- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا لم يستجب الله لدعاء الملايين لإنقاذ الطفل ريان؟
الخبر:
رداً على شبهة الملاحدة التي يثيرونها تكراراً، لماذا لم يستجب الله لدعاء الملايين لإنقاذ الطفل ريان وإبقائه على قيد الحياة؟
التعليق:
إن النظرة المستنيرة لهذه الحياة الدنيا، لا تكون بالنظر لها وحدها، وعزلها عما قبلها وعما بعدها؛ فعندما تريد أن تصدر حكماً على واقع، يكون النظر للواقع بكافة حيثياته وتفاصيله ومتعلقاته ومآلاته، حتى يكون حكمك صحيحاً.
وواقع الحياة الدنيا أنها حلقة في سلسلة، فالنظرة الكلية تكون لكامل السلسلة، حتى تفهم معنى الحلقة (الحياة الدنيا). والنظرة السطحية هي التي تفسر الأمر بظاهره؛ فيجعل كل ما هو من حوله هو مجرد مادة، وحتى العقل هو نتاج المادة عنده، فهي أساس كل شيء، وعليه يكون المقياس مادياً، ويكون الحكم الذي أصدره العقل خاطئاً.
إن من ينظر بنظرة سطحية لهذه الحياة، فيفسرها بأنها مجرد مادة، تكون وجهة نظره تجاهها المنفعة؛ فالدنيا هي كل ما يملك في عمره المحدود، فيشعر أنه في سباق مع الزمن، فيبذل كل ما في وسعه ليحقق أكبر قدر من المتع المادية فيها، وهذا ما يحقق له السعادة المتوهمة، فكل ما من شأنه أن يحقق له المزيد من هذه المتع هو خير، وكل ما يضع حداً لها وينظم إشباعها هو شر بمقياسه النفعي؛ ويكون عندها موت الطفل الذي لم ير من زينة الدنيا وزخرفها شيئاً بعد، شراً حسب مقياسه.
أمَّا من تكون نظرته مستنيرة تجاه هذه الحياة؛ فإنه يتوصل ابتداءً أن لها خالقاً، وبالتالي لا يعزلها عما قبلها (الله عزَّ وجل)، ولا يعزلها عن مصيره الذي حدده هذا الخالق بعدها (الثواب بالجنة أو العقاب بالنار)، ويفهم عندئذ معنى وجوده في هذه الحياة، أنه عبد لله، ويجعل حياته تتمركز حول تحقيق رضوان الله؛ فيفهم أن هذه الدنيا هي دار ابتلاء واختبار، وأن النجاة الحقيقية تكون فيما بعدها، وليس فيها، فيكون عندها أمره كله خير بالنظرة الكلية، إن أصابته ضراء صبر، وإن أصابته سراء شكر، وتكون نتيجة صبره وشكره دخوله الجنة، وهذا هو الفوز الحقيقي، قال عليه الصلاة والسلام: «مَا لي وَللدُّنْيَا؟ مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» رواه الترمذي.
والملحد الذي يفترض أن على الخالق أن يستجيب للدعاء كدليل على صحة وجوده، فهو بذلك يحدد صلاحياته، وهذا كلام يخالف العقل؛ فالعقل يقول إن خالق الشيء هو الذي يقرر الغاية من خلقه، وهو الذي يحق له أن يفعل ما يشاء به، متى ما يشاء، فهو ملك له، وإلا لما صحَّ أن يسمى خالقاً!
والخالق الذي كان يدعوه هؤلاء الملايين، قد أخبرنا رسوله الكريم بأن صور استجابة الدعاء متعددة:
- إما أن يستجيب له.
- إما أن يصرف عن المدعو من السوء مثل ما يُدعى له به.
- وإما أن يدَّخر له دعاءه إلى يوم القيامة.
ولو ما كان لريان من موته إلا الجنة، لكن ذلك أكبر استجابة، لكن بالطبع من عَبدَ هواه، لن يفهم هذه المعادلة، لأن إلهه هو هواه يميل معه حيث مال.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عمر فروخ