الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الاغتصاب مشكلة منهجية نتجت عن الثقافة التحررية ويجب التعامل معها على هذا الأساس!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاغتصاب مشكلة منهجية نتجت عن الثقافة التحررية

ويجب التعامل معها على هذا الأساس!

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

اتهم نشطاء في حقوق الإنسان وناشطات نسويات رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بـ"الجهل المحير" بعد أن قام بإلقاء اللوم على كيفية ارتداء النساء الملابس بأنها السبب بارتفاع معدلات الاغتصاب في البلاد. ففي مقابلة تلفزيونية جديدة، اعترف أن حوادث اغتصاب النساء شهدت ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة في المجتمع، ونصح النساء بتغطية أجسادهن لمنع الإغراء. وقد تلقى رئيس الوزراء صفعة من منظمات نسوية ووسائل إعلام مختلفة بسبب قيامه بإلقاء اللوم على الضحية. ففي المقابلة، صرّح القائد الباكستاني أن الزيادة في معدلات الاغتصاب تشير إلى "أنها عواقب موجودة في كل مجتمع تنتشر فيه الفاحشة"، وأشار إلى أن ذلك نتاج الهند والغرب وأفلام هوليوود. وقدر تحقيق لجيو نيوز نُشر في 2020، أن معدلات الاغتصاب في باكستان خلال السنوات الخمس الماضية قد تصل إلى 60000 حالة. في أيلول/سبتمبر، كانت أم هي الضحية لاغتصاب جماعي مروع حصل لها أمام أطفالها على جانب طريق سريع خارج مدينة لاهور.

 

التعليق:

 

إن مشكلة العنف الجنسي ضد النساء، بما في ذلك الاغتصاب وصلت إلى نسب وبائية داخل دول في الشرق والغرب. ففي بريطانيا هنالك حوالي 85000 ضحية اغتصاب أو محاولة اغتصاب سنويا؛ أي حوالي ضحية كل 5-6 دقائق (مكتب الإحصاءات الوطنية). أما في أمريكا فكل 73 ثانية يتعرض شخص لاعتداء جنسي، وأغلب الضحايا من النساء (الخط الوطني الساخن للاعتداءات الجنسية). أما في جنوب أفريقيا فبحسب آخر إحصاءات الجرائم السنوية التي أصدرتها شرطة جنوب أفريقيا، تصل معدلات الإبلاغ عن حالات اغتصاب للشرطة يوميا إلى 116 حالة. أما الهند فسجلت 88 حالة اغتصاب يوميا في 2019 حسب بيانات من المكتب الوطني لسجلات الجرائم.

 

من المؤكد أن معدلات هذه الجرائم تُظهر أن هنالك شيئا خاطئا بالكامل في ثقافة ونظام هذه الدول عالميا اليوم، وبنظرة وتصرفات الرجال نحو النساء التي تنتج من هذه المجتمعات. فهذه النظرات والتصرفات تشكلت بفعل القيم والمعتقدات السائدة في هذه الدول. فالذي يسيطر على البلاد حول العالم اليوم يتم الترويج له عادة والاحتفال به عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين الرجل والمرأة على أنه المفهوم "المتحرر" للحريات الشخصية والجنسية والتي تروج لحق الأفراد بملاحقة وإشباع رغباتهم كما يشاؤون، تزامنا مع خلق ثقافة إرضاء الذات فقط لمجرد الحصول على المتعة، عادة بأي ثمن كان. فهذا ما يتم الترويج له باستمرار في الأفلام والأغاني والمسلسلات والإعلانات والمجلات، وغيرها في الدول المتحررة. كما أن هذه القيم والأنظمة المتحررة سمحت بالتجسيد وجنسنة النساء والفتيات بشكل منظم في الدعايات، ووسائل الترفيه، والألعاب وحتى في الصناعات الإباحية والتي بخست من النساء في سبيل تحقيق الربح، وأخرجتهن من إنسانيتهن ليصبحن مجرد أشياء تخدم شهوات الرجال. كما أنهم تسببوا بجنسنة المجتمعات من خلال الإكثار من الصور والأفكار البذيئة، والتي لم تقتصر على خلق حالات تكون فيها الغريزة الجنسية للأفراد مثارة بشكل دائم، بل أيضا بخّست العلاقة بين الرجال والنساء في المجتمع وآذت التعاون بينهم. فكل هذا خلق بيئة خطرة للنساء، وهذا هو السبب في عدم فعالية قوانين الإساءة الجنسية والاغتصاب في الدول المتحررة، والتي لم تتمكن حتى من التقليل من هذه الجرائم. فالدول المتحررة اعتقدت أن الناس يمكنهم التمتع بالحريات الجنسية دون أي عواقب على حياة النساء والفتيات، لكن هذا ببساطة غير حقيقي، والمعدلات المروعة لهذه الجرائم التي أصابت هذه الدول لهي أكبر دليل على ذلك. لهذا، وبينما يربط رئيس الوزراء عمران خان ارتفاع معدلات الاغتصاب في باكستان بتصرفات النساء أو يجعلها تتعلق بانتشار الفاحشة في المجتمع، فإنه يتجاهل حقيقة أنه يحكم بنظام علماني متحرر، استورد وأوجد قاعدة نشطة لنشر القيم نفسها التي غذت الفحش في التصرفات وهيأت الوضع للتعدي الصارخ على كرامة النساء.

 

إن خلق علاقات صحية ومحترمة وآمنة بين الرجال والنساء يعتمد ابتداء على القيمة التي توفرها المجتمعات لحفظ كرامة النساء. حيث إن القيمة والاهتمام والانتباه الذي أولاه الإسلام لهذه القضية منقطع النظير، حيث إنه وضعها مقام حماية النفس، وحتى إن التعرض بكلمة واحدة من الإهانة ضد شرف المرأة يعد جريمة كبيرة تستحق أشد العقاب. فالرسول ﷺ قال: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي». كما أنه ﷺ بين المكانة العظيمة التي منحها الإسلام لمن يحمي النساء، عندما أجلى قبيلة بني قينقاع بأكملها عن المدينة بسبب شرف امرأة مسلمة واحدة. فمنع وقوع مثل هذه الجرائم ضد النساء يعتمد أيضا على إيجاد الرؤية الصحيحة داخل المجتمعات عن هدف وجود الغريزة الجنسية، والتي هي للتكاثر واستمرار العرق البشري، وليس النظرة التحررية التي تركز على المتعة التي تنشر الفساد في الدول. وهذا يتطلب تطبيق نظام يمنع جنسنة النساء والمجتمع، ويوجه إثارة وإشباع الغريزة الجنسية نحو الزواج وحده وهو ما يفيد المجتمع، ويمنع إشباع الغرائز بشكل يؤذي الآخرين. إن النظام الاجتماعي الإسلامي المتكامل، والذي يضع مجموعة واضحة من الأحكام والقواعد التي تنظم وبكل فعالية العلاقة بين الرجال والنساء، ويوفر إطارا عمليا لتحقيق كل ذلك. فالأحكام الإسلامية كالفصل بين الجنسين إلا لغاية حددها الشرع، والتزام الرجال والنساء بغض النظر عن العورة وتجنب النظر بشهوة لأي شخص باستثناء الزوجين، ومنع الرجل غير المحرم والمرأة من الخلوة، وتحديد الملابس للنساء التي من شأنها أن تخفي جمالها، والالتزام بالعفة والطهارة، كل أولئك مجرد جزء من الأحكام الشرعية الإسلامية التي تسعى لخلق تعاون صحي بين الجنسين وخلق بيئة يمكن للنساء فيها أن يمارسن نشاطاتهن في الحياة العامة بطريقة منتجة وآمنة.

 

كل تلك الأحكام والقواعد والتنظيمات والعقوبات الإسلامية لن تطبق بشكل صحيح إلا تحت ظل نظام سياسي إسلامي؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وفي ظل غياب هذا النظام، فإن النساء في البلاد الإسلامية كباكستان مثلا لن يكن بأمان أبدا!

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. نسرين نواز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالثلاثاء, 13 نيسان/ابريل 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع