- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
صراع تيغراي: الدروس المستفادة
(مترجم)
الخبر:
أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد علي، الأربعاء 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، عن هجوم عسكري في منطقة تيغراي الشمالية. وزُعم أن الحملة العسكرية استهدفت قيادة جبهة تحرير شعب تيغراي.
التعليق:
لقد كشف صراع تيغراي عن الجوهر الحقيقي للنظام الديمقراطي العلماني الفاشل. إنه نظام حقير وخزي موجود لتأمين المنافع والمصالح الشخصية، في عملية تسببت في كوارث لا حصر لها. هذا الصراع الدائر ليس هو الأول ولا الأخير الذي يحدث في إثيوبيا، ولكنه استمرار للطبيعة غير المستقرة للسياسات الديمقراطية العلمانية التي تبنتها إثيوبيا في إدارتها لشؤون الناس. ومع ذلك، هناك دروس يمكن تعلمها من الصراع الجاري، والتي تشمل ما يلي:
أولاً وقبل كل شيء، الصراع ذو طبيعة داخلية وبمباركة من النظام الأمريكي وحلفائه مثل الإمارات العربية المتحدة الذين يُزعم أنهم يقدمون المساعدة بطائرات بدون طيار لقوات الدفاع الإثيوبية (ذا أفريكا ريبورت، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2020). ومن ثم، تجرأ رئيس الوزراء آبي أحمد علي وشن هجوماً لتوطيد سلطته وإزالة أي معارضة محتملة للانتخابات المقبلة وفقاً للتاريخ المحدد في 16 آب/أغسطس 2021 الذي قدمه المجلس الوطني للانتخابات في إثيوبيا. يأتي ذلك بعد تأجيل الانتخابات السابقة بسبب جائحة كوفيد-19 والتي كان من المقرر إجراؤها في 29 آب/أغسطس 2020. (أول أفريكا، 9 كانون الأول/ديسمبر 2020).
ثانياً، يشمل الصراع تنافس "الأشقاء" بين حزب الازدهار الذي يحمل علامة تجارية جديدة بقيادة آبي أحمد الذي يعتزم تعزيز السلطة، وجبهة تحرير شعب تيغراي التي تخطط لاستعادة المجد المفقود الذي تمتعوا به لما يقرب من 30 عاماً في السلطة! كلا الحزبين يحاولان استغلال البلقنة العرقية الضعيفة داخل الأمة لتحقيق أهدافهما الأنانية بأية وسيلة، حيث الغاية تبرر الوسيلة! كان كلا الحزبين متحدين في السابق تحت قيادة الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية.
ثالثاً، القادة الأفارقة ليسوا سوى مديرين خاضعين للاستعماريين يتصرفون ويمتنعون بناءً على أوامر أسيادهم. لذلك، فإن ولاءهم ليس لدولهم أو الدول المجاورة ولكن لمصالح ومواقف أسيادهم المستعمرين الغربيين. وهذا ما يؤكده صمتهم التام وأحياناً التصريحات الخطابية التي تدعو إلى حل سلمي للصراع بدون مبادرات ذات مغزى لتحقيق ذلك. بالإضافة إلى مؤسساتهم مثل الاتحاد الأفريقي، الذي شعاره "إسكات البنادق بحلول عام 2020" ويقع مقره الرئيسي في إثيوبيا حيث تم إطلاق العنان للأسلحة بشكل كارثي وفي عام 2020! وتجاهل مضيفه نداءات الاتحاد الأفريقي لوقف الحرب تماماً. علاوة على ذلك، فهو مجبر على تلبية مطالب مضيفه بما في ذلك إقالة كبار المسؤولين العسكريين المرتبطين بالاتحاد الأفريقي الذين يُنظر إليهم على أنهم يميلون إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. (ديلي نيشن، 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2020).
رابعاً، من الواضح أن جائزة نوبل للسلام ليست مكافأة سياسية فحسب، بل هي ترخيص لمتلقيها لارتكاب جرائم بشعة بشكل مباشر أو غير مباشر. آبي أحمد الذي فاز بالجائزة عام 2019، يسير على خطا سيده الأمريكي السابق، باراك أوباما، الذي كوفئ عام 2009، ومضى نظامه قدماً ليحقق أول رقم قياسي لإلقاء القنابل وإبادة الطائرات بدون طيار! (واشنطن بوست، 5 أيار/مايو 2016). إضافة إلى ذلك، فإن إدارته معروفة بأنها تكتيكية ضد الإسلام والمسلمين في سوريا مستمرة بلا هوادة حتى الآن، مع مقتل الآلاف وتشريد الملايين! (ناشيونال ريفيو، 14 آذار/مارس 2018).
خامساً، المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة هي مجرد أدوات غربية لتقديم الأجندة الأمريكية. ومنذ ذلك الحين، أمريكا هي اللاعب المهيمن على العالم التي تستخدم القوة لتنفيذ سياساتها. فإن سياسات معاملاتها لا تنبثق إلا من خلال اهتمامها بمصالحها الخاصة. لذلك، تدفع أمريكا حلفاءها إما للقتال أو المصالحة بموجب إملاءاتها مثلما فعلت إثيوبيا وإريتريا في عام 2018 حيث وقع قادة البلدين إعلاناً مشتركاً لاتفاق السلام والصداقة. وطوال الوقت، تظل الأمم المتحدة على الهامش وتراقب تطور أزمة إنسانية لا يمكن تصورها! ومع ذلك، تحاول حفظ ماء الوجه من خلال الدعوة إلى الوصول دون عوائق إلى منطقة تيغراي لإيصال المساعدات الإنسانية بينما تتواصل عمليات القتل الأحمق تحت مرصدها! بالإضافة إلى ذلك، يواجه ضباط الأمم المتحدة العسكريون الذين ينتمون إلى أصول تيغرية في بعثات السلام التعذيب أو الإعدام. (فورين بوليسي، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2020).
في الختام، ما ورد أعلاه يفضح صورة قاتمة للحالة المتردية للدول الرأسمالية العلمانية في جميع أنحاء العالم. قد يزعم البعض أنهم مستقرون من حيث القيمة الاسمية، لكن في الواقع جميعهم تقريباً ينكسرون من الداخل، إنها مجرد مسألة متى ستكون الشقوق مرئية؟! فقد الإنسان قيمته في اللحظة التي تبنى فيها الأيديولوجية الرأسمالية العلمانية ووافق أن يستغلها الوسطاء السياسيون الديمقراطيون. بالإضافة إلى الاعتراف بأنه عامل إنتاج ينخفض ويقدر حسب وجهة النظر العلمانية! إن الإنسان يحتاج إلى تحرر مبدئي!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علي ناصورو علي
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير