السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الغائب في الانتخابات التركية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الغائب في الانتخابات التركية

 

 

 

الخبر:

 

الانتخابات التركية 15 آيار 2023.

 

التعليق:

 

من وسط ضوضاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا، ومن داخل صندوق الانتخابات، ليسمح لي القارئ أن آخذ بيده إلى ساحة هادئة، ننظر معاً خارج ذلك الصندوق!

بدايةً يجب أن يكون لدى المسلم قاعدة فكرية صحيحة يرتكز عليها وينطلق منها وينضبط بمقتضياتها حينما يمارس فعاليات حياته المختلفة؛ السياسية والاجتماعية والمالية...الخ. ولا توجد قاعدة حقة سوى الإسلام، قال الله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾.

 

كما أن المسلم يجب أن يكون صاحب قضية، وأن تكون حياته تدور حول تلك القضية. وقضية المسلم أن يعبد الله حق عبادته، ومن ذلك أن يكون حكم الإسلام مهيمناً على سائر الأديان. وهذا مع الأسف غير حاصل منذ عقود؛ منذ أن حلّت على المسلمين فاجعة هدم الخلافة، وغاضت أحكام الإسلام في السياسة والاقتصاد والقضاء والسياسة الخارجية، وحلّت محلها العلمانية بدولها الوطنية والقومية، وصارت الهيمنة للدول الكبرى وشرعتها الدولية.

 

فكانت أصنام العصر الحاضر التي تحول دون نهضة المسلمين هي العلمانية والدولة الوطنية والشرعة الدولية، وهي تمثل بحق ثالوث الشر الذي يجثم على صدر الأمة، ويتضاعف الشر شراً حينما تغيب هذه الحقيقة عن المسلم، فيحسب أن هذا الثالوث من الأمور الحسنة التي تعارف عليها الناس منذ أمد ولا بأس فيها، ويا للحالقة!

 

استحضار هذه المقدمة ضروري جداً حين النظر إلى شأن الانتخابات التركية. فالانتخابات في تركيا، وفي غيرها من بلاد المسلمين، تجري ضمن هذا الإطار؛ إطار الدولة العلمانية الديمقراطية الوطنية الملتزمة بالشرعة الدولية والمرتبطة بنفوذ القوى الغربية الكبرى؛ ارتباط تبعية أو ارتباط مصلحة.

 

ولا أحسب أنني بحاجة لإثبات أن الوسط السياسي التركي ومنهم الرئيس أردوغان وحزبه ملتزمون تماماً بإطار ثالوث الشر من رؤوسهم إلى أخمص أرجلهم!

 

هذا هو المنظور الذي يجب أن ينظر من خلاله المسلم ليحدد موقفه من الانتخابات التركية... موقف الرفض والازدراء والتحذير من خطورتها على مسيرة الأمة في النهضة والتغيير.

 

وبمناسبة الحديث عن النهضة والتغيير، أقول للكثير من المشايخ والمثقفين والناشطين الذين أبدوا حماسة منقطعة النظير في الدعوة للمشاركة في هذه الانتخابات العلمانية الديمقراطية: حنانيكم حنانيكم! أين مبادئكم وتنظيراتكم وكتبكم التي تنقُض وتنقَضُّ على العلمانية والديمقراطية والليبرالية والوطنية وشرعة الطاغوت الدولية؟!

 

الشعوب تصطلي بفتنة هذه الأصنام وأنتم تزيدون الفتنة اشتعالاً بإلباس السياسة المتعلقة بها لبوس الدين وخدمة الدين؟!

 

ما شأن الدين وأحكامه وقضاياه في الجدل السياسي التركي؟!

 

القوم، أردوغان ومنافسوه، قضاياهم هي قضايا الدولة التركية العلمانية القومية، في الاقتصاد الربوي وفي التطبيع مع المجرم بشار أسد، والعداء للاجئين السوريين، وفي السياسة الخارجية اقتراباً من السياسة الأمريكية وابتعاداً عنها، وغير ذلك من قضايا لا شأن لها بالإسلام. فلماذا الانفصال عن الواقع والإصرار على إلباس المشهد التركي لبوس الإسلام، وتكثيف الحديث عن الاضطرار والإكراه والترجيح بين المفسدتين...إلخ؟! أمِن كل عقولكم تصدقون أن أردوغان يحكم بما أنزل الله وهو يتبنى العلمانية والديمقراطية، ويطبع مع الكيان الغاصب ويسعى للتطبيع مع مجرم سوريا، ويتبنى النظام الربوي المصرفي، ويتحالف مع الرئيس الروسي بوتين والنظام الإيراني الذين تقطر أياديهم من دماء المسلمين... يفعل ذلك كله اضطراراً وإكراهاً؟!

 

وينقلب المشهد إلى بعض الكوميديا، من باب شر البلية ما يضحك، فيستشهد بعضكم بكلام ابن تيمية رحمه الله، ويكأن لسان الرئيس التركي وحزبه أن يا للهول، لا تورطونا بالإرهاب!

 

والبعض الآخر يستشهد بحادثة النجاشي، ويكأن الرئيس التركي وحزبه يحكّون رؤوسهم، ولسان حالهم من يكون النجاشي هذا؟ هل هذا صاحب مطعم كباب جديد في ميدان تقسيم الشهير؟!

 

اتقوا الله يا هؤلاء في أمتكم، وفي طريقة تفكيرها، وهذا الذي ترسخونه في فكر الشعوب في المقارنة بين السيئ والأسوأ، وفي القبول بعلمانية دون أخرى، هو في واقعه ترسيخ للواقع الفاسد وعرقلة لمسيرة النهضة والتغيير نحو استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة على منهاج النبوة.

 

وعوداً على بدء، أقول تلخيصاً للكلام وتوضيحاً للعنوان، إن الغائب في الانتخابات التركية هو الإسلام والكثير من العقل والحكمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام/ ولاية الكويت

آخر تعديل علىالأربعاء, 17 أيار/مايو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع