- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
وفد حكومي تونسي على أعتاب صندوق النقد الدولي
الخبر:
توجه يوم السبت 8 تشرين الأول/أكتوبر 2022، وفد حكومي إلى واشنطن لحضور اجتماعات الخريف السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وذلك في إطار البحث عن دعم لموارد ميزانية الدولة.
ويضم الوفد وزيري الاقتصاد والمالية ومحافظ البنك المركزي التونسي. وتسعى تونس للحصول على قرض بقيمة أربعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات تشمل خفض الإنفاق وخفض دعم الطاقة والغذاء. (موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس).
التعليق:
ليس جديدا أن تتخذ الحكومة من التسوّل على أعتاب الجهات الدولية المانحة سياسة رسميّة، فالتسوّل "الأنيق" هو ديدن جميع الحكومات في ظل هذا النظام الرأسمالي الجائر، ولكن الجديد هذه المرّة هو ما سيترتب على هذا القرض من إفساد كبير في الأرض تحت عنوان الإصلاح.
فرفع الدعم عن المحروقات وعدد من المواد الأساسية في ظل الظروف الخانقة التي يمر بها أهل تونس، يُراد تصويره على أنّه إنجاز يُحسب لصالح حكومة خاضعة ومرتهنة لا تملك قرارها بيدها، مع أنها لا تختلف عن سابقاتها إلا في حجم التجرؤ على هذا الشعب المقهور والذي تتداول الحكومات على اغتصاب إرادته وإذلاله وعقابه جماعيا على خيار الثورة.
من جهة أخرى، فقد أكدت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية موديز يوم الجمعة 7 تشرين الأول/أكتوبر 2022، أن توصّل تونس إلى اتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي يعد أساسيا للتّحكم في مخاطر التمويل والهشاشة الخارجية وكذلك المشاكل المجتمعية. جاء ذلك ضمن تقرير نشرته هذه الوكالة الأمريكية، قبيل يوم من لقاء رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالقائمة بأعمال السفارة الأمريكية في تونس ناتاشا فراشيسكي، والتي أكدت دعم أمريكا لمسار الإصلاح المزعوم وتسريع التحرك نحو اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
خلاصة القول إذن، إن تقرير الوكالة الأمريكية ولقاء القائمة بأعمال السفارة الأمريكية المتزامن مع زيارة الوفد الحكومي التونسي إلى واشطن، هي كلّها مقدمات لإقرار هذا القرض الربوي الضخم، وتصويره على أنه إنجاز يُحسب للحكومة، ونجاح باهر في التفاوض مع الصندوق، ومكسب واضح، مع أنه في الحقيقة عجز فاضح، سيعقبه لاحقا تضحية بجزء من تركيبة الحكومة أو كلّها، من أجل إنقاذ هذا النظام، الذي صار خطرا جاثما على صدور أبناء تونس.
إنه لا سبيل للخروج من دوّامة النظام الرأسمالي ومن قبضة صندوق النقد الدولي، إلا بالعدول عن الخيار الاقتصادي الليبرالي، وتبني نظام الإسلام كاملا، وتطبيقه تطبيقا شاملا، ومنه الجانب الاقتصادي الذي يعتني بموارد الدولة ويُنمّيها، ويراعي أنواع الملكيات، ويوزع الثروة توزيعا عادلا بين الناس، ولا يجعلها حكرا على جهات رأسمالية تتحكم في السياسات والقوانين والتشريعات، بما يضمن مصالحها ويلغي مصلحة غالبية الناس، حتى لتكاد الأمة تمحق محقا وتمعس معسا من جراء استيراد هذه السياسات الفاشلة التي لم تجر على شعوب الأمّة إلا الويلات والمصائب والأزمات.
فهل آن الأوان لنلقي بوعود المؤسسات الدولية والحكومات المحلية في هاوية سحيقة، وأن نُقبل على وعد الله سبحانه وبشرى نبيّه ﷺ بخلافة راشدة على منهاج النبوة؟
قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس