- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الرّدّ على الإساءة للرّسول ﷺ ردّ دولة لا ردّ أفراد
ردّ السّلطان عبد الحميد نموذجا
الخبر:
أعلنت صحيفة "شارلي إيبدو" السّاخرة الفرنسيّة الثّلاثاء إعادة نشر رسوم الكاريكاتور للنّبيّ محمد الأربعاء، أي في نفس يوم بداية محاكمة شركاء الجهاديّين الذين نفّذوا الاعتداء (الإرهابيّ) الذي أوقع 12 قتيلا من هيئة تحريرها في باريس في 7 كانون الثاني/يناير 2015... وكتب مدير الصّحيفة الأسبوعيّة لوران "ريس" سوريسو "لن نستسلم أبدا"، مبرّرا قرار نشر الرّسوم على غلاف العدد الجديد الذي سيتمّ توزيعه على الأكشاك الأربعاء... وأضاف فريق "شارلي إيبدو" "أنّ إعادة نشر هذه الرّسوم الكاريكاتوريّة هذا الأسبوع الموافق لبدء محاكمة منفّذي الهجوم (الإرهابيّ) في كانون الثّاني/يناير 2015 يبدو أمرا ضروريّا بالنّسبة لنا". (فرانس24، 2020/09/01م)
التّعليق:
سنة 1890م كتب ماركي ديبونيي دراما بعنوان "محمّد"، سخر فيها من الرّسول ﷺ وأساء إليه فكان ردّ السّلطان عبد الحميد حين علم بخبر المسرحيّة الفرنسيّة أن استدعى السّفير الفرنسيّ كونت مُونتبلو في الآستانة (إسطنبول)، وقال له بلهجة شديدة: "أنا خليفة المسلمين عبد الحميد خان، سأقلب الدّنيا على رؤوسكم إذا لم توقفوا تلك المسرحيّة"، وفعلا ألغي عرض المسرحيّة في فرنسا وفي إنجلترا أيضا بعد أن سعى مؤلّفها إلى أن تعرض هناك لكنّ سلطان المسلمين منع ذلك وبذل كلّ جهده للدّفاع عن الرّسول وعن الإسلام ولو كان الثّمن مجابهة دول عظمى كإنجلترا وفرنسا.
ردّ السّلطان عبد الحميد هذا - ودولة الخلافة على ما هي عليه من ضعف وتكالب الدّول العظمى على نهش أعضاء جسدها العليل - هو ردّ رجل دولة يدافع عن حضارة أمّة يراد المساس بمقدّساتها...
فشتّان بين ردّ خليفة المسلمين - يوم كانت هناك دولة للمسلمين - وبين ردّ أفراد من المسلمين على ما قامت به صحيفة "شارلي إيبدو" السّاخرة الفرنسيّة التي نشرت صورا مسيئة للرّسول ﷺ - في غياب دولة المسلمين.
شتّان بين الموقفين: الأوّل ردّ قوّة وثقة يقف صاحبها شامخا أمام القوى العظمى يتوعّد ويهدّد فتنصاع صاغرة ملبّية، والثّاني ردّ ضعف من مسلمين غيورين حاولوا إظهار رفضهم لهذه الإساءة، ردّ قد يستغلّه أعداء الإسلام لأغراض سياسيّة أهمّها نعت الإسلام والمسلمين (بالإرهاب) حتّى ينشروا الرّعب في قلوب النّاس منه فيصمّوا آذانهم عن دعوته.
شتّان بين موقف السّلطان عبد الحميد الصّارم الحازم الذي وضع حدّا لهذه الإساءة وألغى المسرحيّة في فرنسا وإنجلترا، وبين موقف هؤلاء الذين قاموا بالهجوم كردّ على إساءة الصّحيفة فصاروا مجرمين وتحوّل من أساؤوا للرّسول ﷺ ضحايا تعاطف معهم العالم وحتّى المسلمون الذين ندّدوا بهذا الاعتداء الوحشيّ!
تستمرّ صحيفة شارلي إيبدو المعادية للإسلام في استفزاز المسلمين بعد أن أثارت الرّسومات احتجاجات واسعة وموجات غضب بين المسلمين. وها هي قد أعلنت نيّتها إعادة نشر الرّسوم المسيئة للرّسول محمّد ﷺ، قبل بدء محاكمة المتّهمين في الهجوم الذي استهدف مقرّها عام 2015؛ وأسفر عن 12 قتيلا من موظّفيها.
كتب رئيس تحرير الصّحيفة "لوران سوريسو"، في الافتتاحيّة: "لن نستسلم أبدا". وأضاف: "كثيراً ما طُلب منّا منذ يناير 2015 إنتاج رسوم كاريكاتوريّة أخرى للنّبيّ محمّد. لكنّنا رفضنا دائماً القيام بذلك، ليس لأنّه أمر محظور، إذ يسمح القانون لنا بالقيام بذلك". وتابع: "والآن نعيد نشر الرّسوم لأنّ الأمر ضروريّ بالنّسبة لنا، مع بدء محاكمة المتّهمين في الهجوم".
يتّضح الهدف من إعادة نشر هذه الرّسوم: إنّه التّشفّي والسّعي لاستفزاز مشاعر أمّة ضعفت وتهالكت بعد أن سقطت دولتها، فهل سيكون ردّ الصّحيفة الرّدّ نفسه لو قامت دولة الإسلام؟ هل ستتخفّى وراء قوانين تسمح لها بالنّيل من مقدّسات أمّة تحت عنوان "حرّية التّعبير"؟
قطعا ستحسب لدولة الإسلام وخليفتها ألف حساب ولن تتجرّأ على حضارة أمّة عريقة... الأيّام دول، فها هي حضارة الغرب تتهاوى، وها هي شمس حضارة الإسلام تسطع... فليستعدّوا ليومهم هذا...
كتبته لإذاعة المكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير
زينة الصّامت