون أدنى شك أن جميع هذه الكيانات جاهزة في أي لحظة تتوافر الظروف المناسبة لتنضم لنادي التطبيع والخنوع علنيا وتعلن عن عزمها توقيع اتفاقيات علنية مع كيان يهود. فهذه الكيانات الهزيلة في البلاد العربية خاصة إنما نشأت بالكيفية نفسها التي نشأ بها كيان يهود، بناء على قرارات من وزارات الخارجية في لندن وباريس ومن ثم في واشنطن. الفرق هو أن كيان يهود تم التوافق على جعله هو الأقوى والأقدر والأهم، وباقي الكيانات تعمل على تقويته وحمايته وتثبيته.
لذلك ليس مستهجنا ولا مستغربا أن تقدم الإمارات على ما أقدمت عليه. فهي قد وجدت وأصبحت دولة بقرار من بريطانيا كما هو حال كيان يهود. وهي تخدم مصالح من أنشأها سياسيا وماليا وفكريا. وحين أعلنت عن موافقتها على عقد اتفاق مع يهود لم يكن ذلك بإرادة منها، ولم يكن بمقدورها تقديم ولا تأخير هذا الاتفاق، فهو بالنسبة لها مثل القدر الذي لا يُرد. ولن يكون حال باقي الدول في المنطقة مختلفا سواء أعلن عن ذلك نتنياهو أم لم يعلن. فكل واحد من هذه الكيانات سيقوم بنفس ما قامت به الإمارات ولكن حين يحين دورها المرسوم لها.
أما ما يسمى حقوق أهل فلسطين وقضية فلسطين فهناك حق واحد لا غير؛ وهو إزالة كيان يهود مطلقا، والذي يتطلب إزالة جميع الكيانات التي نشأت لحمايته وتثبيت وجوده، كما يتطلب إنشاء كيان واحد من جنس الأمة، عقيدتها وثقافتها، وحضارتها، وفكرها... كيان قادر ليس فقط على تحدي وإزالة العدو المباشر بل وكما جاء في محكم التنزيل ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ﴾.
فالكيانات التي نشأت بعد إزالة دولة الخلافة وتفتيت أرضها بما فيها كيان يهود هي أشكال مختلفة للواقع نفسه، والحل الوحيد لها هو إزالتها وإنشاء دولة الخلافة على منهاج النبوة مكانها.
﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد جيلاني