- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مافيا الفحم ولعنة التطور الرأسمالي في بلاد المسلمين
(مترجم)
الخبر:
"إنا لله وإنا اليه راجعون". يؤسفني سماع وفاة المحامي جوركاني بسبب حادث طعن وحشي عندما دافع عن قضية التعدين غير القانوني في تاناه بومبو، جنوب كاليمانتان، إندونيسيا. كانت هناك العديد من هذه الحوادث الهمجية في بانوا، جنوب كاليمانتان. قتل مدرس بسبب أمر منجم الفحم. قُتل بعض الصحفيين لأنهم كتبوا عن الكفاح من أجل أرض زيت النخيل. الآن قُتل أحد المدافعين، بسبب مسألة التعدين غير القانوني للفحم. تواجه السلطة صعوبة في الكشف عن العقل المدبر وراء الجناة الرئيسيين". (تويتر ديني إندرايانا، 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2021)
التعليق:
فتحت هذه التغريدة من شخصية قانونية إندونيسية أعيننا على الأضرار متعددة الأبعاد التي سببتها مافيا صناعة الفحم. يجب أن نتذكر أنه في كانون الثاني/يناير 2021، ضربت كارثة فيضان ضخمة، لم تحدث منذ 50 عاماً، جنوب كاليمانتان ودمرت 54363 منزلاً وتسببت في إخلاء 76962 شخصاً.
ذهب الضرر إلى هذا الحد. لم تؤذ صناعة الفحم البيئة فحسب، بل أضرت أيضاً بالبشر بالجهل والجريمة والعنف. هذه الصناعة لديها القدرة على بناء قوة المافيا المظلمة التي ستفعل أي شيء لتأمين مصالحها، حتى لو كان الثمن هو أرواح البشر. غالباً ما يُترك الأشخاص الذين يعيشون في مواقع استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية ليعيشوا في الجهل والفقر. تم نهب أراضيهم، في حين تم منح الشركات السجادة الحمراء. المسؤولية الإنسانية للشركات ليست سوى فتات الخبز للضعفاء.
قال ناشط بيئي من والهي، دوي ساونج، إن إندونيسيا كانت بالفعل في مستوى الإدمان في استغلال واستخدام الفحم، "الإدمان ليس فقط في قطاع محطات الطاقة، ولكن في قطاع التعدين"، بحسب ما نقله سوانج عن بي بي سي نيوز إندونيسيا في 16 تشرين الثاني/نوفمبر. في قطاع محطات الطاقة، يستخدم الفحم في الغالب لتلبية احتياجات الكهرباء المحلية. من المتوقع أن يتم استخدام أكثر من 110 مليون طن من الفحم في عام 2021 في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
في قطاع تعدين الفحم، يستمر منح تراخيص التعدين على الرغم من التضحية بالغابات. إنه لتلبية طلب الصين، وهو السوق الرئيسي لصادرات الفحم الإندونيسي. استناداً إلى بيانات من دليل الطاقة والإحصاءات لإندونيسيا 2020، بلغت صادرات الفحم الإندونيسي إلى الصين 127.79 مليون طن، أو حوالي 31.5٪ من إجمالي صادرات الفحم الإندونيسي. يقال إنه يصعب على الصين الانتقال من الفحم الإندونيسي بسبب جودته الجيدة وأسعاره التنافسية مقارنة بالفحم المحلي.
لا بد أن التنمية الرأسمالية في بلاد المسلمين دفعت ثمناً باهظاً من الأمة مع الكثير من التدمير. إن الأمة هي الضحية الرئيسية والأولى. هذا الظلم يبدأ بتدمير المعرفة وتدمير وجهة النظر، ثم ينتهي بتدمير البيئة والمعاناة الإنسانية. نعوذ بالله! إن رسالة التنمية البشرية وتأمين البيئة ليست في قاموس مشاريع التنمية الرأسمالية. لذلك، من الطبيعي أن تكون هناك دائماً مقايضات، فالناس الذين يعيشون في المواقع الاستراتيجية الغنية بالموارد الطبيعية سيعانون من الخداع والفقر، بالإضافة إلى تضرر البيئة بسبب الاستغلال والهدر.
هذا هو الثمن الباهظ للتطور الرأسمالي: يتشابك تدفق النزعة الاستهلاكية في المناطق الحضرية مع تدفق الاستغلال الطبيعي في الريف. ممتاز. في المناطق الحضرية، كلما زادت المباني الشاهقة ومراكز التسوق بشكل مهيب، ازداد انتشار الجريمة والعنف ضد المرأة. وفي الريف، تُلعن الثروات الطبيعية ليتم استغلالها ويُترك السكان في ظلام الجهل والفقر، وحتى في كثير من الأحيان يواجهون عنفاً من أتباع المافيا.
يحدث كل هذا لأن التطور الحديث يقوم على مبادئ حرية الملكية والديون الربوية والاستثمارات الخاصة التي تتماشى مع النظام الصناعي الذي يتبنى قيم العلمانية والاستهلاك والليبرالية. ومن ثم فإن هذا التطور ملعون. وفوائده تتناقض مع شرع الله. تصاحبها أضرار بيئية ثم تتحول ببطء إلى أزمة مناخية وكارثة. والأسوأ من ذلك، أن هذا الثمن الباهظ يجب أن يُدفع مع الأضرار المعيشية والنفسية للأمة!
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير