- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
د. جبريل إبراهيم: المالية تعتمد بصورة أساسية على إيرادات الضرائب
الخبر:
أكد دكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، اعتماد وزارة المالية بصورة أساسية على الموارد الحقيقية التي يتحصل عليها ديوان الضرائب مشيراً إلى أن الديوان في مقدمة الجهات الإيرادية في الدولة. (وكالة سونا للأنباء 2023/1/9).
التعليق:
الدولة أو الحكومة التي تمثلها هي عبارة عن جهاز تنفيذي يتحمل مسؤولية رعاية شؤون رعاياها في مختلف المجالات. ورعاية الشؤون هذه تتطلب أموالاً كثيرة للقيام بأعباء التعليم والصحة والمواصلات والبنية التحتية والأمن الداخلي والخارجي وغيرها. وتتحكم وجهة النظر والنظام المعتمد في الدولة بالكيفية التي تحصل عليها الدولة من أموال لتمويل أعمالها ومشاريعها.
فالدولة في النظام الاشتراكي لا تحتاج إلى فرض ضرائب على الناس من أجل التمويل لأنها هي التي تملك أصل المال وتملك حق التصرف فيه. أما في النظام الرأسمالي فالدولة لا تملك أياً من وسائل الإنتاج أو المقدرات الطبيعية؛ بل إن الملكية هي حق للناس وليست حقاً للدولة، بمعنى أنها لا تملك أيا من وسائل الإنتاج كالمصانع والمناجم والموارد الطبيعية وغيرها، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة للدولة كي تتمكن من تسيير أعمالها هي فرض الضرائب على الأفراد والمؤسسات.
في ظل الأزمة السياسية الراهنة، تعتمد الدولة في السودان في تسيير أعمالها على الإيرادات الضريبية والرسوم الجمركية، بمعنى أنها تركز على الجبايات لانعدام المصادر التي كانت تعتمد عليها في السابق في تمويل الموازنة؛ وهي القروض الخارجية والمساعدات والهبات من الدول الغربية، رغم أن السودان يتمتع بثروات هائلة وموارد طبيعية؛ زراعية متمثلة في الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة، وحيوانية ومعدنية ونباتية ومائية، فهذه الموارد غير مستغلة لمصلحة البلاد والعباد؛ بل هي نهب للشركات الرأسمالية والدول الاستعمارية الغربية التي تتحكم في البلاد وتسير الحكام والسياسيين وأدواتها لتطبيق سياساتها وأفكارها وتنفيذ مخططاتها لتحقيق مصالحها.
إن الدولة في الإسلام لا تحتاج إلى فرض الضرائب لتسيير أعمالها لأنها تملك مالاً. أما مصالح الناس العامة فالدولة تنفق عليها من ملكية الناس العامة التي يشتركون بها، فكما أن للدولة ملكية فكذلك لعموم الناس ملكية وهي ما تعرف بالملكية العامة. فالدولة لا تحتاج لفرض ضرائب على الناس من أجل إنشاء المدارس والمعاهد والمشافي والطرق والمطارات والموانئ؛ لأن هذه المصالح هي مصالح عامة للناس تنفق عليها من أموالهم التي جعلهم الله شركاء فيها، كالأموال الناتجة عن المصادر الطبيعية مثل النفط والغاز والذهب واليورانيوم وعن الغابات والممرات المائية وغيرها من المصادر الطبيعية. والدولة إذا احتاجت مالاً لتنفق على تسيير شؤونها كدفع الرواتب للموظفين وبناء المباني الحكومية وغيرها فإنها تستعمل أموال ملكية الدولة فإن لم تكف فإنها تنفق من أموال الملكية العامة على اعتبار أنها تنوب عن الناس في تسيير أعمالهم ومصالحهم، وبالتالي فإن الدولة في الإسلام لا تحتاج إلى فرض ضرائب على رعاياها من أجل تسيير أعمالها أو رعاية مصالح الناس. وتختلف الدولة في الإسلام عنها في الاشتراكية على اعتبار أن الدولة لها ملكيتها وعموم الناس لهم ملكيتهم وهما ملكيتان مختلفتان تماما، إضافة إلى أن الإسلام قد أقر بملكية ثالثة للأفراد. فالأفراد لهم ملكيتهم الخاصة التي يستثمرونها كما يشاؤون ضمن أحكام الشرع. فالإسلام أوجد توازناً بين حاجة الفرد، وحاجة المجموع وحاجة الدولة التي ترعى شؤون الرعية. إن الضرائب غير المباشرة، والرسوم، بمسمياتها المختلفة، هي جبايات حرمها الإسلام، لأنها أكلٌ لأموال الناس بالباطل، لقوله ﷺ: «لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ».
ولا يكون تطبيق ذلك إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي بعد التزامها بأحكام الإسلام، تقوم بواجب الرعاية تجاه الناس، وتستغل ثروات البلاد لمصلحتهم، ولا تجعلها كما هي الحال اليوم، نهباً للغرب الكافر المستعمر.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مجدي صالحين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير