- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تكون الدولة دولة جباية لا دولة رعاية!
الخبر:
على أثر موجة ارتفاع الأسعار غير المسبوقة التي تطرأ على المواد الغذائية في العراق، والتي تسببت بتذمر شعبي، اتخذت الحكومة قرارات عاجلة للسيطرة على الوضع وتجنب استمرار تفاقمه.
ووفقا لبيان أصدره وزير التجارة علاء الجبوري، فإن "المجلس الوزاري للاقتصاد عقد اجتماعا طارئا، لمناقشة التطورات التي شهدها العالم وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا، نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، واتخذ عدة قرارات لتأمين خزين استراتيجي من الحنطة لمصلحة العراق".
وأضاف أن "المجلس الوزاري للاقتصاد أقر إجراءات عاجلة لدعم الحصة التموينية (مواد غذائية توزع على المواطنين)، وزيادة أسعار الحنطة المسوقة من المزارعين والفلاحين للموسم التسويقي المقبل إلى 725 ألف دينار للطن الواحد".
كما أقر "موافقة المجلس على دعم وزارة التجارة لتهيئة خزين استراتيجي، من خلال شراء 3 ملايين طن من الحنطة المستوردة، وتخصيص 100 مليون دولار لشراء الحنطة بشكل عاجل".
التعليق:
عندما تفقد الدولة دورها الأساسي وهو الرعاية وتتحول إلى دولة جباية، فمن الطبيعي حينئذ ظهور الأزمات وعجز الدولة عن الحل الناجع لهذه الأزمات، وما يحدث اليوم من أزمة غذائية وارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية ليس وليد الساعة، بل سببه الحكومة العراقية المسخ التي سلطها المحتل على رقاب الشعب العراقي، والتي حولت هذا البلد الغني بثرواته وتربته الخصبة ومياهه العذبة إلى سوق استهلاكي لسلع دول الجوار، فلا مصانع إنتاجية مع ما حبى الله من ثروات لهذا البلد، ولا زراعة مع وفرة مياهه وخصوبة أرضه، فمن السذاجة الاعتقاد بهكذا حكومة تصنع الأزمات، أن يكون لديها حلول لهذه الأزمات، وما هذه القرارات إلا خديعةٌ الغرض منها امتصاص غضب الأمة، والتلاعب بمشاعرها بترقيعات آنية جزئية.
أيها المسلمون في العراق: لقد فرض الله الرعاية على كل من ملّكه أمراً وهو سائله عن هذه الرعاية، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه، وعندما جانبت دول الضرار أمر الله وتخلت عن هذه المسؤولية، ضاعت حقوق العباد وتفاقمت الأزمات وعاشوا الضنك والفقر والعوز.
أيها المسلمون في العراق: إن حل هذه الأزمات وغيرها من حياة الضنك التي تعيشونها إنما هو بتطبيق شرع الله بدولة راعية يكون الإمام فيها جنة يقاتل من ورائه ويتقى به يمتثل أمر الله فيما استرعاه به، وتحاسبه الأمة على ذلك، عندها فقط تنتهي الأزمات حتى وإن ظهرت أزمة ما فالدولة مسؤولة عن حلها وهي قادرة على حلها حلا جذريا وبتعاون الأمة معها.
فمشكلة الأمة الأساسية وأزمتها الحقيقية هي الحكم والسيادة، ولا يجوز لها العيش إلا بحكم الإسلام وسيادة الشرع، ففي حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ»، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ، لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ» رواه مسلم، وإقامة الصلاة كناية عن الحكم بما أنزل الله.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مازن الدباغ