- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تغييب النظرة الشرعية في التعاطي مع مشكلات الحياة
لن تحل أبداً أزمات المسلمين الاقتصادية أو غيرها
الخبر:
أثار قرار وزارة العمل العُمانية بشأن إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادات نقاشات واسعة وردود أفعال تباينت بين التأييد والمعارضة منذ إعلان الوزارة تعميما ينص على عدم ربط الأجر بالمؤهل، فقد لاقى القرار ترحيبا وقبولا من البعض، وخصوصا رجال الأعمال، ووصفوه بأنه "حكيم" حيث سيساهم بشكل كبير في رفع نسبة "التعمين" في شركات ومؤسسات القطاع الخاص... واعتبر آخرون وخصوصا الباحثين عن عمل أنه لم يكن موفقا بالنسبة لهم حيث لن ينصف أصحاب الشهادات، وقد يوسع الفجوة بين مزايا العمل في القطاعين العام والخاص... وطالب مجلس الشورى مع الاتحاد العام لعمال السلطنة التريث في تطبيق تعميم وزارة العمل.
التعليق:
من أعظم ما ابتُلي به المسلمون في ظل غياب دولة الإسلام التي تضع الأحكام الشرعية موضع التطبيق هو تغييب النظرة الشرعية في التعاطي مع مشكلات الحياة نتيجة طغيان القوانين الوضعية الفاسدة وثقافة الغرب الرأسمالية التي تملك وجهة نظر عن الحياة وأنظمة المجتمع مخالفة لعقيدة الإسلام وأفكاره وأحكامه. فقد أصبح لا يخطر على بال العديد من المسلمين وحتى بعض المخلصين منهم أن في دينهم الحنيف أحكاماً شرعية صالحة لكل زمان ومكان تشمل جميع نواحي حياة الناس؛ في الاقتصاد والحكم والقضاء والاجتماع والصحة والتعليم وغيرها، يجب الرجوع إليها والعمل بها لأنها من عند الخالق المدبر سبحانه وتعالى الخبير بما يصلحهم ويفسدهم، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾. ولكنهم بدلا من ذلك تراهم سرعان ما يتوجّهون لحل قضاياهم إلى تبنّي الحلول الرأسمالية المستهلكة التي أثبتت فشلها على مستوى العالم، واكتوى الجميع بنيران جحيمها بمن فيهم أهلها، حتى إذا ظهر عوارها توجّهوا إلى غيرها وهكذا دواليك.
وبما أن النظام الاقتصادي الرأسمالي هو المسيطر على العالم اليوم فإن صنّاع قرار عدم ربط المؤهلات بالأجور وإلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة والمعمول به منذ عقود، ومؤيدي القرار ومعارضيه لم يدركوا جميعا أن الأساس لبحث هذه المسألة هو العقيدة الإسلامية، وأن المقياس لتحديد قيمة الأجر هو الأحكام الشرعية، وليس المصلحة أو العقل أو التشريعات الوطنية والدولية أو قوانين العمل الرأسمالية التي تخالف أحكام الإسلام من حيث نوع العمل والوقت والأجرة والجهد وكيف تقدر أجرة الأجير.
وهنا لا بُدَّ أن نشير إلى أن حزب التحرير قد بيّن وفصّل في منشوراته النظامَ الاقتصادي في الإسلام وكيف أن الإسلام نظّم مسألة تحديد الأجور بطريقة واضحة وفعالة وجعل للإجارة أحكاما تبيّن حقوق وواجبات الأجير والمستأجِر تغنينا عن السياسات غير الإسلامية وترقيعات النظام الرأسمالي العفن.
إن الواجب على المسلمين السؤال عن حُكم الشرعِ في كل ما يعرض عليهم من حلول وعلاجات والتَّفقه في أحكام الإسلام حتى تتضح لديهم النظرة الشرعية الواجب تبنيها في كل زاوية من زوايا الحياة، وأن يعملوا على إيجادها في واقع الحياة بإيجاد الدولة التي تضمن تطبيق الإسلام كاملا على المسلمين في الداخل، وتحمله لغير المسلمين في الخارج، فالإسلام هو البلسم الشافي للأمة والمنقذ لها من الرأسمالية الظالمة التي تعاني من ويلاتها البشرية جمعاء.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة بنت محمد