الجمعة، 27 محرّم 1446هـ| 2024/08/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الرأسمالية تحاول تجديد ثوبها المهترئ

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرأسمالية تحاول تجديد ثوبها المهترئ

 

 

 

الخبر:

 

تضاعفت ثروات الرجال العشرة الأكثر ثراءً في العالم منذ بداية جائحة فيروس كورونا، فيما تراجعت مداخيل 99% من البشريّة، بحسب تقرير نشرته، اليوم الاثنين، منظمة أوكسفام التي تناضل ضدّ اللامساواة حول العالم.

 

وقالت المنظمة في تقرير عنوانه "اللامساواة تقتل" نُشر قبيل المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي ستُعقد نسخة منه افتراضياً اعتباراً من اليوم، "إن اللامساواة تساهم في وفاة ما لا يقل عن 21 ألف يومياً، أي شخص واحد كل أربع ثوان".

 

التعليق:

 

أولا: قال الكاتب والصحفي الأمريكي جون بيلامي فوستر مرّةً عن الرأسمالية: "ها نحن بعد أقل من عقدين على بداية القرن الحادي والعشرين، ويبدو لنا أن الرأسمالية قد فشلت كنظام اجتماعي، فالعالم غارق في الركود الاقتصادي، وأعظم معدّلات اللامساواة في تاريخ البشرية، وكلّ ذلك مصحوباً بالبطالة الهائلة والبطالة المقنّعة وبالأعمال غير المستقرّة، وبالفقر والجوع والحياة المهدورة، وقد وصلنا إلى ما يسمّونه في هذه المرحلة "دوامة الموت".".

 

لقد راجت فكرة الرأسمالية في فترة زمنية معينة ظن الناس بها خلاصا في أوروبا والغرب عموما حيث ربطت بدولة الرفاهية والازدهار وحرية التملك والعمل والثروة وكانت الشعارات براقة وكبيرة وكانت الشعوب تحلم بها كفردوس أرضي بديلا عن الفردوس الآخر.

 

ثانيا: ولأن طبيعة الناس لا تدرك خطورة وخطأ الفكرة إلا من خلال التطبيق والممارسة وبعد الوصول لحافة الجبل بل والسقوط في ضنك العيش والذل والفارق الطبقي - اللهم إلا من رزقه التفكير المبدئي - فقد بدأت تعترف بعض الأخبار عن خطورة تزايد الثروة في يد فئة قليلة وتزايد البطالة والفقر لمجمل الناس حيث ذكرت بعض وسائل الإعلام مثلا عن عدد العاطلين عن العمل حول العالم، ويفوق 26 مليون عاطل في الولايات المتحدة وحدها، وترتفع معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية في أوروبا، بينما يواصل أغنياء العالم، وعلى رأسهم أساطين المال في أمريكا، مراكمة ثرواتهم.

 

وحسب معهد السياسات الأمريكي، أضاف أثرياء أمريكا 282 مليار دولار إلى ثرواتهم في ثلاثة أسابيع بين نهاية شهر آذار/مارس وحتى يوم 23 نيسان/أبريل الماضي، وذلك مقارنة بنحو نصف تريليون دولار خلال عام 2019 بأكمله.

 

ثالثا: إن قضية الفوارق في الدخول وتداعياتها على الاستقرار السياسي والاقتصادي في أمريكا، لم تعد قاصرة على النقاشات الجارية في الجامعات ومراكز الفكر والنخب السياسية، وإنما باتت قضية تهم حتى الأثرياء أنفسهم، وسط القلق من تداعيات الثراء الفاحش على مستقبل النظام الرأسمالي وتماسك المجتمع، فمثلا يرى محلل الاقتصاد السياسي البريطاني نيك كوهين، في تحليل بصحيفة "ذا غارديان البريطانية"، أن انعدام العدالة في توزيع الثروة والاحتكار والضغوط الاقتصادية ستقود إلى تقويض النظام الرأسمالي، ما لم تتخذ الحكومات إجراءات للحد من تأثيراتها السلبية على المجتمعات.

 

ولإدراك فئة قليلة لخطورة ما وصلت إليه اليوم هذه الفوارق وخطرها وأثرها على الناس وإمكانية الثورة عليهم فقد بدأ بعضهم بالحديث عن إصلاح الرأسمالية ضمن أطر وأسس النظام الرأسمالي "أمثال بيل غيتس، صاحب شركة مايكروسوفت" الذي قال: "إن النظام الرأسمالي يحتاج إلى إصلاح، ومن المصلحة أن ترتفع الضرائب على الأغنياء".

 

وقال في لقاء تلفزيوني: "أعتقد أن من الممكن أن تستخدم الضرائب للحصول على مساواة أفضل في الدخول وتمويل الخدمات الحكومية... ولكن يجب أن يحدث ذلك في أطر وأسس النظام الرأسمالي".

 

وكذلك الملياردير راي داليو الذي اعترف في لقاء مع برنامج 60 دقيقة بقناة "سي بي أس الأمريكية"، "أن الاقتصاد الأمريكي لا يوزع الفرص بعدالة، ويرى أن الحلم الأمريكي انتهى".

 

رابعا: لن تجد البشرية نظاما يخرجها من ذل العيش والدرك الحيواني إلا في الإسلام المبدأ الرباني الذي عالج مشاكل الإنسان بصفته إنسانا بعيدا عن الأهواء والمصالح والمنفعة للمشرع حيث قال تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ فالله حرم جعل المال بيد فئة قليلة فقط بل قسمه الله تعالى معللا الحكم ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ﴾، ولن يكون هذا إلا في ظل دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة التي على منهاج النبوة والذي قال خليفتها عمر بن عبد العزيز: "ليس لأحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب إلي فيه ولا طالبه مني".

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

آخر تعديل علىالأربعاء, 19 كانون الثاني/يناير 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع