السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الاختلاسات مسلسل لا تنتهي حلقاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاختلاسات مسلسل لا تنتهي حلقاته

 

 

 

الخبر:

 

أورد موقع نبض السودان خبراً أن وزير البنى التحتية المكلف بولاية جنوب دارفور، عادل جابر كشف عن فساد واعتداء على المال العام بوزارته بلغ نحو 77 مليار جنيه بالقديم. وكشف الوزير، في اللقاء التنويري الذي عقده بمكتبه بحضور كل مديري الإدارات بالوزارة وممثل المراجع العام بالولاية والمراجع الداخلي ومستشار الوزير لشؤون التنمية والمستشار القانوني للوزارة، كشف أن التهم موجهة إلى المدير المالي السابق ورئيس الخزنة ومفتش أول صراف وصراف واحد.

 

وأكد جابر أنه تم القبض على كل المتهمين في البلاغ بعد فتح بلاغ بقسم نيالا وسط بالرقم 203/89/177 المال العام، مبينا أن قيمة المبلغ المعتدى عليه 68,216,715 جنيه وأن هناك مبلغ آخر تم اختلاسه تبلغ قيمته أكثر من 8 مليون جنيه وأن جملة الاعتداء بلغت قيمتها 77 مليار جنيه (بالقديم).

 

التعليق:

 

هكذا أصبح أمر المال في هذا البلد عجيباً، ففي كل عام نسمع بهذه الاختلاسات وبشكل دوري فأصبحت وكأنها خامس فصول السنة الأربعة! إن هذه الاختلاسات إنما يمارسها أفراد فقدوا تقوى الله، وهم يمارسون هذه الجريمة النكراء إرضاء لطموحاتهم ورغباتهم في هذه الدنيا الفانية ولم يتقيدوا بالحلال والحرام ولم ينطلقوا من عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والفهم السائد عند الناس أن السعادة إنما تكون بجمع المال الكثير متأثرين بالنظام الرأسمالي الذي يقوم على المصلحة والمنفعة. "وَلَسْتُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ *** وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ".

 

فالسعادة الحقيقة تكون باتباع منهج الإسلام، وهي رضوان الله سبحانه وتعالى، والسبب الثاني هو عدم وجود رأي عام ضد هذه الجريمة وعدم إدراك الناس أن هذه الأموال التي تُختلس إنما هي أموالهم، بل يظنونها مال الدولة؛ لأن الحكام أصبحوا بعيدين عن الأمة ولا يؤدون واجبهم من الإنفاق عليها ورعاية شؤونها، وبعدت الشقة بينهم. وأيضا من الأسباب عدم وجود الرادع الذي يردع المختلس حتى يمنعه عن جريمته، وقد قيل: "من أمن العقاب أساء الأدب"، وكما قال سيدنا عثمان رضي الله عنه: "إن الله ليزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن"، وسكوت الدولة على مثل هذه الجرائم وعلى أمثال هؤلاء المختلسين زادهم قوة، والدليل هو تكرار هذه الجريمة كل عام.

 

إن المحافظة على أموال الأمة ورعاية شئونها هي من أوجب واجبات الدولة، فها هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يحصي أموال الولاة والعمال قبل أن يوليهم وبعد توليتهم، فإن وجد عندهم مالاً زائدا أو حصلت عنده شبهة في ذلك صادر أموالهم أو قاسمهم عليها، ويضع ما يأخذه منهم في بيت المال.

 

وأيضا مما أدى لوجود هذه الجريمة عدم وجود القدوة الحسنة، فإذا كان رب البيت للدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص! فانظر كيف تكون القدوة الحسنة، فقد جاء في الأخبار في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أُتي له بمال من العراق وكان مالاً كثيرا جدا فيه الذهب والياقوت والزبرجد واللؤلؤ، فعندما رأى سيدنا عمر تلك الجواهر أخذ يقلّبها بعصا له وقال: "إن الذي أدى هذا المال لأمين" فقال رجل: "أنا أُخبرك، أنت أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت فإذا رتعت رتعوا". وقال سيدنا عمير بن سعيد: "لا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليست شدة السلطان قتلا بالسيف أو ضربا بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذ بالعدل".

 

وأيضا ما دار بين سيدنا عمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله عنهما عندما كان واليا على البحرين وكان قد ادخر مالاً من مصادره الحلال، وعلم عمر فدعاه إلى المدينة فقال له عمر: "يا عدو الله وعدو كتابه أسرقت مال الله؟!" فقال أبو هريرة: "ما أنا بعدو الله ولا كتابه ولكن عدو من عاداهما ولا أنا من يسرق مال الله"، فقال عمر: "من أين اجتمعت لك 10 آلاف؟" قال: "خيل لي تناسلت وعطايا تلاحقت". قال عمر: "فادفعها إلى بيت مال المسلمين"، ودفع أبو هريرة المال إلى عمر ثم رفع يديه إلى السماء وقال: "اللهم اغفر لأمير المؤمنين".

 

هكذا كان خلفاء المسلمين حريصين كل الحرص على أموال أمة الحبيب ﷺ لأنهم سخروا أنفسهم خدمة لهذه الأمة؛ يرعون شئونها بعقيدة الإسلام، ولن ينصلح حال هذه الأمة إلا إذا كانت الدولة جادة في محاربة هذه الظاهرة، وهذا لا يحدث إلا من دولة دستورها منبثق من العقيدة الإسلامية؛ دولة الخلافة التي تحارب الفساد بجميع أنواعه وأشكاله.

 

اللهم هيئ لهذه الأمة خليفة ربانيا يقود الأمة بهدى كتابك وسنة رسولك ﷺ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

آخر تعديل علىالإثنين, 06 آذار/مارس 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع