- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إلا رسول الله أيها الحكام
الخبر:
أصدر ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، تعليماته إلى جهات الاختصاص في الإمارات بعدم تفعيل مقاطعة المنتجات الفرنسية رداً على إساءة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للإسلام والنبي محمد، في خطوة أثارت موجة غضب واسعة في الشارع الإماراتي.
ونشر حساب "مركز الإمارات للدراسات والإعلام" تغريدة أثارت جدلاً واسعاً جاء تحتها "الشيخ محمد بن زايد يؤكد للرئيس الفرنسي ماكرون دعمه لاقتصاد فرنسا ضد الحرب الممنهجة التي يقودها تنظيم الإخوان المسلمين العالمي بمقاطعة المنتجات الفرنسية". (موقع وطن يغرد خارج السرب)
التعليق:
إن حال المسلمين اليوم في جميع بلاد المسلمين تذرف له الدموع؛ فلو تناولنا أي مشكلة من مشاكل البلاد الإسلامية نرى بكل وضوح تآمر وتقاعس وعمالة حكامها في معالجة تلك المشاكل، ونجد أيضا أنهم أعداء حقيقيون لهذه الأمة، وأن الكافر المستعمر ما كان له أن يأخذ من عزة وكرامة هذه الأمة لولا معاونة هؤلاء الحكام العملاء.
نحن نعلم أن فرنسا هي أصيلة في المبدأ الرأسمالي الديمقراطي، هذا المبدأ الذي يدعو للحريات ومنها حرية الرأي، وقد أثبت بكل جدارة فشله وبطلانه؛ فليس هناك حرية رأي ولا حرية معتقد، بدليل أن أي شخص يتعدى على الأديان أو يشكك ببعض الآراء أو بأي شخصية مقدسة لديهم، يُسجن على الفور، وهذا ما حصل مع الفيلسوف الفرنسي إيرجي كارودي عندما شكك في محرقة الهولوكوست.
ويأتي الرئيس الفرنسي بكل وقاحة ويقول أمام العالم أجمع "يحق لنا أن نسب ونشتم الإسلام، وأن الإسلام يمر في أزمة" وما شاكل ذلك! والأنكى من ذلك أنه أعلن أنه لن يتراجع في مسألة المعاداة للإسلام والتهجم على الإسلام وعلى عقيدة المسلمين، وعلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام!
فليس الموضوع أبدا حرية رأي وإنما هو مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، فلن ترضى النصارى واليهود على هذه الأمة إلا إذا اتبعت ملتهم وطريقة عيشهم، فالمسلمون في فرنسا الذين يبلغ عددهم أكثر من 6 مليون لم يخرجوا للمطالبة بتطبيق الإسلام، ولم يخرجوا لإزالة الديمقراطية والنظام الرأسمالي، المسلمون بقوا محافظين على دينهم وعلى عقيدتهم فلم ينصهروا معهم ولم يقبلوا أن يتبعوا ملتهم، إن هذا الحال الذي نحن فيه من حقد الغرب على المسلمين ليس بجديد مطلقا، فلماذا؟
ولا نستطيع القول إن ماكرون يتصرف من نفسه، بمنأى عن سياسة بلاده جاراً إياها إلى مستنقعات الفتنة، إذاً السؤال دائما لماذا اليوم؟ لماذا في هذه الفترة يصر رأسهم على توجيه إهانة مقصودة لرمز المسلمين المتمثل بشخص رسول الله ﷺ؟ إذاً الأمر يتعدى الكره والبغضاء، فما هو؟
إن الشعوب الغربية تربّت كما تُربى الأغنام؛ تأكل وتشرب وليس لها أي علاقة في السياسة، وهذا طبقا للنظام المطبق لديهم؛ فصل الدين عن الحياة، ولا يتدخلون ولا يعلمون أي شيء عن سياسات بلادهم الخارجية، وأصبح الغرب قاطبة يعلم أن عودة الإسلام إلى الساحات الدولية وظهوره في كيان حقيقي يمثله أصبح أمرا مفروغا منه وإنما هي مسألة وقت فقط.
لذلك تحركت الحكومات بحركات استباقية وهي تأجيج الصراع النصراني وتقوية النزعة القومية ضد المسلمين وليس فرنسا وحسب بل هي في طليعة الدول لما تحمله من خسة وجبروت أن تبدأ هي في ذلك وهي تمتلك أكبر عدد من المسلمين من رعاياها وليس الوافدين، لذلك سوف نشهد تمدداً لنشر البغضاء بين الغرب عامة والإسلام والمسلمين خاصة.
قد يقول البعض إن هذا الكلام بعيد عن الواقع لما سوف يجرّه من ويلات اقتصادية على ذلك البلد، فنقول هذا كلام صحيح جدا ولكنهم اختاروا توقيتاً مهماً لهم وهو قرب الأزمة الاقتصادية وأيضا ما نحن فيه من ركود جامح متصاعد، وإذا ما أُلصقت تهمة الانهيار الاقتصادي وتوقف دخل العاملين هناك مع تدهور البلاد اقتصاديا (وهو حتمي بأزمة مع المسلمين أو دون ذلك) إذا أُلصقت بالمسلمين فستكون الكراهية طويلة الأمد ناهيك أنهم سوف يعملون على تسعير لهيبها في الأيام القادمة وذلك كما أشعلوا لهيب الفتنة الطائفية في بلادنا.
إن هذه الأعمال هي أعمال ضرورية لهم قبل قيام مارد الإسلام لأن شعوبهم تركن إلى ما تعودت عليه من عيش هادئ، فإذا ما بقيت هكذا فسيصبح دخولها في الإسلام مسألة وقت، لذلك هم مجبرون على خوض مثل هذه الفتنة لتعويد وتحريك شعوبهم على كراهية الإسلام والمسلمين من نزعة دينية تحمل في طياتها دماً.
لكن ما هي ردة فعل الحكام على أي إساءة للإسلام؟
للأسف نرى التعاون الصريح مع فرنسا؛ فنجد دول الخليج تضخ المليارات تعويضا لفرنسا عن فقدانها لبعض الأسواق، فبدلا من خسارتها لبيع المنتجات الفرنسية تقوم بدعم فرنسا بالمليارات تعويضا ودعما لها! ولن يكتفوا بهذا بل سوف يفعلون ما يؤمرون به وهم صاغرون لأنهم عملاء وضعوا لنهب مال المسلمين وإهدائه للغرب ومحاربة الإسلام به، وهم سند لها في كل مكان فقط لتعوضها عن هذه الخسائر التي زحفت وسقطت من تكاتف المسلمين كرجل واحد أمامها وأمام خبثها.
وعلى طريقها تسير كل من السعودية ومصر وإيران، هذه الدول التي منعت شعوبها من مقاطعة المنتجات الفرنسية مع أنه عمل بسيط جدا، لكن الحكام يأبون إلا أن يجرموا في حق هذه الأمة وينحازوا إلى أسيادهم الذين يعبدون!
إن الإساءة لمحمد ﷺ تستوجب الجهاد في سبيل الله، فلا تغرنكم شعارات من يهدد كلاميا، ويثرثر على الملأ برفضه ما تقوم به فرنسا حيال المسلمين أو ماكرون لإساءته وشتمه، لو أرادوا فعلا نصرة الإسلام فعلى الأقل يقطعون الجذور الاقتصادية الفرنسية من بلادهم، لكنهم لم يفعلوا أي شيء عمليا، بل تمت مساندة فرنسا فعليا إما بالاتفاقيات أو بالدعم؛ فهذا الدعم الإماراتي بتسليح الجيش الفرنسي وتمويله في محاربة مالي وملاحقة المسلمين في أفريقيا يكشف لنا مدى تواطؤهم الخبيث على الإسلام والمسلمين.
أيها الحكام: لا تظنوا يوما واحدا إذا قدمتم للغرب المساعدات والمكاسب وتنازلكم عن قضايا المسلمين أنكم بهذا ستنجحون وتنالون محبة الغرب، فهم سيلفظونكم عند أول موقف عند انقضاء مصالحهم.
فهذا الواقع الذي يعيشه الغرب الآن تصريح بفشل سياسته ونظامه المفكك، فهو إفلاس حقيقي لنظامهم المنهار الذي لم يستطع أحد من الشعوب الاندماج والتعايش فيه ولا بطريقة عيشهم، بل نرى العكس تماما؛ تزايد عدد الفرنسيين الأصليين بإعلانهم الإسلام ودخولهم الدين الإسلامي الحنيف.
آن لنا أن تكون لنا دولة تحفظ ديننا وكرامتنا وتمنع هذا وذاك من الاعتداء علينا، آن لنا أن نقف كأمة واحدة لها فكرتها وطريقتها في تطبيق الإسلام لنحمي بيضتنا ونرد على هؤلاء الحكام الخونة. هذه هي المقاطعة الحقة لكل من يتهجم على دين الإسلام.
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
دارين الشنطي