الجمعة، 27 محرّم 1446هـ| 2024/08/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
النظام المالي الرأسمالي والبنوك مصدر المشاكل الاقتصادية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النظام المالي الرأسمالي والبنوك مصدر المشاكل الاقتصادية

 

 

 

الخبر:

 

أدلى الرئيس أردوغان ببيان بعد اجتماع مجلس الوزراء في 20 كانون الأول/ديسمبر قال فيه: "لدينا أيضاً بشرى خاصة بمصدرينا. سيتم تقديم أسعار صرف آجلة مباشرةً من البنك المركزي، لشركاتنا المصدرة التي تجد صعوبة في تحديد الأسعار بسبب التقلبات في سعر الصرف. سيتم دفع فرق سعر الصرف الذي قد ينشأ في نهاية هذه الصفقة إلى شركتنا المصدرة بالليرة التركية... وفي الوقت الحالي، بينما تكون الضريبة المقتطعة في دخل فوائد السندات الدولية (يوروبوند) هي صفر بالمئة، يتم تطبيق هذا المعدل بنسبة 10 بالمائة في سندات الدين المحلي الحكومية. لذلك، نخفض الضريبة المقتطعة هنا إلى صفر بالمئة من أجل زيادة الطلب على سندات الدين المحلي الحكومية". (موقع رئاسة الجمهورية التركية)

 

التعليق:

 

تشهد أسعار الصرف في تركيا زيادة مذهلة بسبب المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد التركي لفترة طويلة. وقد طلب الرئيس أردوغان من الناس مراراً وتكراراً بألا يطلبوا العملة الأجنبية، بل يقوموا بتحويل العملة الأجنبية التي لديهم إلى الليرة التركية. لكن هذه التصريحات لم توقف طلب الناس للعملات الأجنبية. والغريب أنه بعد إعلان أردوغان عن القرارات المتخذة في اجتماع مجلس الوزراء في 20 كانون الأول/ديسمبر 2021، شهدت أسعار الصرف انخفاضاً سريعاً في أسعار العملات الأجنبية. فخلال ساعات الليل عندما كانت أسواق ما بين البنوك مفتوحة فقط، انخفض الدولار الواحد إلى 11 ليرة تركية. وعندما فتحت الأسواق في اليوم التالي، تذبذب سعر الدولار بين 13-14 ليرة تركية. واعتباراً من 23 كانون الأول/ديسمبر، انخفض سعر الدولار إلى مستويات 11.21. يمكننا أن نقول عن هذه التطورات ما يلي:

 

1- إن النظام الرأسمالي هو نفسه أساس هذه الأزمات، والنظام النقدي والبنوك الربوية وسوق الأوراق المالية تشكل على وجه الخصوص أهم المصادر الرئيسية للأزمات داخل هذا النظام. وفي واقع الأمر، انخفضت قيمة الليرة التركية بنحو 6.5 مليون مرة مقابل الدولار منذ قيام الجمهورية عام 1923.

 

2- مع سياسة تخفيض سعر الربا باستمرار منذ تغيير أردوغان الأخير لمحافظ البنك المركزي، أرادت الحكومة أن ترتفع أسعار الصرف الأجنبي إلى مستويات معينة. بعبارةٍ أخرى، تمت محاولة تخفيض قيمة الليرة التركية دون الإعلان عنها رسمياً. وبهذه الطريقة، يُفترض زيادة الصادرات والإنتاج والعمالة، وبالتالي انخفاض عجز الحساب الجاري.

 

3- كما أراد أن يلقن الشعب التركي درساً من خلال سياسته القائمة على خفض أسعار الربا. لأنه على الرغم من أنه طلب منهم مراراً تحويل ما بأيديهم من العملات الأجنبية إلى الليرة التركية، إلا أنهم لم يستجيبوا له؛ لأنهم لم يثقوا به وبممارسات حكومته، بل على العكس، قاموا بشراء العملات الأجنبية بشكل مكثف في الأيام الأخيرة، لدرجة أن حسابات الودائع بالعملات الأجنبية في الودائع المصرفية اقتربت من 70٪ من إجمالي الودائع.

 

4- تدخل البنك المركزي في السوق أربع مرات ليحافظ على سعر صرف الدولار عند مستوى 13-14 ليرة تركية، وباع ما يقارب من أربعة مليارات دولار أمريكي. لكنه رغم ذلك لم يستطع الحد من ارتفاع النقد الأجنبي، أو تظاهر بأنه لا يريد منع الارتفاع. لأنه على الرغم من الارتفاع السريع في العملات الأجنبية، تصرف كما لو كان يؤجج النار، وأراد أن ترتفع العملة أكثر. وكان القرار الذي تم اتخاذه في الاجتماع الأخير للبنك المركزي بخفض سعر الربا بمقدار نقطة واحدة النقطة الأخيرة التي فاضت بها الكأس، فتجاوز سعر الدولار 18 ليرة تركية اعتباراً من ساعة تصريحات أردوغان.

 

5- في 18 كانون الأول/ديسمبر 2021، التقى وزير المالية نور الدين نباتي بجمعية البنوك التركية. وفي 20 كانون الأول/ديسمبر صرح أردوغان مؤكِّداً أن تركيا لديها هيكل مصرفي قوي للغاية. والنظرة الدقيقة الفاحصة في تطورات أسعار الصرف تبيِّن أن القطاع المصرفي له تأثير خطير في هذه التطورات. ويُلاحظ أن قطاع البنوك يقف وراء التراجع السريع في أسعار الصرف عقب تصريحات رئيس الجمهورية بعد إغلاق الأسواق. وبينما يحض أردوغان الناس على صرف ما بأيديهم من العملات الأجنبية وإيداع أموالهم بالليرات التركية في البنوك الربوية في سبيل وقف ارتفاع أسعار العملات الأجنبية من جهة أخرى، ويعدهم بتعويض خسائرهم في حال كان سعر الصرف أعلى من نسبة الربا على الودائع بالليرة التركية.

 

6- وبذلك نجد أن النظام المصرفي وربا الودائع يشكلان أساس الحلول المعلنة. فدعا الأشخاص الذين يملكون عملات أجنبية إلى إيداعها بالليرة التركية وكسب عوائدها الربوية. وكل هذه التطورات تدل على أن الحلول التي أعلنتها الحكومة تستند إلى الاتفاقات المبرمة مع البنوك، وأنها تهدف إلى إضافة تنمية الثروات النقدية بالربا، وأن تكلفة ذلك كله تقع على عاتق الناس.

 

7- بهذه القرارات، ينتقم أردوغان أيضاً من الأشخاص الذين لا يثقون به. لأن أولئك الذين انساقوا في تيار التطورات التي جرت في الاقتصاد واشتروا العملات الأجنبية بأسعار عالية دون تفكير بما سيحدث في المستقبل؛ خسروا بين عشية وضحاها، وتآكلت ثرواتهم الصغيرة. بالإضافة إلى ذلك، أعلن أردوغان أنه سيتم تحديد هوية من يجرون عمليات شراء العملات الصعبة عبر البنوك أو مكاتب الصرافة وستفرض عليهم عقوبات.

 

8- إن هذه المشاكل والأزمات لن تنتهي أبداً ما بقي نظام النقود الورقية القائمة على أساس الدولار الأمريكي والنظام الاقتصادي القائم على الربا. فزيادة أسعار الصرف ليست هي المرة الأولى في هذه البلاد. وقد حدثت مرات كثيرة في السنوات الماضية، ولا مفر من حدوثها مرة أخرى. فهذا النظام هو نظام اقتصادي يفتح الأبواب على مصراعيها للصوص الذين يسرقون في بيئة من الجشعين الذين لا يعرفون الشبع. إنه نظام يحمي مصالح أصحاب رؤوس الأموال وليس مصالح الناس، ويحدد السياسات الاقتصادية بما يتماشى مع رغباتهم. وبالتالي لن تنتهي الأزمات الاقتصادية ما لم يتم وضع حد للنظام الرأسمالي وسياساته الاقتصادية. وهذه المشاكل الاقتصادية التي نشهدها لا تنطبق على تركيا فحسب، بل تنطبق كذلك على جميع الدول الصناعية التي تتبنى الاقتصادات الرأسمالية. ولا يمكن القضاء على هذه المشاكل وما شابهها إلا من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة وتطبيق الأحكام التي أتت بها الشريعة الإسلامية.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد حنفي يغمور

آخر تعديل علىالإثنين, 27 كانون الأول/ديسمبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع