السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
انقلاب مالي: جشع الرأسمالية مستمر ومآسٍ جديدة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

انقلاب مالي: جشع الرأسمالية مستمر ومآسٍ جديدة

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

الثلاثاء 18 آب/أغسطس 2020 بدأت العناصر الرئيسية في الجيش المالي تمردها باقتحام قاعدة ساونياتا العسكرية في بلدة كاتي حيث تم تبادل إطلاق النار قبل توزيع الأسلحة من مستودع الأسلحة وتم القبض على كبار الضباط، فقد اعتقلت قوات الجيش العديد من المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا (75 عاماً) الذي استقال وحل الحكومة. ويأتي هذا الانقلاب بعد أسابيع من الاحتجاجات المزعزعة للاستقرار بسبب الانتخابات المتنازع عليها، والفساد الحكومي وانعدام الأمن الذي استمر لمدة ثماني سنوات.

 

التعليق:

 

يعد هذا الانقلاب هو الثاني في البلاد في أقل من 10 سنوات، تابعا لانقلاب عام 2012 الذي أطاح فيه الجنود بحكومة أمادو توماني توري، حيث شكلوا اللجنة الوطنية لاستعادة الديمقراطية. وقد قطعت أمريكا المساعدات العسكرية إلى مالي في 21 آب/أغسطس، ردا على الانقلاب. فقد تم الانقلاب على الرغم من إدانته الإقليمية والعالمية واسعة النطاق، وقد احتفل به الماليون في العاصمة باماكو. وأدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) محاولة الانقلاب في مالي وتحركت لتعطيل البلاد من هيئة صنع القرار. وقالت الهيئة الإقليمية إن الدول المجاورة للدولة التي تقع في غرب أفريقيا أغلقت حدودها وستفرض عقوبات مع استمرار الأزمة. وعلى الصعيد العالمي، أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الانقلاب ودعا إلى إعادة السلطة إلى المدنيين وإطلاق سراح القادة المعتقلين. كما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا صحفيا في 19 آب/أغسطس 2020 أدانت فيه بشدة التمرد في مالي وقالت "... وتدعو أمريكا جميع الأطراف السياسية والعسكرية إلى العمل من أجل استعادة الحكومة الدستورية، ونحث جميع أصحاب المصلحة في مالي للانخراط في حوار سلمي، واحترام حقوق الماليين بما فيها حرية التعبير، التجمع والسلمي، ورفض العنف".

 

ومثل الانقلاب الآخر الذي وقع قبل ثماني سنوات، حيث أيدته أمريكا، من المرجح أن يكون الانقلاب الأخير قد حظي أيضاً بمباركتها، وبالتالي فإن إدانتها ليست مقنعة. ومن الجدير بالذكر أن قائد الانقلاب المالي العقيد أسيمي غويتا قد تلقى تدريباً من أمريكا وعمل لسنوات مع قوات العمليات الأمريكية الخاصة لمحاربة المسلحين الإسلاميين في غرب أفريقيا. إن حقيقة أن انقلاب عام 2012 تم تنفيذه من ضباط صغار ضد كبار مرؤوسيهم، وتفكك الأمن في مالي والاستيلاء على شمالها بأكمله من الطوارق وبعض الجماعات الإسلامية في المنطقة، وهكذا فقد نجحت فرنسا في ذلك الوقت من خلال جلب عميلها إبراهيم بوبكر كيتا إلى السلطة. ولهذا السبب أدانت فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون إلى جانب هيئاتهم الإقليمية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الانقلاب بشدة. ومن الواضح أن أمريكا تتصارع مع فرنسا في مالي كمحاولة لتغيير الوضع الراهن فيها.

 

وهكذا أمست مالي الإسلامية عالقة في شباك المنافسة ما بين قديما "فرنسا المستعمر الأوروبي" وحديثا "أمريكا الاستعمارية". وعلاوة على ذلك، يقوم الاتحاد الأوروبي منذ عام 2013 بإعادة تدريب الجيش المالي، في حين إن القوة الفرنسية لمكافحة الإرهاب، عملية برخان، منتشرة في جميع أنحاء الساحل مدعومة بطائرات هليكوبتر بريطانية وحلفاء أوروبيين آخرين، فضلاً عن طائرات استطلاع أمريكية بدون طيار. وقد أنشئت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) التي أنشئت بموجب قرار مجلس الأمن 2100 في 25 نيسان/أبريل 2013 كمكان للتدخل في الشؤون السياسية لمالي والسعي إلى تحقيق أجندة استعمارية تحت ذريعة الاضطلاع بعدد من "المهام المتصلة بالأمن". ومن الجدير بالذكر أن التدخلات الفرنسية والأمريكية قد جرت في جميع أنحاء أفريقيا حيث كانت مصالح كل منهما كبيرة.

 

على الرغم من غنى مالي بالثروة المعدنية كالذهب، الفوسفات، البوكسيت، الحديد، اليورانيوم وعدة معادن أخرى؛ إلا أن أهلها لم يستفيدوا من ذلك. يهيمن استخراج الذهب على صناعة التعدين في مالي مما جعلها تحتل المرتبة الثالثة في أفريقيا ولدى فرنسا فيها مصالح في تأمين الموارد. كما تقوم شركة الطاقة الفرنسية "أريفا" باستخراج النفط منذ عقود في النيجر المجاورة. وقد تحققت هذه الخطة الطامعة تحت شعار الحرب على شبكات الإرهاب في مالي بناء على طلب الحكومة في باماكو وبمباركة الأمم المتحدة.

 

مالي التي يعتنق أكثر من 90% من سكانها الإسلام تأرجحت من أزمة إلى أخرى مما جعلها دائماً في حالة من التوتر. وتواجه هذه الأزمة مشاكل سياسية وأمنية وإنسانية واقتصادية خطيرة ناجمة عن ظروف هيكلية طويلة الأمد مثل ضعف مؤسسات الدولة؛ والمشاكل التي تواجهها في هذا المجال؛ التماسك المجتمعي الهش؛ ومشاعر سلبية عميقة الجذور بين التجمعات المحلية في الشمال من الإهمال والتهميش والمعاملة غير العادلة من الحكومة المركزية. وقد أضاف التدخل الغربي والمهمة الغربية المزيد من المآسي. ينبغي توقع حدوث ذلك منذ أن تم إعطاء المستعمرين الكفار زمام المسؤولية على شؤون المسلمين. إن جميع محادثات الوساطة من الكتل الإقليمية والدولية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والمنظمة الدولية للفرانكفونية والاتحاد الأوروبي لن تحل أبداً المآسي في مالي لأنها جميعها أدوات استعمارية لا بد أن تخدم مصالح المستعمرين. من المؤسف فعلا أن نرى هذه البلاد الإسلامية أصبحت هدفاً لكل المستعمرين، وهذا لأن المسلمين تحكمهم أنظمة رأسمالية جشعة وليس الإسلام.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

شعبان معلم

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في كينيا

آخر تعديل علىالسبت, 05 أيلول/سبتمبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع