الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
سيظلّ الأطفال دائماً جائعين في ظلّ الأنظمة الرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سيظلّ الأطفال دائماً جائعين في ظلّ الأنظمة الرأسمالية

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

مع اشتداد أزمة تكلفة المعيشة في بريطانيا، تحول الاهتمام إلى حجم الجوع الذي يؤثر على الأطفال في البلاد. فقد ذكرت العديد من وسائل الإعلام أن جوع الأطفال هو أحد أكبر التحديات التي تواجه المدارس في المملكة المتحدة. ووفقاً لصحيفة الجارديان، قال مديرو المدارس والجمعيات الخيرية للمساعدات الغذائية إنهم يكافحون للتعامل مع الطلب المتزايد من العائلات غير القادرة على تحمل تكاليف الطعام. وكانت هناك تقارير عن أطفال يأكلون المحّايات لإخماد جوعهم أو يتظاهرون بتناول الطعام من صناديق الغداء الفارغة لإخفاء حقيقة عدم وجود طعام لديهم في المنزل. ويأتي بعض الأطفال إلى المدرسة ولم يأكلوا أي شيء في اليوم السابق. ووفقاً لفريق عمل فقر الأطفال، هناك 800 ألف طفل في إنجلترا يعيشون تحت خط الفقر ويقضون اليوم الدراسي في الجوع لأنهم لا يستوفون معايير الأهلية البائسة للحكومة للحصول على وجبات مدرسية مجانية. ويجبر التضخم المرتفع وتكاليف الطاقة الهائلة العائلات على الاختيار بين شراء الطعام أو تدفئة منازلهم، مع عدم قدرة العديد على تحمل أي منهما.

 

التعليق:

 

يحدث هذا الوضع المؤلم في بلد وُصف بأنه خامس أغنى دولة في العالم! فهناك 4.3 مليون طفل يعيشون في فقر في بريطانيا، ومن المتوقع أن يجبَر المزيد منهم على الفقر بسبب أزمة غلاء المعيشة الحالية. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة لوبورو في المملكة المتحدة، نُشرت في تموز/يوليو الماضي، أن ما يقرب من 40٪ من الأطفال والشباب في شمال شرق إنجلترا يعيشون تحت خط الفقر. يُذكر أن هناك المزيد من بنوك الطعام الخيرية في الدولة، حيث يذهب الذين لا يستطيعون تحمل عبء الضروريات الأساسية للمساعدة، أكثر من منافذ ماكدونالدز الموجودة في كل شارع رئيسي تقريباً في البلاد.

 

كل هذا هو إدانة دامغة للنظام الرأسمالي الذي يتمّ تنفيذه في البلاد وداخل الدول في جميع أنحاء العالم، والتي يعاني الكثير منها من مستويات مماثلة أو حتى أسوأ من الفقر العام وفقر الأطفال والجوع. إنه نظام سيفشل دائماً في توفير الاحتياجات الأساسية للناس. لكن هذا أمر حتمي فقط في ظلّ هذا النظام الفاسد الذي يولد اقتصادات مثقلة بالديون بسبب نموذجها الاقتصادي المادي القائم على الربا، والذي ينظر إلى المشكلة الاقتصادية على أنها مشكلة إنتاج وليس توزيع الثروة. وقد أعلنت الحكومة البريطانية مؤخراً بلا خجل أنها تخطط لإلغاء الحد الأقصى للمكافآت الابتزازية للمصرفيين، وكذلك منح خفض ضريبي للأثرياء، بحجة أن هذا من شأنه أن يسهل النمو في البلاد. في الوقت نفسه، رفضت استبعاد جولة جديدة من تخفيضات الإنفاق العام التي قد تؤثر على الناس العاديين، بما في ذلك وضع قيود على الربا للفقراء. إن أي نظام يؤسس النمو الاقتصادي على سياسات تزيد من إفقار الناس العاديين، وخاصة الفقراء - ما يجبرهم على الاختيار بين الجوع أو التجمد حتى الموت - بالتأكيد لا يمكن أن يكون نظاماً سليماً لإدارة شؤون الناس. لقد تراجعت الحكومة لاحقاً عن إعلانها بخفض الضرائب على الأثرياء في أعقاب الاضطرابات في الأسواق، بدلاً من اعتبارات التأثير الرهيب لسياساتهم على الناس العاديين.

 

إنّ الرأسمالية نظام سيفيد الأغنياء دائماً على حساب الفقراء، والشركات الكبيرة على حساب الناس العاديين، والأقوياء على حساب الضعفاء. نرى على سبيل المثال كيف تُمنح شركات الطاقة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات حرية جني أرباح مذهلة على حساب العائلات ذات الدخل المنخفض التي تُترك لترتجف في البيوت الباردة بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف الطاقة. في وقت سابق من هذا العام، صرّحت شركة بريتيش بتروليوم العملاقة للنفط أن لديها "نقوداً أكثر لا نعرف ماذا نفعل بها" بعد أن حققت ما يقرب من 10 مليارات جنيه إسترليني من الأرباح. والرأسمالية هي نظام يكون بموجبه دائماً انفصال بين من يحكمون ونضالات ومصاعب أولئك الذين يحكمونهم. إن أرقام النمو الاقتصادي مقدسة، في حين يتمّ تجاهل الواقع المعوق للحياة اليومية للناس العاديين الذين يكافحون من أجل البقاء المالي.

 

في المقابل، ينظر النظام الاقتصادي الإسلامي إلى المشكلة الاقتصادية باعتبار فكرة التوزيع الفعال للثروة لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لكل فرد، مثل الطعام والمأوى والملبس، مع ضمان اقتصاد صحي بحيث يتمتع الأفراد بالقدرة على تحسين مواردهم المالية ومستوى معيشتهم. ومن ثم فهو يحرم الربا وكنز المال الذي يؤدي لتركّز الثروة في أيدي القلة. قال الله تعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةًۢ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ كما يحرم الإسلام خصخصة الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمياه بحيث يستفيد الجميع من خيراتها وإيراداتها. قال النبي ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ».

 

علاوة على ذلك، يؤمن النظام الإسلامي بالاستثمار المكثف في التنمية الزراعية والصناعية، ولديه سياسة زراعية مميزة وعالية الإنتاجية تمكن أي شخص يزرع الأرض الموات من امتلاك تلك الأرض. كما تفرض الأحكام الشرعية على مالكي الأراضي استخدام أراضيهم الزراعية وتأمر بمصادرة أي أرض غير مستخدمة لأكثر من 3 سنوات متتالية وإعطائها لمن سيقوم بزراعتها. كل هذا يزيد من إنتاج الغذاء والأمن. لذلك ليس من المستغرب أنه في ظل نظام الحكم السياسي الإسلامي (الخلافة) تم القضاء على الفقر والجوع. وقد روى يحيى بن سعيد الذي كان واليا في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال: "أرسلني عمر بن عبد العزيز لأخذ الزكاة من أفريقيا. بعد جمعها، كنت أنوي إعطاءها للفقراء. لكن، لم أجد واحد. لقد جعل عمر بن عبد العزيز كل الناس أغنياء في ذلك الوقت".

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. نسرين نوّاز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع