- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لن ينتهي العنف ضد المرأة في ظلّ أي نظام ليبرالي
(مترجم)
الخبر:
في الثاني من تموز/يوليو، انضمّ مئات الأشخاص إلى وقفة احتجاجية من أجل زارا ألينا التي قُتلت وهي في طريقها إلى منزلها في إلفورد، شرق لندن. كانت خرّيجة القانون البالغة من العمر 35 عاماً على بعد دقائق فقط من باب منزلها عندما جرّها رجل غريب وركلها وضغط عليها. وأصيبت بعدة إصابات خطيرة ووُجدت تنزف وتواجه صعوبة في التنفس. يضاف قتلها إلى جرائم قتل أخرى رفيعة المستوى لشابات في البلاد، مثل سارة إيفيرارد وسابينا نيسا، وأثار هذا مرةً أخرى نقاشاً وطنياً حول المستوى الوبائي للعنف الذي يؤثر على النساء في بريطانيا.
التعليق:
وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني، بين نيسان/أبريل 2020 وآذار/مارس 2021، قُتلت 177 امرأة في إنجلترا وويلز وحدهما، قتل 92٪ منهن على أيدي رجال. هذه ليست جرائم يرتكبها غرباء وحدهم. وبدلاً من ذلك، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني، فإن 60٪ من النساء اللّواتي قُتلن في إنجلترا وويلز يعرفن أن قاتلهن المشتبه به وثُلث المشتبه بهم هم أزواجهن الحاليون أو السابقون. في الواقع، في المملكة المتحدة، تُقتل امرأتان كل أسبوع على يد شريك حالي أو سابق. علاوةً على ذلك، هذه جريمة يأتي فيها كل من الضحايا والجناة من جميع المشارب. الرجل الذي قتل سارة إيفيرارد على سبيل المثال كان ضابط شرطة في الخدمة. بدأت الوقفات الاحتجاجية لإحياء ذكرى الشابات والفتيات اللائي قُتلن أثناء سيرهن في شوارع بريطانيا تصبح شائعة في البلاد. ومع ذلك، فإن بريطانيا ليست وحدها في النطاق الرهيب لقتل النساء والعنف ضد المرأة. فالجريمة متفشية داخل الدول الليبرالية الأخرى من الشرق إلى الغرب. ففي فرنسا، تُقتل امرأة كل ثلاثة أيام على يد شريك حالي أو شريك سابق، بينما يؤثر العنف الزوجي على 220 ألف امرأة فرنسية كل عام. (الجارديان، 2019). وفي الولايات المتحدة، تُقتل ما يقرب من ثلاث نساء يومياً بسبب العنف المنزلي. (مكتب العدل). وتعرّضت واحدة من كل خمس نساء للاغتصاب في حياتها. (مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها). وفي أستراليا، تدخل امرأة إلى المستشفى كل ثلاث ساعات بسبب العنف المنزلي. (المعهد الأسترالي للصحة والرعاية). وفي تركيا، تعاني أربع نساء من كل عشر في البلاد من العنف الأسري. (معهد الإحصاء التركي)، وبحسب وزارة العدل التركية، فإنه ما بين عامي 2003-2014، كانت هناك زيادة بنسبة 1400٪ في عدد جرائم قتل النساء.
أثار مقتل زارا ألينا مرةً أخرى نقاشاً حول سبب تعرض الكثير من النساء للعنف على أيدي الرجال داخل بريطانيا والفشل التّام للحكومات المتعاقبة في معالجة هذه القضية. من الواضح أن فرية المساواة بين الجنسين، التي دافع عنها الكثيرون داخل الدول الليبرالية العلمانية بوصفها وسيلة لترسيخ الاحترام للمرأة، فشلت في توفير الأمن الأساسي للمرأة. بريطانيا على سبيل المثال من الدول الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) واتفاقية إسطنبول بشأن العنف ضد المرأة. وهي جزء من استراتيجية المفوضية الأوروبية للمشاركة في المساواة بين الجنسين؛ ولديها عدد من قوانين المساواة بين الجنسين الموقّعة في القانون المحلي، مثل قانون المساواة 2006 و2010، وقانون التمييز على أساس الجنس 1975 و2002؛ ولديها وزيرة لشؤون المرأة والمساواة ولجنة للمرأة والمساواة. تم تكريس أفعال واتفاقيات مماثلة في القوانين والدساتير في الدول الليبرالية الأخرى، ومع ذلك فقد فشلت حتّى في الحدّ من حجم العنف ضدّ المرأة في هذه البلدان. علاوةً على ذلك، فإن دولاً مثل تركيا وتونس، اللّتين كانتا رائدتين في الدعوة وتنفيذ سياسات وقوانين المساواة بين الجنسين في البلاد الإسلامية، هي أيضاً من بين قادة العالم في مجال العنف ضد المرأة.
من الواضح أن ترسيخ المساواة بين الجنسين في الأدوار والحقوق المنزلية، أو في مكان العمل أو حتى داخل السياسة، ليس وصفة لخلق الاحترام والأمان للمرأة داخل المجتمع. بدلاً من ذلك، يعتمد تحقيق هذه النتائج على وجهة نظر الرجال تجاه المرأة والجوانب الاجتماعية الأخرى داخل المجتمعات. داخل الدول العلمانية، الحريات الشخصية والجنسية الليبرالية التي تُشجع الرّجال على النظر إلى النساء ومعاملتهن وفقاً لأهوائهم ورغباتهم، إلى جانب التقليل المنهجي من قيمة المرأة من خلال جعلها موضوعية وإضفاء الطابع الجنسي على الترفيه والإعلان والمواد الإباحية وغيرها من الصناعات وكذلك أنماط الحياة المتعالية، ابتليت بالخمور والمخدرات، وخلقت مزيجاً خطيراً فيما يتعلق بسلامة المرأة. علاوةً على ذلك، فإن غياب الأدوار والمسؤوليات والحقّ الواضح بين الجنسين في الزواج والحياة الأسرية في ظل الأنظمة الليبرالية العلمانية هو وصفة لكارثة لأنه يخلق ارتباكاً وتنافساً وتوتراً حول الواجبات والاستحقاقات ما يؤدي إلى تفاقم العنف الأسري بدلاً من تقليله.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الإسلام لديه نهج محدد متعدد المستويات لمنع ومعالجة العنف ضد المرأة:
أولاً: يرفض الحريات الليبرالية الجنسية والشخصية، بل يروّج لمفهوم التقوى (مخافة الله) داخل الأفراد، والذي يغذي عقلية المساءلة والمسؤولية في الطريقة التي ينظر بها الرجال إلى المرأة أو يعاملونها في الحياة الخاصة أو العامة.
ثانياً: تُلزم الأدلة الإسلامية الرجل بالنظر إلى المرأة ومعاملتها باحترام وحماية كرامتها ورفاهيتها دائماً. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾.
ثالثاً: فإن الإسلام يحظر بشكل قاطع أي شكل من أشكال الإساءة أو العنف ضد المرأة. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ وقال النبي ﷺ: «لَا تَضْربُوا إِمَاءَ اللَّهِ» سنن ابن ماجه.
رابعاً: يحرم الإسلام إضفاء الطابع الجنسي على المرأة وتجسيدها، أو أي عمل من شأنه أن يحطّ من مكانتها في المجتمع، بما في ذلك انخراطها في أي عمل أو خدمة تستغل جسدها أو جمالها من أجل الربح.
خامساً: يحرم الإسلام المخدرات والخمور وأي أسلوب حياة يسهم في العنف ضد المرأة.
وأخيراً، ينظم الإسلام واجبات وحقوق الرجل والمرأة في الزواج والحياة الأسرية بطريقة مفصلة ومتكاملة، على سبيل المثال تعريف الرجل بأنه الوصي ومعيل الأسرة، والمرأة على أنها رب المنزل والمسؤول الأول عن الأسرة، والأطفال. وهذا يضمن تلبية حقوق واحتياجات جميع أفراد الأسرة، ما يخلق الانسجام ويقلّل من النزاعات والصراعات حول المسؤوليات التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم العنف المنزلي.
عندما يتمّ تطبيق مثل هذه الأحكام والقوانين على مستوى الدولة من قبل نظام الحكم الإسلامي؛ الخلافة على منهاج النبوة، فإنها تخلق مجتمعاً تشعر فيه المرأة بالاحترام والأمان داخل منزلها وفي الشوارع وفي الحياة العامة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نوّاز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير