- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ازدياد معدلات الطلاق خطر يداهم البلاد الإسلامية
الخبر:
أوردت جريدة العربي الجديد تحت عنوان "الطلاق يهدد المجتمع العراقي" أن حالات الزواج في العراق خلال شهر آب/أغسطس بلغت 23 ألفاً و500 حالة زواج، فيما بلغت حالات الطلاق في الشهر نفسه نحو 6250 حالة، أي بنسبة تقارب 30 في المائة من إجمالي عدد حالات الزواج. (2021/10/19)
وقد سبقت خبر العراق في الشهر ذاته أخبار مشابهة في كل من المغرب ومصر والسودان تحذر من ارتفاع مخيف في معدلات الطلاق.
التعليق:
لا شك أن هذه الأخبار الصادمة تثير القلق وتشير إلى أعراض أزمة تمر بها البلاد الإسلامية منذ فترة ليست بالقريبة لكنها تزداد وتطفو إلى السطح بشكل مستمر. وظاهر الأزمة ذات صور متعددة، اجتماعية واقتصادية وسياسية. والملاحظ أن تجليات هذه الأزمة أصبحت تتشابه إلى حد كبير في مختلف بلاد المسلمين. ينتشر خبر الطلاق في مصر فنسمع به وبالعبارات ذاتها في العراق، ويكتوي الناس بالأزمة الاقتصادية في لبنان فنرى مثيلتها في السودان، وتتناحر الأحزاب السياسية في تونس فنرى للأمر أصداء في أماكن أخرى.
المحصلة أن مشاكل البلاد الإسلامية متشابهة ومتشابكة وذلك بسبب الفكر والعقيدة التي تربط كل هذه الشعوب والغربة التي تمر بها أمة حُرمت من أن تحتكم لشرع الله وفرض أنظمة وافدة عليها.
وكذا الحال مع مشكلة الطلاق المذكورة آنفا فإن نظرنا في مسببات ارتفاع الطلاق وبحثنا في أصل المشكلة فإننا نرى أن الإسلام قد أراد للمنظومة الأسرية أن تقوم بشكل متكامل لا يصح أن يقام جزء منها ويترك جزء. فجعل الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، وجعل القوامة للرجل (قوامة رعاية وليست قوامة تسلط وتجبر، فجعل العلاقة قائمة على المودة والرحمة) وجعل لطرفي العلاقة الزوجية حقوقاً وواجبات.
ولم يكتف الإسلام بتنظيم العلاقة الزوجية بل أحاطها بأفكار تضبط وتنظم علاقة المرأة والرجل في الحياة العامة والخاصة ومفاهيم تتعلق بتكليف رب الأسرة بإعالة أسرته، بل وجعل هذا أول ما يسأل عنه العبد عند ربه كما جاء في الحديث. كما منع الاختلاط إلا لحاجة أقرها الشرع أو أقر الاجتماع لأجلها وأمر المرأة أن تلتزم بالزي الشرعي وطالب المرأة والرجل بغض البصر وجعل اجتماع النساء والرجال في الحياة العامة أساسه التعاون والإنتاج. كما نشر جملة من الأحكام التي تجعل العفة والطهر والحياء من سمات المجتمع المسلم. وكما نرى فإن جملة هذه الأحكام يأخذ بعضها برقاب بعض ولا يصح أن يطبق جزء منها ويهمش جزء بل تطبق جميعا لتؤتي أكلها في المجتمع هناء ورخاء وأمنا وأماناً للمرأة والرجل.
لقد جعل الإسلام لعقد النكاح هيبة وجلالاً ووصفه الله بالميثاق الغليط، وجعل الزواج مما يثاب عليه العبد ومن نعم الله التي لا تعد ولا تحصى فهو أصل بقاء النوع البشري وسبب حفظ الأنساب، والزوج الصالح فضل من الله عز وجل على عبده، وقد كرم الله المرأة بأن جعل حسن التبعل من أسباب دخول الجنة... إن ما نراه من تفريط في الأسرة هو من جملة ما نعيشه هذه الأيام في غربتنا عن تطبيق شرع ربنا. نسأل الله العلي القدير أن يردنا إليه ردا جميلا. قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هدى محمد (أم يحيى)