السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بايدن: "الحرب أكبر من أوكرانيا. إنها أوروبا والناتو"

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بايدن: "الحرب أكبر من أوكرانيا. إنها أوروبا والناتو"

 

 

 

الخبر:

 

أوردت الواشنطن بوست في مقالها يوم الجمعة 2022/10/21 خبر انتقاد الرئيس بايدن للجمهوريين في الكونغرس وقوله "إن هؤلاء لا يفهمون الواقع. إن الحرب أكبر من أوكرانيا. إنها أوروبا (الشرقية). إنها الناتو. إن النتائج والتبعات جدية. إنهم لا يدركون السياسة الخارجية لأمريكا".

 

التعليق:

 

هكذا وبكل وضوح وبعيدا عن التحليلات والتكهنات والتوقعات، وعلى لسان رئيس أمريكا يتم تحديد هوية الحرب القائمة في أوكرانيا وأهدافها الاستراتيجية. فالمسألة في حقيقتها ليست أوكرانيا وإنما أوكرانيا كبش فداء تقدمه أمريكا لتحقيق أهداف استراتيجية في سياستها الخارجية تتعلق بأوروبا بشكل عام والشرقية بشكل خاص، وبالناتو. وما روسيا إلا أداة قد أحسنت أمريكا استعمالها بغض النظر عما إذا كانت روسيا تعلم ذلك ولا تعارض أو أنها تقبل، أو أنها لم تعلم بذلك وأوقعت في فخ دولي.

 

والسؤال هو ما الذي تخشاه أمريكا فيما يتعلق بالناتو أو فيما يتعلق بأوروبا؟ والجواب ليس خافيا فقد تحدثنا به مرارا وتكرارا، ولكن فرق بين ما قمنا به من تحليل ومحاولة فهم لما يجري وبين تصريح علني على رؤوس الأشهاد ونشره في أهم صحيفة أمريكية تنشر وقائع السياسة الخارجية لأمريكا بشكل دقيق ومن رجل البيت الأبيض بل العالم كله رئيس أمريكا.

 

صحيح أن حديث بايدن كان على شكل نقد لاذع لجمهوريي الكونغرس، إلا أنه في النهاية أكد كل ما كان يقال وكل ما ذهبنا إليه في إدراك الحقيقة السياسية لحرب أوكرانيا.

 

فمما لا شك فيه ولا يخفى على المراقب السياسي، ناهيك عن المفكر السياسي، أن الناتو هو الذراع الأكبر والأقوى الذي تستعمله أمريكا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في صراعها للسيطرة على الموقف الدولي في العالم ولقهر منافسيها أو من فيهم مظنة منافستها يوما ما. وقد جعلت أمريكا من حلف الناتو أداة مباشرة لإبقاء أوروبا تحت مظلتها، بحجة حمايتها من الاتحاد السوفيتي الدولة العملاقة والتي تمتلك أسلحة دمار شامل ولديها أطماع سياسية وفكرية، ولطالما حاولت أن تنشر مبدأها الاشتراكي في أوروبا. وزاد من ذعر أوروبا واستكانتها للمظلة الأمريكية الاتفاق التاريخي بين أمريكا والاتحاد السوفيتي على قوانين لعبة الحرب الباردة، والتي انصب جلها على كيفية إبقاء أوروبا تحت نفوذ أمريكا. وكلما ظهر تململ في أوروبا للإفلات ولو شبراً عن مظلة الحماية القسرية، سارعت أمريكا لردها كما يردّ الراعي غنماته إلى الحظيرة باستعمال كلب حراسته!

 

إلا أن أوروبا وعلى رأسها فرنسا لم تدع فرصة إلا وعرّضت بحلف الناتو معتبرة إياه من مخلفات الحرب الباردة التي لم تعد موجودة في الواقع، وأن الناتو يلفظ أنفاسه، وأن على أوروبا أن تقوم هي بحماية نفسها وتوسيع مدى قواتها الذاتية؛ ما أزعج أمريكا بشكل كبير وأثار حفيظة ترامب حين واجهه ماكرون بقوله "لماذا ندفع للناتو وقد غدا في غرفة الإنعاش ينتظر الإعلان عن وفاته؟". لعل هذا هو تحديدا ما عناه بايدن بأن الحرب أكبر من موضوع أوكرانيا. إنه الناتو!

 

ثم إن أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا قد خطت خطوات كبيرة جدا في التعاون مع روسيا في مجال الطاقة، وكان خط نورد ستريم 2 على وشك التدشين ليتدفق الغاز إلى كل أوروبا ممكّنا إياها من الاستغناء بأكثر من 80% من حاجاتها للطاقة عن المصادر الخاضعة للنفوذ الأمريكي.

 

وكما ورد في كلمة أمام مجلس الشؤون الخارجية الأمريكية والذي يمثل آراء الدولة العميقة فيها، فإن أمريكا سعت وحاولت بكل قوتها أن تلغي نورد ستريم 2 وتوقف تدفق الغاز المحتمل ولكنها فشلت. يقول جورج فريدمان مؤسس ورئيس المستقبل الجيوسياسي العالمي "الخوف المتأصل لدى أمريكا يزداد بسبب التكنولوجيا المتطورة لألمانيا وثرواتها المتزايدة، ومع الموارد الطبيعية الروسية، وقوتها البشرية، وهي التوليفة الوحيدة منذ قرون والتي كانت ولا تزال تثير الذعر لدى الولايات المتحدة. وأن هذه التوليفة قد تؤدي لخسارة هيمنة أمريكا على أوروبا. وعلى ذلك فإن محور ألمانيا روسيا يجب أن لا يحصل مهما كلف الأمر". جاء هذا التصريح مع بداية الحرب في أوكرانيا.

 

الجديد في الأمر هو أن ما كان قاله فريدمان أمام مجلس الشؤون الخارجية، عاد اليوم بايدن ليعلن عنه في أوسع وأهم صحيفة سياسية تعبر عن وجهة نظر السياسة الأمريكية.

 

والحاصل أن الدول العظمى بشكل عام وأمريكا بشكل خاص لا تقعد عن رسم الخطط، والقيام بالأعمال العسكرية والسياسية للحفاظ على مصالحها العليا وتحقيق سياساتها محليا وعالميا، ولو كلفها ذلك المال والسلاح وحتى الرجال. وأكثر ما يثير الأسى والحرقة هو أن تكون أعظم أمة وجدت ولا زالت تنبض بالحياة، وأقصد الأمة الإسلامية، ليس لها باع ولا ذراع في كل ما يحدث! ليس لديها خطط للدفاع والهجوم، أو للهيمنة والتوسع، أو للبناء والتقدم. فقد أصبحت مغيبة بشكل تام اللهم إلا إذا استخدمها الآخرون هي ومواردها في حروبهم ولتنفيذ خططهم وسياساتهم!

 

كيف ارتكست أمتنا العظيمة في حمأة التخلف والانحدار والبعد عن التأثير في العلاقات الدولية؟! كيف وصلت إلى هذا الحد من الركود والانحطاط وقلة الحيلة؟! حقا إن الله يصيب الناس بما كسبت أيديهم. أسأل الله تعالى أن يمكن لنا في الأرض بإقامة دولة الخلافة الراشدة لتزلزل الطغاة عن عرش الموقف الدولي، وتعود الدولة الأولى في العالم شاهدة على الناس تخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.

 

﴿الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جيلاني

آخر تعديل علىالإثنين, 24 تشرين الأول/أكتوبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع