- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ويستمر الضرر...
(مترجم)
الخبر:
في محاولة لإرضاء صندوق النقد الدولي، أعلنت الحكومة الباكستانية الرفع الفوري لقيود الاستيراد. ومع ذلك، يعتقد كل من قطاع الأعمال والمحللين أن هذه الخطوة وحدها لن تحدث تغييرات كبيرة في الأنشطة التجارية العملية ما لم يتمّ تعزيز احتياطيات النّقد الأجنبي بشكل كبير. (تربيون الباكستانية)
التعليق:
كانت باكستان منذ إنشائها في حالة أزمة اقتصادية وهي تغرق أكثر في فخ الفقر. في الواقع، هذا الفقر ناتج عن الحكّام العاجزين والمخادعين الذين يحكمون باكستان ودول العالم الثالث الأخرى. فقد تركت هذه البلدان في الأنقاض وأعطيت وضع الدولة القومية بعد أن تمّ استعمارها وسرقتها من المصممين الحاليين بالقروض ومصائد الفقر القائمة على الإقراض. النظام الاقتصادي المطبّق في باكستان يخلق حلقة ذاتية التعزيز من الفقر. انضمت باكستان إلى صندوق النقد الدولي في عام 1950 في خضم الصعوبات المالية. وفي عام 1958، أصبحت باكستان أول دولة تطلب المساعدة من الصندوق. وسواء أكان حكمها ديمقراطيا أو عسكريا، علمانياً أو محافظاً، انحنى الجميع لصندوق النقد والبنك الدوليين. بعد رنا أيّوب، كان نهجاً لا يمكن وقفه ويتبناه كل حاكم، ولم يجلب على الناس إلاّ الضرر، وهذا يضرّ الناس فقط. أعلن وزير المالية إسحاق دار عن جمع 215 مليار روبية أخرى كضرائب جديدة. إن عبء هذه الضرائب يضرب من هم أقلّ حظاً بشكل أكبر في حين إنّ الأغنياء والمتنفذين يتهربون أو يدفعون القليل فقط. لقد تجاوز التضخم في البلاد الحدود وهناك ارتفاع مجنون في أسعار المواد الغذائية. يقول رسول الله ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».
قال رئيس وزراء باكستان، شهباز شريف، في بداية عام 2023، "إن الشروط التي سيتعين علينا الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي تفوق الخيال. لكن سيتعين علينا الموافقة عليها". سيصادف عام 2023 الذكرى الـ76 لتأسيس باكستان، لكننا نرى تراجعاً اجتماعياً وأخلاقياً وفكرياً واقتصادياً مستمراً. والسبب في هذا الانحدار المستمر ليس اتباع فكرة إنشاء هذا البلد، وهو قيام دولة تقوم على العقيدة الإسلامية، والتي ستكون مظلّة لجميع الأجزاء المتناثرة من الأمة الإسلامية. قد يكون مسلمو شبه القارة الهندية قد حققوا استقلالاً مادياً وانتقلوا معاً في منطقة ذات أغلبية مسلمة، لكن الأمور لم تذهب أبعد من ذلك. وهكذا تحولت هذه الدولة القومية إلى سجن للمسلمين، حيث يملي أسعار السّلع لتوريد المنشآت من منحنا مكانة الحرية. وبالتالي، قد تقوم باكستان في الوقت الحالي بتسهيل القوى الرأسمالية ولكن ليس لديها أي مبدأ تتبعه.
إنّ النظام الاقتصادي الرأسمالي له هدف واحد فقط وهو زيادة الثروة الإجمالية للبلاد وتحقيق أعلى مستوى ممكن من الإنتاج والرفاهية القصوى للأفراد. في ظلّ النظام الرأسمالي العالمي الحالي، تجني مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي الأموال عن طريق استعباد دول العالم الثالث من خلال قروض لن تكون قادرة على سدادها أبداً. وصندوق النقد الدولي هو نفسه مؤسسة سياسية، ويديره أفراد معينون سياسياً من الدول الأعضاء، وتؤثر المصالح السياسية لأعضائه على قراراته. لهذا السبب نراه يتصرف كأداة للسياسة الخارجية لأمريكا.
بالمقابل نجد السياسة الاقتصادية الإسلامية تنبثق من العقيدة ولا يُقاس نجاحها أو فشلها بالربح والخسارة، بل بالحلال والحرام، وتركز على توزيع الثروة وتمنع الكنز. وبالتالي فإن تداول الثروة يجلب الرخاء ويخلق الفرص للناس.
يجب أن ترسم بلاد المسلمين سياسة اقتصادية نابعة من العقيدة الإسلامية. وأي سياسة اقتصادية أخرى، ليس فقط من أجل الاستقرار الاقتصادي، ولكن حتى لو كان المرء يستفيد من سياسة اقتصادية أخرى مخالفة للإسلام، فإن ذلك معصية الله سبحانه وتعالى، ولن يؤدي رسمها ومحاولة تنفيذها إلى أي شيء آخر؛ من زيادة المشاكل الاقتصادية، وإفقار الناس، وإدامة التدهور والمتاعب. وبالتالي، يجب أن تكون السياسة الاقتصادية للبلاد الإسلامية سياسة اقتصادية إسلامية كما كانت دائماً. إن قيام الخلافة على منهاج النّبوة سيُساعد المسلمين على استعادة شرفهم ومجدهم المفقود. يجب علينا بوصفنا مسلمين أن نتذكر أن نجاحنا يعتمد على طاعة الله تعالى، وليس على خطوة تساعدنا على عيش اللحظة بل تدفعنا نحو غضب الله سبحانه وتعالى. نحن مسلمي باكستان نرفض المزيد من التلاعب ونرفض أن نكون ضحية لأي صفقات مع صندوق النقد الدولي.
قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إخلاق جيهان