- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستثمار الحقيقي يكون في رعاية الناس واستغلال طاقاتهم
وتمكينهم من استغلال موارد البلاد وثروتها
الخبر:
نقلت جريدة اليوم السابع الثلاثاء 2023/09/05م، قول الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث باسم وزارة الصحة، إن تنظيم الأسـرة هو أكبر مشروع اسـتثماري يحقــق لمصر أرباحاً وفوائد، حيث إن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر بدوره 151.7 جنيهاً (74.1 جنيهاً في التعليم، 32.9 جنيهاً في الصحة، 28 جنيهاً في الإسكان، 16.7 جنيهاً في منظومة دعم الغذاء)، وأكد عبد الغفار، أن القضية السكانية في مصر ليست قضية عدد ولكن كبر حجم الأسرة يؤثر سلباً على حقوق الطفل، حيث ينخفض نصيب الفرد من الموارد المخصصة لكل أسرة، ولذلك تستهدف الدولة تحسين الخصائص السكانية للمواطنين من خلال تحسين الخصائص الديموغرافية التي تتضمن تحسين (معدل المواليد والوفيات، الخصائص التعليمية بين نسبة الأمية ونسبة المتعلمين، الخصائص الصحية "جودة الخدمات الصحية"، الخصائص الاقتصادية "دخل السكان")، تحسين خصائص السكان التي تتضمن تحسين (الخصائص التعليمية، الخصائص الصحية، التشغيل مع البطالة، المهارات الحياتية)، موضحاً أن نسب الإنجاب في الريف ثلاثة أضعاف الحضر ويبلغ أعلى مستوى في محافظات الوجه القبلي وأقل مستوى في المحافظات الحضرية.
التعليق:
لا زال النظام وأبواقه يعلقون فشلهم على الزيادة السكانية ويعتبرونها سبب كل ما تعانيه مصر من أزمات؛ فقد صرح الرئيس المصري مرارا أن الزيادة السكانية هي التي تلتهم التنمية، وكأن الرأسمالية التي يحكم بها يمكن أن تنهض بمصر أو ترعى أهلها بل أو تنمي اقتصادها كما يدعي!!
إن ما يصرح به المتحدث باسم وزارة الصحة ينسجم مع نظرة الرأسمالية التي ترى أن الموارد محدودة بينما حاجات الإنسان غير محدودة، ولهذا فهو يدعي أن الاستثمار في تنظيم الأسرة وتحديد النسل وتقليل عدد المواليد يدر ربحا بتوفير ما تنفقه الدولة على المواليد وكأن ما توفره الدولة من نفقة على رعاياها يعد ربحا ويحسب لها، بينما واجبها الحقيقي هو رعاية الناس على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم بلا تفريق أو تمييز.
إن الزيادة السكانية المتهمة بالتهام الثروة هي نفسها التي ينتظر النظام تحويلاتها من الدولار وهي الطاقة البشرية التي يعول عليها في طريق النهوض، وكل مولود جديد هو طاقة جديدة منتجة إذا أحسن استغلالها، وما سعي الغرب لتحديد النسل وتقليل عدد المواليد في بلادنا إلا لكي نفقد شبابنا وتصيبنا الكهولة وتصبح بلادنا عاجزة مع مرور الوقت بينما يشجع على زيادة المواليد ويفرض لها نفقات في بلاده، فعلى سبيل المثال الدعم الشهري المخصص للأطفال في ألمانيا يرتفع باستمرار. وبموجب تعديل قانوني أقره البرلمان، ستدفع الدولة لكل طفل 10 يورو إضافية، ليكون المبلغ الشهري 204 يورو للطفل الأول والثاني، ابتداء من الأول من تموز/يوليو 2019، أما الطفل الثالث فيحصل على 210 يورو، وابتداء من الطفل الرابع 235 يورو، أما فرنسا فعلى الرغم من أنها تحظى بأعلى معدل للولادات في أوروبا إلا أنها تقدم عددا من المزايا والمساعدات، بما في ذلك منحة الولادة التي تصل لحوالي 1000 دولار، كما تحصل الأسر على عدد من المخصصات الشهرية بالإضافة لتخفيضات في ضريبة الدخل ومراكز الرعاية المدعومة من الحكومة. (سبوتنيك عربي 2019/11/28م)، فالغرب يشجع أبناءه على زيادة الإنجاب ليزيد من طاقته البشرية بينما يحرض حكامنا على تحديد ومنع الإنجاب لمحاولة تقليل أعداد المسلمين! والملاحظ هنا أن ما يمنح للأطفال في ألمانيا وفرنسا يعد ثروة بالنسبة لأهل مصر الذين يضن عليهم النظام بجنيهات معدودة بينما يحملهم عبء سياساته الكارثية رغما عنهم، هذا ولم يقل أبدا إن الزيادة السكانية تجهض التنمية وتسبب الفقر إلا الأنظمة التي تحكم بلادنا!
إن الطاقة البشرية التي تملكها مصر تستطيع وحدها أن تضعها في مكانة أخرى إذا مكنت من استغلال مواردها وثرواتها، فما تعانيه مصر من أزمات لا علاقة له بزيادة السكان مطلقا، والأزمة الحقيقية والمرض العضال الذي ينخر جسد مصر ويقتات على شعبها هو هذا النظام الرأسمالي الذي يحكمها، وطالما بقي هذا النظام الذي يعد الناس الفقر، جاثماً على صدور أهلها فلن يبقى الحال حتى كما هو عليه بل سيكون أسوأ وبشكل مطرد، جراء تراكم القرارات والسياسات الكارثية الصادرة عن هذا النظام، والتي يوهم الناس أنها حلول بينما هي في واقعها تكريس وتعميق لتبعيتهم وبلادهم للغرب وتمكين له من استعبادهم لعقود لاحقة ينهب فيها ثرواتهم وخيراتهم ويتمكن من مقدرات بلادهم دونما أي اعتراض بل بمباركتهم وحراستهم!
إن الحل الوحيد لما تعانيه مصر يبدأ باقتلاع أصل الداء وهو نظام الجباية الرأسمالي من جذوره بكل أدواته ورموزه، واستبدال نظام رعاية حقيقي به يعبر عن أهل مصر وينسجم مع عقيدتهم ويحقق ما يطمحون إليه من كرامة ورغد عيش، ألا وهو نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر