- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
محاولات مستمرة لتفسير الإسلام ومفاهيمه وأحكامه على هوى الغرب وعملائه الحكام
الخبر:
نشر موقع وزارة الأوقاف نص كلمة وزير الأوقاف والتي تحدث فيها بوصفه رئيسا لمؤتمر حوار الأديان والثقافات الذي انطلق السبت 2021/3/13م، استجابة لدعوة الرئيس المصري لحوار دولي ينطلق من منطلقات المشترك الإنساني ويحترم الخصوصيات الدينية والثقافية للدول والمجتمعات، ملخصا حديثه في نقطتين؛ الأولى عامة، وتتعلق بفهم النص في إطار فقه بناء الدول، فكثير من القراءات القديمة للنصوص قامت على فقه الأفراد لا فقه الدول، وفق ظروف عصرهم وأزمنتهم. فإننا كما نبحث عن حق الجوار الفردي يجب أن نرسخ لحق الجوار الدولي فحرمة الدول كحرمة البيوت وأشد، فكما لا يجوز أن تدخل بيت أحد إلا بإذنه لا يجوز أن تدخل دولة بدون الإذن المعتبر لأهلها، وكما أن الكريم لا يسمح أن يُعتدى على جاره من بيته فإن الدولة الكريمة لا تسمح أن تتخذ حدودها لأذى جيرانها، والصدق كما يطلب من الأفراد فإنه يطلب من الدول والدولة الصادقة هي التي تفي بعهودها ومواثيقها والتزاماتها الدولية دون مراوغة، والثانية أن الحوار يقتضي أن تُعامل الآخر بما تحب أن يُعاملك به، وأن تنصت إليه قدر ما تحب أن ينصت إليك، وأن تأخذ إليه الخطوات التي تنتظر منه أن يخطوها نحوك، وإلا فحاور نفسك، واسمع صوت نفسك، ولا تنتظر أن يسمع الآخرون صوتك، الحوار البناء هو الذي يهدف إلى التفاهم والتلاقي على مساحات مشتركة، وأهداف إنسانية عامة لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون، أو الجنس، أو القبيلة، فتحقيق المواطنة لا يقتضي التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة فحسب وإنما يقتضي أيضاً إعطاء الجميع نفس الحقوق والفرص وفي مقدمة ذلك الاهتمام بالمرأة.
التعليق:
بداية ليس في الإسلام مؤسسات دينية ولا موقعون عن الله يحتكرون خطابه للناس، وإن كان عندنا علماء وفقهاء ومحدثون إلا أنهم لا يتميزون عن باقي المسلمين لا في مجالسهم ولا ثيابهم ولا غير ذلك، ولا يتقولون على الله بأهوائهم بل بأدلة صحيحة واستنباط منضبط من الأدلة التفصيلية لا على هوى الحكام الخونة العملاء.
عنوان المؤتمر ودعوة الرئيس المصري حامل لواء الغرب لتجديد فهم المسلمين لدينهم لحوار دولي من منطلق المشترك الإنساني يحترم الخصوصيات الدينية والثقافية للدول والمجتمعات، في دعوة صريحة للتخلي عن ثوابت الإسلام وعقيدته التي يجب على المسلم أن ينطلق منها وأن تكون هي محور حياته ووجهة نظره في الحياة والزاوية التي ينظر من خلالها لجميع الأشياء فهو بهذا يدعونا كمسلمين إلى التخلي عن دعوة غير المسلمين لدخول الإسلام بل نراهم يعبدون غير الله ويسجدون لخشبة أو وثن ونقرهم على ذلك احتراما للخصوصية الدينية، وكأن الله لم يأمرنا بتبليغ رسالته! ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾. نعم لا إكراه في الدين ولا يقبل في شرعنا إسلام المكره على دخول الإسلام ولكن تبليغ دعوة الله للناس ليس أمرا واجبا فحسب بل هو عمل دولة الإسلام وهو الذي تقوم على أساسه سياستها الخارجية كلها بحيث تصل دعوة الإسلام للناس على حقيقتها بلا إكراه على قبولها ولا إجبار على رفضها، وعندها من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولكن لا احترام لعقائد الكفر أبدا وإن كان لمعتنقيها أن نبرهم ونقسط إليهم ما لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا، أما ثقافتهم فلا احترام لأي ثقافة لا تعبر عن وجهة نظر الإسلام وعقيدته، ولا احترام لثقافة تمجد العري والعهر ويسجد أصحابها لغير الله.
أما الكلام عن الجار والجوار وفقه الدول والأفراد فلعل وزير الأوقاف لا يدري أنه كان للإسلام دولة تتعامل مع دول أو لعله يتغافل عما في الإسلام من أحكام شرعية تبين شكل الدولة في الإسلام وعلاقتها مع غيرها من الدول، فقد كانت للروم والفرس دولتان على عهد رسول الله ﷺ تعامل معهما بوصفهما دولتين وبوصفه حاكما لدولة الإسلام حين أرسل لهما وللمقوقس حاكم مصر يدعوهم للإسلام، ولم يحترم عقائدهم ولا ثقافتهم بل دعاهم للإسلام وجيش لحربهم قبل وفاته ﷺ وفتحها من بعده الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، أما هنا فكأن وزير الأوقاف يشير إلى كيان يهود بالدولة الجارة، التي لها حق الجوار الدولي والتي يعتدى عليها من داخل الأراضي المصرية وكأنه يجوز أن يكون هذا الكيان الغاصب دولة وأن تعتبر جارة لها حقوق، بينما هي كيان غاصب احتل جزءا من أرض المسلمين ويجب على المسلمين إخراجهم منه، وأوجب هذا الواجب على مصر وجيشها الذي يحمي ويؤمن كيان يهود.
دولة ذات سيادة لا تلتزم إلا بما يلزمها الشرع، ولا تلقي بالاً لالتزامات دولية يفرضها مجتمع دولي يكره الإسلام وأهله ويحتل أرضه وينهب ثروات المسلمين، ودولة الإسلام تفي بعهودها ومواثيقها حقا لكنها لا تبرم عهدا ولا ميثاقا إلا في إطار ما يوجبه أو يبيحه الشرع وكل ما يخالف الشرع لا اعتبار له فيها، فحدود سايكس بيكو التي تفصل بين المسلمين وتقسم دولة الإسلام مزقا مهلهلة لا اعتبار لها في دولة الإسلام التي لا تقر بوجود كيان يهود أيضا ولا تعتبره دولة ولا علاقة لها معه إلا الحرب لاقتلاعه من أرض الإسلام المغتصبة، وقطعا فلا اعتبار لاتفاقية كامب ديفيد ولا غيرها ولا كل ما نتج عن الأمم المتحدة من قرارات ومواثيق ومعاهدات، فكلها في نظر دولة الإسلام لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه ولا اعتبار لها ولا لأطرافها عند دولة الإسلام.
لقد عاش غير المسلمين في ظل دولة الإسلام قرونا لم تميز فيها بين المسلمين وبينهم ولم تنظر إليهم بمنظور الأقليات الشائع اليوم، بل اعتبرتهم جزءاً من الرعية متساوين معها في الحقوق والواجبات ولم يكرهوا على ترك أديانهم والدخول في دين الدولة كما فعل الإسبان مع المسلمين والنصارى المخالفين لهم في المذهب بعد سقوط الأندلس في أيديهم، ومحاكم التفتيش تشهد بذلك، ولم نر التمييز والاضطهاد للمسلمين وغيرهم إلا في ظل الرأسمالية التي تثير الضغائن والفتن لتفرق الشعوب والأمم فتضعفهم وتتمكن من نهب ثروتهم، فما نعاني منه الآن لا يعالجه الحوار في ظل الرأسمالية بل يعالجه تطبيق الإسلام في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
تكلم وزير الأوقاف كثيرا وتكلم غيره وكأن مصر وغيرها من بلاد المسلمين دول إسلامية ودار إسلام! وأنزلوا أحكام الإسلام على هذا الواقع المخالف للشرع تلبيسا وتدليسا على الناس محاولين احتكار الخطاب الإسلامي لفرض تفاسير جديدة لمفاهيم إسلامية راسخة وثابتة كمفهوم الدولة والخلافة والأمة، وإنزالها على واقع دويلات سايكس بيكو لصبغها بالصبغة الشرعية حتى لا يستمع الناس لمن علا صوتهم مطالبين بتوحيد الأمة في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
أمة الإسلام واحدة بكل أطيافها وكل شعوبها وأجناسها ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ أمة واحدة من دون الناس يجير على ذمتها أدناها وهي يد على من سواها، ودولة الإسلام الخلافة وهي دولة واحدة لا تفصلها حدود ولا تقسمها أسلاك، يحكمها حاكم واحد خليفة للمسلمين يبايع من الناس بيعة شرعية صحيحة ليحكمهم بالإسلام وتكون رئاسته عامة لجميع المسلمين، ولا يجوز أن يكون للمسلمين إلا دولة واحدة وحاكم واحد لقوله ﷺ: «مَن أتاكُمْ وأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ علَى رَجُلٍ واحِدٍ، يُرِيدُ أنْ يَشُقَّ عَصاكُمْ، أوْ يُفَرِّقَ جَماعَتَكُمْ، فاقْتُلُوهُ» رواه مسلم. ولا دار للإسلام بغير دولة الخلافة التي تطبق الإسلام على الناس وتحمله للعالم بالدعوة والجهاد، وكل حظائر سايكس بيكو التي نعيش فيها الآن هي بلاد إسلامية يعيش فيها مسلمون ولكنها ليست دولا إسلامية ولا دار إسلام بل لا يجوز أصلا أن تكون هناك دول إسلامية بل دولة واحدة للإسلام.
ولهذا فواجب الأمة اليوم هو العمل الحثيث لاستعادة الدولة التي غابت عن الوجود منذ مئة عام، الدولة التي تعيد للإسلام بريقه من جديد وتزيل عن عقيدته ما علق بها من أفكار الغرب وثقافته وتعيدها وجهة نظر للناس ومنهجا لحياتهم من جديد هذا ما يجب أن يكون أساسا لكل مؤتمر يقام في الأمة وخاصة في قاهرة المعز التي سكنها الناصر صلاح الدين والمظفر قطز، والتي نسأل الله أن يخرج من بين ساكنيها رجلاً رشيداً يحمل راية رسول الله بحقها نصرا لدينه وأوليائه وإقامة لدولة تنهي عقود ذل وانحطاط حل بالأمة؛ خلافة تملأ الأرض عدلا ونورا... اللهم عجل بها واجعل مصر حاضرتها.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
سعيد فضل