الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
(وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ

 

 

 

الخبر:

 

ما زالت وسائل الإعلام ووسائط التواصل تتناول حادثة تعامل إمام في الجزائر برفق مع قطة تسلقت كتفه أثناء الصلاة، وتنقل ردة فعل المشاهدين للحادثة التي فاقت عدد مشاهداتها المليارين حتى الآن، وتنقل مدى إعجاب الناس من مختلف الأديان بخشوع وهدوء ورفق الإمام بالقطة، مع عاصفة من التحليلات لتبعات هذه الحادثة من حيث إظهار الصورة الحقيقية للمسلم المتدين الملتزم، وكيف هدمت لقطة عفوية ليست على البال، مئات المسلسلات والأفلام التي سعت لتشويه صورة المتدين وإظهاره بمظهر الشرس البغيض العنيف، كاره الجمال صعب المزاج، وصولا إلى الاستفادة من هذا المشهد للدعوة إلى الإسلام وإظهار جماله ورقي سلوك من يتحلون بصفاته.

 

التعليق:

 

صحيح أن ذلك المشهد كان يحمل رسالة في نفسه متعددة القيم ومتنوعة المواضيع بحيث كان الرفق بالحيوان موضوعا وكان الخشوع موضوعا ثانيا، والوقار الذي خالطه التواضع ولم ينقص منه اللين شيئا موضوعا ثالثا، إلا أن ما غفل عنه كثيرون هو تدبير الله بنشر آيات من القرآن الكريم تحمل رسالة حضارية متبلورة، وأصلا عقديا من أصول الإسلام، لو أنفق المسلمون الملايين لنشرها بين الناس ما وصلت لهم بهذه السرعة، فشاء الله أن تدخل آياته ملايين البيوت وتطرق ملايين الأسماع وتنزل في ملايين القلوب، في ساعات قليلة وبغير جهد أو تقصد أو نفقات.

 

لقد استمع قرابة المليارين إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾. وهي آيات تبين حال اعتقاد الأمم سوى أمة الحق وتخبطهم بين الظن والخرص، فهم فريقان، فريق يظن ويرجح تقليدا ولا يقين عنده وفريق يخرص ويرجم بالغيب افتراء ولا حجة لديه.

 

فعوام الناس يثقون بالكهنة والزعماء الفكريين والفلاسفة والخطباء الروحيين، ويجعلون كلامهم موضع التصديق فيقلدونهم في الاعتقاد دون تثبت أو تدبر أو حجة مقنعة، ويظنون أن كبراءهم يعلمون الحقيقة ويصيبون كبدها، خاصة وقد أتقن الكبراء فن الإيعاز النفسي والتدليس وخلط الحق بالباطل، فاتبعوهم على أديانهم وعقائدهم فكانوا من الضالين.

 

وأما الفريق الآخر فهم الفلاسفة والكهان والأحبار ومن يتسمون برجال الدين، فهؤلاء زعموا في حق الله ما لا علم لهم به وافترضوه افتراضا، ونسبوا له الشركاء وأحلوا حرامه وحرموا حلاله، ورجموا بالغيب وفق ما تهوى أنفسهم واصطنعوا عقائد وابتدعوا أسماء لم ينزل الله بها سلطانا، فهؤلاء يعلمون أنهم يتخرصون ويتألون على الله، ولكن حملهم كبرهم وعنادهم على ادعاء أن هذا هو الحق من عند الله.

 

فجاء الرد الرباني بأن الله قد أقام الحجة على الناس برسله التي أرسلها، وشرائعه التي فرضها، وأمر الناس باتباع الحق وإعمال العقل والفكر للتثبت والتبين، وعدم اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وكان من سنته في الناس أن يجعلهم جميعا قادرين على الاختيار بين الحق والباطل، وأن يترتب على ذلك وجود الهداة المهتدين ووجود الضالين المضلين، وأن اختلاف الناس في الإيمان سببه ترك حجج الله البالغة، وإهمال تتبع الدليل القاطع والبرهان الساطع، واتباع ظن الظانين وتخرص الخارصين.

 

هذه الآيات نبهت إليها قطة وترنمت بها حنجرة الشيخ الكريم وتناقلتها وسائل الإعلام عن علم أو جهل بعظيم ما تحمل من معان. وهي والله رسالة الأمة الإسلامية اليوم إلى العالم أجمع، عوامهم ومنظري فلسفاتهم وأديانهم، أن تعالوا إلى كلمة الحق وعقيدة الحق وسبيل الحق، ولتكن الحجة دليلنا والبراهين قائدتنا.

 

﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الشيخ عدنان مزيان

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالأحد, 16 نيسان/ابريل 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع