السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الاتفاق السعودي الإيراني

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الاتفاق السعودي الإيراني

 

 

الخبر:

 

أعلنت الصين والسعودية وإيران، في بيان ثلاثي، يوم 10 آذار/مارس 2023، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهرين، حيث كانت العلاقات قد انقطعت بين البلدين عام 2016، عندما هاجم متظاهرون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران. وجاء هذا الاتفاق بعد مباحثات جرت بين وفدي السعودية وإيران في بكين خلال الفترة من 6 إلى 10 آذار/مارس 2023.

 

التعليق:

 

أولا: على الرغم من إجراء خمس جولات علنية من المفاوضات السعودية الإيرانية التي سبقت الإعلان في 10 آذار/مارس 2023 عن اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فإن هذا الإعلان حمل في طياته مفاجأتين مهمتين. وقبل الحديث عن هاتين النقطتين لا بد من ذكر أبرز نقاط الاتفاق وهي:

 

الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران. ويتضمن كذلك تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

 

واتفقا أيضا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، واتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 1422/1/22هـ، الموافق 2001/4/17م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 1419/2/2هـ الموافق 1998/5/27م. وقد أعربت الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.

 

ثانيا: أما الحديث عن المفاجأتين فهما من حيث التوقيت والوسيط، ولا بد من وقفة مهمة حول هذه الأمور:

 

أما التوقيت فهو مهم جدا وخطير يتعلق بموقف دولة يهود من ضرب إيران ومحاولة إيجاد طرف دولي تستند إليه لعله يقدم لها المساعدة في ايجاد مبررات الضربة في الوقت الذي يتحدث فيه الإعلام عن موقف أمريكا عن تأزيم الملف النووي الإيراني كظاهرة صوتية تحمل بعلو صوتها أمريكا الملف ولكنها تعمل على منع ضرب إيران من خلال منع وجود مبررات الضربة. فمن ناحية العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة فقد دفعت أمريكا مديرها إلى تخفيف التصريحات عن تعنت إيران بل وأعلن عن انفراجة كبيرة بموافقة إيران على إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في عدة مواقع نووية إيرانية ثم أعلن "أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية محظور"، فما كان من نتنياهو إلا أن قال "إن رفائيل غروسي أدلى بتصريحات غير مناسبة".

 

ثم فيما يبدو أن بريطانيا أرادت تصنيف الحرس الثوري الإيراني كحركة إرهابية، ولعل هذا التصنيف يخدم نتنياهو بضرب مواقع للحرس الثوري الإيراني تحت حجة (الحرب على الإرهاب) شعار أمريكا، ولن تستطيع منعه فهي من أعلن هذه الحرب ورفع هذا الشعار ولا تستطيع أن تمنع أي تحرك ضد (الحرب على الإرهاب)، فما كان من أمريكا إلا أن منعت بريطانيا من ذلك، فقد كتبت صحيفة تلغراف البريطانية أنّه على الرغم من دعم وزارة الداخلية البريطانية إدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية، فإنّ دبلوماسيي حكومة جو بايدن يضغطون على حكومة لندن لعدم القيام بذلك.

 

وهذا المنع واضح منه عدم إعطاء نتنياهو أي مبرر لضرب إيران، ثم جاءت هذه الضربة المؤلمة لنتنياهو ومن معه، ولعل بعضهم يسأل ما علاقة الاتفاق بضرب إيران؟ والجواب أن يهود بحاجة إلى طريق جوي وقواعد لتزويد الطائرات بالوقود. وهذا الطريق محكوم من خلال السعودية أو العراق، والعراق صرح رئيس وزرائه أنه لن يكون العراق طرفا في الاعتداء على دول الجوار.

 

ثم كان هذا الاتفاق الذي أنهى أي احتمال بموافقة السعودية على أن تكون معبرا لضرب إيران أو تزويد طائراتها بالوقود، فيما لن تجرؤ أي دولة خليجية بالموافقة على منح نتنياهو أرضا أو تزويد الطائرات بالوقود. ويلاحظ تأييد الخليج للخطوة السعودية في التصريحات، فهي لن تستطيع بعد الاتفاق أن تذهب منفردة في القرار خاصة وهي تعلم من الجهة التي تمنع ضرب إيران وأن الموافقة مخاطرة كبيرة جدا ولها آثار سياسية وعسكرية لا طاقة لهم بها.

 

لذا كان التوقيت دقيقا جدا وحساسا بشكل كبير جدا جدا، وكان الاتفاق يكتب في الغرف المظلمة بحيث تفاجأت به حكومة نتنياهو ومن خلفها في الوقت الذي تعلم فيه أمريكا بالاتفاق.

 

هذا جانب ومن جانب آخر من حيث الوسيط، فقد ظن البعض أن هذا انتصار للصين وإخفاق لأمريكا، ويدل على دور صيني دولي في منطقة تعتبرها أمريكا من ضمن أمنها القومي وأحد أهم وأخطر مناطق القيادة الدولية.

 

والناظر في الأمر يجد أن الصين هي وكيل لتنفيذ ما تريده أمريكا لكنها لم ترغب أن تكون بالواجهة، وبحسب السفير السابق لأمريكا في كيان يهود دانيال شابيرو، فإن النصف الممتلئ يتمثل في الحد من التوترات الإيرانية - السعودية، لأنه هدف أيدته أمريكا، بعد أن أعطت دعمها للجولات السابقة من هذه المحادثات في العراق وسلطنة عمان، وإذا تم تنفيذ الاتفاق، فقد يساعد في إنهاء الحرب في اليمن، كما سعت أمريكا، وتقليل التوترات في العراق التي أدت إلى استهداف القوات الأمريكية.

 

ويتفق نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق وليام ويشسلر، في أن المصالح الأمريكية في الخليج تصبح أكثر أماناً إذا كانت الدول المحيطة به تعمل بنشاط على تهدئة التوترات المتبادلة، فقد كانت هذه هي الحال عندما ساعدت الاتفاقية الأمنية لعام 2001 بين السعودية وإيران على منع نشوب صراع نشط لمدة 10 سنوات على الرغم من عدم الثقة المتبادلة العميقة.

 

فأمريكا هي صاحبة الموافقة على الجولات السابقة وهي من منعت الحرب وتريد توزيع الأدوار في المنطقة بما يحقق مصالحها، ومن أكبر مصالحها عدم إثارة المنطقة لأنها مشغولة بحرب أوكرانيا وروسيا واحتواء الصين. ووجود توترات في المنطقة سيؤخر أو يعيق احتواء الصين فهي عطلت سابقا الذهاب إلى سياسة الاحتواء وتفرغت للمنطقة في الربيع العربي، وحقيقة الأمر أن الصين بغبائها وقصر نظرها تعمل على مساعدة أمريكا على التفرغ لها بدل أن تعمل على إشغالها في مناطق ذات خطورة عالية وثنيها عن سياسة احتوائها! سبحان الله دولة تعمل على مساعدة عدوها على التفرغ لها ويقول البعض إنها ضربة لأمريكا وانتصار كبير للصين! والصين في حقيقة الأمر تعمل بما يحقق مصالح أمريكا ويؤذيها هي؛ لقصر النظر والضعف في الفهم والإدراك. فهذا الفهم العميق لا يملكه إلا أصحاب المشروع السياسي الذي يريد تغيير العالم كله بنظرة سياسية ثاقبة وعمق عقائدي، فهؤلاء هم حقا السياسيون وأصحاب العمق والنظر من وراء الجدار.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

 

آخر تعديل علىالجمعة, 17 آذار/مارس 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع