الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لماذا احتاج الرئيس سعيّد إلى حكومة رابعة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لماذا احتاج الرئيس سعيّد إلى حكومة رابعة؟

 

 

 

الخبر:

 

دعا الرئيس قيس سعيّد جميع التونسيّين إلى الحرص على العمل، مشدّدا على أنّ العمل هو الذي يخلق الثروة. وأضاف في كلمة خلال موكب تسلّم رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشّاني مهامه في قصر الحكومة بالقصبة يوم الأربعاء 2 آب/أغسطس 2023: "لا بدّ من العمل أكثر لأنّ لدينا من الإمكانات والثروات الكثير ولكن لا بدّ من العمل، وهذا التواكل والوقفات الاحتجاجيّة القطاعيّة لن تؤدّي إلى أيّ شيء".

 

وأوضح سعيّد أنّ الاحتجاجات بدأت بالمطالبة بإسقاط الحكومة بعد 14 كانون الثاني/يناير، ثم بإسقاط النظام في اعتصام القصبة 2، مشيرا إلى أنّ هذا المدّ الثوري تعرّض للاحتواء بتغيير مقاربته من قضيّة وطنيّة إلى مطالب قطاعيّة وجهويّة. (بوابة تونس)

 

التعليق:

 

ربما يتساءل كثيرون عن سبب إقالة الرئيس قيس سعيد لرئيسة الحكومة نجلاء بودن، وتعيين خلف لها، خاصة وأن بودن لم ترفض له طلبا، بل كانت مثالا للامتثال المطلق لكل ما يصدره. فهل هناك مدعاة لهذا التغيير المفاجئ؟ وما سرّ اختيار هذا التوقيت؟

 

والجواب على هذا السؤال بسيط متى توضحت مهمة الحكومة السابقة، فضلا عن كونه موجوداً أيضا في لحن قول الرئيس أثناء موكب تسلم رئيس الحكومة الجديد مهامه.

 

فالحكومة السابقة التي وجدت نفسها تحت رحمة المؤسسات المالية الدولية نتاجاً لسياسة التداين المعتمدة من حكومات ما بعد الثورة، جاءت لتنزل بقرض الـ4 مليارات الذي طلبه المشيشي من صندوق النقد الدولي إلى 1.9 مليار دولار، وقد تحقق ذلك يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر 2022، ثم لتصادق على تنقيح قانون المنشآت والمؤسسات العمومية المطلوب من صندوق النقد وقد تحقق ذلك يوم 9 شباط/فبراير 2023، فضلا عن رفع الدعم بشكل تدريجي عن العديد من المواد ومنها المحروقات ضمن ما عرف بالتعديل الآلي لأسعار المواد البترولية، وافتعال أزمة الخبز كبالون اختبار لإمكانية رفع الدعم عن منتجات الحبوب، وهي الأزمة التي تسببت مع غيرها من الأزمات القطاعية في تفاقم الوضع مؤخرا، وزادت من حجم الاحتقان الشعبي ومن عدد الوقفات الاحتجاجية. كل هذه الإجراءات التي يطلبها الصندوق، هي خطوات اضطرارية انتهجتها الحكومة في سبيل الحصول على قرض مشروط يمكنها من إصلاح توازناتها المالية وتمويل ميزانيتها وفتح المزيد من الأبواب للاقتراض من بنوك ومؤسسات وجهات أخرى تشترط بدورها تسوية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفي مقدمة هذه الجهات، نجد الاتحاد الأوروبي الذي لم يستطع هو الآخر تجاوز عقبة صندوق النقد الدولي، أداة أمريكا في اغتيال الحكومات واستعباد دول العالم اقتصاديا.

 

إذن، فدور الحكومة السابقة هو تخطي المرحلة الأولى من مسار تنفيذ إملاءات الصندوق، لتأتي الحكومة الجديدة بعد تعثر مسار المفاوضات وتستلم المشعل عن سابقتها في استكمال برنامج الإصلاح المزعوم الذي يطلبه صندوق النقد، وليس أدل على ذلك من تصريح وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد بالبرلمان يوم 2023/07/28، الذي أكد بأنه لا يوجد بديل عن صندوق النقد، وبأنه ماض في تنفيذ الإصلاحات، ثم ليضيف بأنه مستعد لمراجعة خطة الإصلاح إذا تطلب الأمر ذلك.

 

وإذا ربطنا هذا الاستعداد الوزاري لمراجعة خطة الإصلاح، بتصريح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يوم 2023/06/12 الذي قال فيه بأنه يريد أن تقدم تونس خطة إصلاح معدّلة إلى صندوق النقد الدولي، فإن عنوان المرحلة القادمة سيكون "صندوق النقد يريد" وليس "الشعب يريد"، ولكن جميعنا يعلم جيدا أن ما يريده الصندوق مؤلم جدا بالنسبة للشعب، وقد تزيد مسايرته من الاحتجاجات القطاعية والجهوية التي لا تكاد تنتهي بل من حالة الاحتقان الشعبي، لأن أزمة هذا النظام قد طالت جميع القطاعات بلا استثناء، ولذلك فإن مهمة الحكومة الرابعة تنحصر أساسا في أمرين ليس أكثر، خصوصا إذا سقطت قبل تأمين انتخابات التمديد الرئاسي في 2024:

 

  • استكمال برنامج "الإصلاح" بعد تعديله وتقديمه مجددا على طاولة التفاوض مع الصندوق.
  • محاولة إنهاء كل الوقفات الاحتجاجية الناتجة عن تطبيق خطة "الإصلاح" المفروضة على جميع الحكومات.

بهذا التغيير الشكلي إذن، يمتص الرئيس جزءاً من السخط الشعبي ويحصره في الحكومة السابقة كما جرى مع حكومة المشيشي ومن قبلها حكومة الفخفاخ، مع أنه هو من قام بتعيينهم جميعا، مواصلا سيره إلى الأمام ومستكملا دوره في الدفاع الكلاميّ عن قوت التونسيين، وفي الحفاظ على استمرارية هذه الدولة العاجزة، بنفَس جديد يدّعي الإصلاح والتغيير، لتصبح الحكومات بمثابة كادم صدمات بالنسبة للرئيس، حيث يغتر الناس بشعارات الدفاع عن الفقراء والبؤساء ومحاسبة الفاسدين، وينشغلون بالشعارات الجوفاء والخطابات العصماء عن الجرم الذي تباشر القيام به كل الحكومات المتساقطة. وبهذا الأسلوب الماكر ينجح النظام في تغيير جلده وحصر الأزمة في أشخاص وحكومات تتعاقب على التفريط في مقدرات البلاد إلى الكافر المستعمر، وتتنافس على تقديم الشعب قربانا لأرباب الرأسمالية العالمية، ألا ساء ما يحكمون!

 

أما بخصوص العمل، فلا شك بأن من شأنه أن يخلق الثروة ويضيفها إلى ما نمتلكه من ثروات طبيعية، ولكن ذلك يكون في دولة الرعاية، دولة الخلافة الراشدة التي تعزز قيمة العمل وتنمي الثروات وتوزعها بالعدل، أما في دولة الجباية، فهو يفرض على أبناء الشعب الإنفاق على نظام فاسد فاجر يثقل كاهلهم ويمتص دماءهم ويرهن الأجيال القادمة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وعليه فإن التأكيد على العمل في ظل دولة عاجزة عن حل مشاكل البطالة وحكومات تساوي بين الحراك الشعبي والعبث النقابي ولا ترى بديلا للحل الأمني، هو تملص واضح من المسؤولية وإنكار لحقيقة الأزمة من كونها أزمة نظام، تنادى هذا الشعب ضدّه أيام الثورة هاتفا: الشعب يريد إسقاط النظام.

 

فهلّا كفّ حماة الدولة المتواكلة على شعبها والعاجزة عن حل مشاكل الخبز والماء والكهرباء عن استغباء الناس؟ وهلّا أدرك الجميع أنه لا سبيل للخروج من هذه الحلقة المفرغة ومن دوّامة الأزمات المتعاقبة والحكومات المتداعية إلا بإسقاط هذا النظام العلماني المتصدع وإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟

 

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

آخر تعديل علىالثلاثاء, 08 آب/أغسطس 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع