- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تهجير يهود الثالث للفلسطينيين: متى، وإلى أين؟
الخبر:
حصلت مُلاسنة لأوّل مرّة في مجلس الأمن في 2023/1/6 بين مندوب كيان يهود ومندوب الأردن في الأمم المتحدة حول احتلالٍ أردنيّ للضفّة الغربية حتى عام 2023.
التعليق:
إن كيان يهود قد تم إنشاؤه منذ اليوم الأول باعتباره دولة ليهود. واقتضت الظروف السياسية منذ إنشائه أن يستمر وجودٌ ولو جزئي للفلسطينيين على أرضهم، ولم يتم تهجيرهم جميعا مرة واحدة. ولا يزال الكيان يؤكد على يهودية الدولة، ولم يعد ذلك سرا بعدما نشرت جريدة هآرتس بتاريخ 2022/10/7 سيناريو تهجير لنحو 200000 فلسطيني إلى مخيمات في جنين أو أي مكان آخر. ولا يستبعد أن يكون التهجير للأردن الذي أنشئ كإمارة شرق الأردن سميت (Transjordan)، ويعني إمارة انتقالية (Transient) أو إمارة (موطن) تهجير (Transfer).
وقد حصل التهجير الأول على إثر حرب 1948 حيث هجر حوالي 750000 فلسطيني أكثرهم إلى شرق الأردن الانتقالية والضفة الغربية التي كانت جزءاً من فلسطين حتى ذلك التاريخ. ثم كان التهجير الثاني سنة 1967 حيث هجر حوالي 250 ألفاً من الضفة الغربية إلى ما أصبح يسمى المملكة الأردنية الهاشمية.
ولا يزال كيان يهود لا يكف عن السعي لتحقيق ما يصبو إليه من إتمام بناء دولتهم على أرض فلسطين كلها وتهجير أهلها منها. وأما الدول العربية فهي لا تزال تنضوي تحت سيادة أمريكا وبريطانيا وهي لا تملك مجرد التفكير بالتصدي لكيان يهود وتحرير فلسطين.
وقد نشرت هآرتس بتاريخ 2022/10/7 ما نصه "زعماء الليكود والقوى اليهودية لا يخفون مخططاتهم بخصوص تهجير عرب (إسرائيل)". كما تعهد بن غفير أنه سيشكل "هيئة وطنية لتشجيع الهجرة" تعمل على "إخراج أعداء (إسرائيل) من أرض (إسرائيل)". كما أعلن الدكتور مايكل بن آري، أنه سيعمل على تشجيع هجرة "عرب أم الفحم الذين يرقصون على أسطح المنازل عند ذبح اليهود". وقد نشرت هآرتس خطة لعملية التهجير، مفادها أن جيش يهود لديه آلية لتهجير أكثر من 200 ألف شخص خلال يومين. وتبدأ الخطة بافتعال معارك في سوريا ولبنان ومن ثم يتعرض كيان يهود لهجمات من حزب إيران اللبناني بالصواريخ والطائرات المسيرة. وأثناء تحرك جيش يهود ومروره من القرى العربية تتعرض سياراته وآلياته إلى قنابل مولتوف والحجارة بهجوم من العرب. فتقوم قوات يهود بعملية تهجير قسري لهم بحجة عدم إعاقة الأعمال العسكرية. وخلال يومين يتم تهجير 200 ألف فلسطيني إلى الضفة الغربية أو الأردن.
إن موضوع تهجير الفلسطينيين الثالث ليس مجرد دعاية، بل هو تفكير جدي خاصة أن زعماء يهود يعلمون أن الأردن أقيم خصيصا للتهجير، ولعل هذا هو سبب الهاجس الذي يراود حكام الأردن حول الوطن البديل.
وما جرى في أروقة مجلس الأمن مؤخرا من ادعاء سفير يهود بأن الأردن كان محتلا للضفة الغربية كان بداية لإظهار ما يراه يهود علنيا أنه الحل الأمثل لقضيتهم وقضية فلسطين. ولا توجد عقبات حقيقية أمام قيام كيان يهود بعملية التهجير القسري.
إنه من المحزن أن نتحدث عن مثل هذا السيناريو والذي بات أقرب من أي وقت مضى وكأننا نتحدث عن عالم آخر! ولكن المحزن أكثر سيكون حين ينقلب الميزان رأسا على عقب، ويصبح العرب بمن فيهم الفلسطينيون محتلين لأرض فلسطين! وهذا ما أشار إليه مندوب كيان يهود في مجلس الأمن بأن الأردن كانت تحتل الضفة الغربية بما فيها القدس. ثم إذا ما كان هناك توقيع معاهدة سلام نهائية بين الفلسطينيين ويهود والتي بموجبها سيتم الاعتراف بقيام دولة للفلسطينيين، فإن ذلك يعني بالضرورة أن دولة يهود هي دولة يهودية بامتياز وأن وجود الفلسطينيين فيها غير شرعي، ما يقوي عندهم شرعية التهجير لمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأردن والتي كانت قد أنشئت ابتداء لتكون دولة التهجير، أو الترانسفير.
وببالغ الأسى، فإنه لا يوجد الآن على أرض الواقع الذي ينتاب البلاد الإسلامية، ما يرقى لأن يوقف أيا من مخططات يهود ومن يقف وراءهم. ولم يعطل مخططاتهم منذ عام 1920 إلا ظروف دولية انشغل بها العالم وتأجلت بسببها خطط وسياسات يهود. ولم يردع يهود عن تحقيق مآربهم لا الجيوش العربية، ولا المنظمات الفدائية، ولا الأموال الخليجية، بل إن جميع هذه الموارد قد سخرها حكام نذروا أنفسهم لخدمة يهود. وبات من المؤكد وبدون أدنى ريب أن الواقع السياسي في بلاد المسلمين لا بد أن يتغير تغيرا جذريا على شكل يمكنهم من التفكير ابتداء بكيفية التصدي لما يراد بفلسطين من تهويد كامل، ومن ثم العمل على امتلاك مصادر القوة الذاتية التي بها فقط يمكن إحباط ما سعى إليه يهود ومعهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا منذ أكثر من مئة عام.
والحقيقة التي لا يمكن أن يماري بها أحد أن التغيير الجذري على هذا الأساس لا يمكن أن يتم إلا بعودة نظام الإسلام السياسي؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد جيلاني