- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة الخداع في الاتفاق النووي
الخبر:
شهدت الأسابيع الماضية حراكاً دبلوماسياً نشطاً بين طهران ودول الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بخصوص حل أزمة برنامج إيران النووي. ويبدو أن الجهود الدبلوماسية الحالية محصورة في إنجاز اتفاق مؤقت أو محدود، من دون عودة كاملة إلى اتفاق عام 2015، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA"، ووفقاً لوسائل إعلامية أمريكية، فإن الاتفاق المطروح حالياً يتضمن قيوداً أقل مما كان عليه الحال في اتفاق عام 2015، وقد يشمل تقييد صادرات السلاح الإيرانية إلى روسيا، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران وعدم العمل ضدها في المؤسسات الدولية. (عرب48).
التعليق:
ما إن عاد الاتفاق النووي ليأخذ مساحة من الإعلام، ليظهر بحلته القديمة، عازفا على الوتر القديم نفسه، ونحن نرى المعركة الكلامية مستعرة بين إيران وأمريكا، لمنع إيران من استخدام الطاقة النووية، وهكذا يستمر السيناريو ليأخذ دوره في تزييف الحقائق وقلبها، ليجعل من إيران بعبعاً يخيف المنطقة برمتها، وللأسف الشديد فإن كثيراً من الناس البسطاء خاصة الذين يجهلون الواقع، يفرحون ويكبرون كلما سمعوا أخباراً فيها تضييق وتشديد على إيران، وربما اعتبروا ذلك نصرا لهم، أو ربما استجاب الله سبحانه لدعواتهم، هكذا هو حال عوام الناس!
إن معظم وسائل الإعلام تعزف على اللحن نفسه وتصرح بأن أمريكا وأوروبا وكيان يهود ضد تملك إيران المفاعل النووي، جاهلة أو متجاهلة ما يدور في الغرف المظلمة بين إيران وأمريكا.
لذلك ليس من الغريب أن تكون جميع أساطين وجيوش الصحافة والإعلام موصولين بأجهزة إرسال أمريكية صهيونية، تزودهم بالمعلومات المضللة، ويأخذونها على أنها حقيقة ثابتة، ما عدا الأحرار المؤمنين الموصولين بأجهزة الإرسال الربانية التي تكشف لهم وتنير بصيرتهم، أقول إنه منذ أن وطأت أقدام حاكم إيران السابق الخميني بعد خلع الشاه وتحويل إيران إلى النفوذ الأمريكي، بدأ عرض فصول المسرحية الهزيلة التي استطاعت أن تخدع كثيراً من المسلمين، وإن أمريكا منذ ذلك الحين وجدت ضالتها في حكام إيران بالتعاقب لبسط نفوذها على منطقة الخليج، لاستكمال مشروعها وإعاقة عودة حكم الإسلام، كذلك جاءت لامتصاص ثروات المنطقة، والعمل على إفقار شعوبها وابتزازهم من خلال تضخيم إيران والتخويف من التشيع الذي يمتد إلى المنطقة كما تدعي، وتعمل على إغرائهم بشراء السلاح وطلب الحماية من أمريكا لمواجهة خطر إيران، كذلك تحاول أن تجعل المنطقة ساخنة من خلال إشعالها بأتون الحرب، لذلك ربما لم يدرك حقيقة الخداع في الاتفاق النووي إلا القليل من الناس.
إن المباحثات التي تجري بين أمريكا وإيران ليست هي على الاتفاق النووي بل إنها على كيفية تقاسم الأدوار وتوزيع مهمات السيطرة وبسط النفوذ، فلو رجعنا قليلا إلى الحقبة التي حكم فيها العراق صدام حسين، حينما بدأ المشروع النووي في ثمانينات القرن الماضي، نجد أنهم لم ينتظروا حتى يظهر إلى الوجود، ثم يقومون بالتفاوض لمنعه، بل قام كيان يهود نيابة عن الغرب بالهجوم عليه وتدميره قبل ولادته، وكذلك برنامج باكستان النووي فهو طالما لا يشكل لهم طرفا معاديا فإنه في مأمن من أن تناله مؤامراتهم ودسائسهم.
أقول ربما يكون الاتفاق النووي الإيراني الذي تتحدث عنه طهران كذبة لا أساس لها من الصحة، وربما تكون فبركات أبواق إعلامية ضخمتها أمريكا من أجل الابتزاز، وإني لأجد غصة من ألم ومسحة من حزن على ما وصل إليه وعي المسلمين، حتى تضاءلت حجم طموحاتهم، لتسقط عن أحلامهم عمارة الأرض واستخلافها كما أراد لهم الله سبحانه وتعالى.
لذلك كل ما يحصل اليوم على الساحة الإسلامية من هرج وظلم وخوف وتعاسة وقلة حيلة، إنما هو نتاج طبيعي لما أصابنا من غياب الوعي وقلة التفكير، وكذلك تقوم الأنظمة الحاكمة المستبدة في بلادنا على صناعة الرأي لإخفاء الحقائق، كي تبقى الشعوب غارقة لا همّ لها سوى لقمة العيش.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أنس العسكري – ولاية العراق