- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كم مرّة سيُلدغ أهل تونس من جُحْر اتّحاد الشغل؟!
الخبر:
أثارت تصريحات قيادات بالاتحاد العام التونسي للشغل، مخاوف من "تصعيد متوقع جديد" بين النقابة العمالية، وسلطة الرئيس، قيس سعيد، وسط تحذيرات من تحول التصعيد إلى "أعمال عنف ونهب" تطال البلاد التي ترزح تحت وطأة أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية. (قناة الحرّة)
التعليق:
رغم ما تعيشه تونس من ضوضاء تذكرنا بالمثل القائل: "إنّ البراميل الفارغة تحدث ضجيجا وغوغاء"، لم يعد خافيا على كل عاقل حقيقة الدور المنوط باتحاد الشغل منذ عهد المخلوع بن علي. فهو الذي أتقن لعب دور المعارضة السياسية الصوريّة وامتهن احتكار العمل النقابي واحتواء الغضب الشعبي لصالح بقاء النظام وتمدده، بعد أن ثار الناس ضده في 14 كانون الثاني/يناير، وكلّ ذلك تحت غطاء الدفاع عن الطبقة الشغيلة وتقديم المصلحة العليا للبلاد.
ففي الوقت الذي يكثر فيه الصراخ والعويل ويشتد فيه التصعيد الكلامي بين السلطة والاتحاد، لدرجة يظن فيها المتابع أن المواجهة ستكون أقوى من أي وقت مضى، وأن الاتحاد سيقود مسار إسقاط الحكومة الفاشلة، أو أن صواريخ الرئيس ستغادر منصات إطلاقها، يفاجأ الجميع - ككل مرّة - بلقاء يجمع زعيم الاتحاد برئيسة الحكومة مطلع هذه السنة الإدارية، تحت عنوان تنقية المناخات العامة، والعمل المشترك لإيجاد الحلول الملائمة وتوفير سبل النجاح في المرحلة القادمة بما فيه تغليب للمصلحة العامة وإعلاء لمصلحة الوطن، استجابة لدعوات إنهاء حالة القطيعة. وأي مصلحة هذه التي تربط كليهما بالسفارات الأجنبية وبصندوق النقد الدولي، سبب كل المصائب التي يعيشها أهل تونس؟!
وبعيدا عن زوبعة الخطابات السياسية التي يطلقها اتحاد الشغل بين الفينة والأخرى، نذكر عقلاء هذا البلد بأن قيادة هذه المنظمة النقابية جلست مع وفد صندوق النقد الدولي لمرّتين متتاليتين خلال العام المنصرم، الأولى يوم 25 آذار/مارس والثانية يوم 12 تموز/يوليو، وعلى إثر ذلك صرّح رئيس المخبر الاقتصادي للاتحاد العام التونسي للشغل عبد الرحمن اللاحقة، بأنّ المنظمة النقابية قبلت مبدأ التفاوض مع صندوق النقد الدولي حول برنامج اتفاق مالي جديد على أساس "برنامج إصلاحات تونسي" يراعي خصوصيات الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. بل أكّد اللاحقة آنذاك بأنّ اللقاء الذي جمع خبراء الصندوق بالأمين العام للاتحاد وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي، "كان إيجابياً وتم خلاله التطرق للوضع الاقتصادي في تونس، حيث أعرب الاتحاد عن موافقته على التفاوض حول برنامج إصلاحات شفاف، ووفق رزنامة محددة تحقق الأهداف المنتظرة من خطة الإصلاحات".
وبدل محاسبة الحكومة والاتحاد على حد سواء، على رهن مصير البلاد بأيدي مؤسسات النهب الدولي، ثم على تبادل الأدوار من أجل المماطلة وإشغال الناس بصراعات كلاميّة وهميّة ومحطات انتخابية هزيلة يدفع نحوها الاستعمار عن إعداد الطبخة السياسية والاقتصادية البديلة التي تستبدل رأس النظام مجددا وتقصي عددا من رموز السلطة، ثم تبقي على الفساد الرأسمالي جاثما فوق صدور الناس أجمعين، بدل ذلك كلّه، نرى البعض يضطر للاصطفاف وراء طرف دون آخر، تحت سقف هذا النظام العلماني الذي يحارب أولياء الله حتى مُنع عنّا القطر، وكأن هناك بديلا عن الإسلام، ووحيا غير الذي نزل على نبي الإسلام سيدنا محمد ﷺ!
إن اتحاد الشغل، هو آخر ورقة استعملها نظام بن علي، أياما قليلة قبل اندلاع الانفجار الثوري وتصدع جدران النظام، وإنه لا سبيل لكنس هذا النظام العلماني في تونس إلا بالتخلي عن كل المسامير الصدئة التي تقوم بتثبيته، والإقبال على الإسلام عقيدة ونظاما، لنستأنف الحياة الإسلامية في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوّة، تملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فلا تدع السماء من قطرها شيئا إلا صبّته، ولا تدع الأرض من خيرها شيئا إلا أخرجته.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس