- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحكم بالإعدام لكل من تسول له نفسه محاسبة المسؤولين في بلاد الحرمين!
الخبر:
المحكمة الجزائية المتخصصة تُصدر حكماً جائراً بإعدام المعتقل محمد بن ناصر الغامدي؛ على خلفية تعبيره عن رأيه عبر تغريداتٍ على تويتر، وكذلك دفاعه عن معتقلي الرأي في أثناء التحقيق معه. (صفحة معتقلي الرأي - تويتر إكس -، 2023/08/25)
التعليق:
وهكذا تستمر سياسة تكميم الأفواه والتهديد بإصدار أحكام بالإعدام لكل من تسول له نفسه محاسبة الحكام في بلاد المسلمين وكل من يتجرأ أن يبين للناس أن الحكم مسؤولية وليس مقام شرف ولا ملكية خاصة كما بين رسول الله ﷺ فيما رواه مسلم بقوله «...وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا».
إن سياسة تكميم الأفواه سياسة قديمة عند الطواغيت عامة هدفها منع الأمة من القيام بحقها وواجباتها ولترويضها على القبول بالأمر الواقع، أي قبول تسلط الحكام على رقابها مسنودين بطبقة صغيرة من المنتفعين الذين يحاولون تسيير إرادتها عبر القبض على المنافذ الإعلامية والمقدرات المالية والعسكرية من أجل تغيير هوية الأمة الإسلامية وتبني العلمانية. ولذلك لا يستغرب ما يقوم به هؤلاء الحكام من إنفاق لأموال الأمة على توافه الأمور والحفلات والنوادي الرياضية بالقدر الذي يمكن به إشباع سكان الكرة الأرضية وإنهاء الفقر ودفنه. ولا يستغرب سعيهم لمنع جيوش المسلمين من التحرك على أساس عقيدتها، ومحاولة طمس مفاهيم الإسلام لديها حتى تصبح مجرد حامٍ لكرسي الحاكم. ولا يستغرب كل ما يقومون به من محاولة إرهاب الأمة الإسلامية من قول الحق في وجههم وتحطيم عروشهم.
وهنا لا بد من بيان أن نظام الحكم لا يندرج تحت باب الملكيات في الإسلام بل له أحكامه الخاصة ومنها استنبط شكل الحكم في الإسلام أي الخلافة وأجهزته وصلاحياته وعلاقة الحاكم بالمحكوم وطريقة إيجاد تلك العلاقة ابتداء وهي البيعة الشرعية من الأمة لمن ارتضته أن يكون حاكما وعلى أساس واحد لا غير وهو الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ. ولا تقتصر العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام على البيعة بل تتعداه لتشمل المحاسبة على أساس الإسلام والتي قد تصل إلى عزل الخليفة. فنظام الحكم في الإسلام له أحكام تفصيلية تم التوسع فيها وشرحها في كتاب "أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة" الذي يبين أن أجهزة دولة الإسلام ثلاثة عشر جهازاً منها مجلس الأمة (الشورى والمحاسبة). إلا أن أعمال المحاسبة لا تقتصر على من يتم انتخابه ليكون وكيلا في الرأي عن غيره أي عضوا في مجلس الأمة بل يشمل كل من يرى اعوجاجا وذلك لكثرة أدلة فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنها قول النبي ﷺ فيما رواه ابن ماجه: «لَا يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَرَى أَمْراً لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ، ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: خَشْيَةُ النَّاسِ، فَيَقُولُ: فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى». وكلنا ثقة في أن يتمسك عموم المسلمين وكذلك أهل التأثير والرأي وأهل القوة بالهدي النبوي، تمسكا يجعله أساسا لتفكيرهم ومقياسا لأعمالهم، حتى تتمكن الأمة الإسلامية من استئناف حياتها الإسلامية من جديد وتبلغ رسالة الله إلى العالمين، فتأخذ على يد كل ظالم وتهز عرشه وتنصر كل المظلومين والصادقين أمثال محمد بن ناصر الغامدي وعبد العزيز بن مرزوق الطريفي وغيرهم الكثير، وتعيد تطبيق نظام الإسلام في كافة نواحي الحياة من جديد، سواء في ما هو من علاقة الإنسان بربه من صلاة وصيام وأذكار يومية، أو علاقة الإنسان بنفسه كالأخلاق والمطعومات، أو علاقة الإنسان بغيره كوحدة الأمة والسياسة الداخلية والخارجية والبيوع وعلاقة الرجل بالمرأة وحمل الدعوة إلى العالم. وبعودة من هذا النوع إلى المسرح الدولي تكون الأمة الإسلامية أنارت طريقا مضيئا للبشرية ينسيها ظلمات الرأسمالية المتوحشة. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نزار جمال