- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل بين السلطات؟ حقاً؟!
(مترجم)
الخبر:
في الآونة الأخيرة، تصدّرت قضية تتعلق بالنظام القانوني في البلاد عناوين الأخبار في وسائل الإعلام. فقد وافقت المحكمة العليا في ماليزيا على طلب من الادعاء العام بإسقاط جميع تهم الفساد الموجهة إلى نائب رئيس الوزراء أحمد زاهد حميدي في قضية الفساد التي تحاكم فيها مؤسسته الخيرية. ومنحت المحكمة أحمد زاهد، الذي كان يواجه 47 تهمة بخيانة الأمانة الجنائية والرشوة وغسل الأموال، إبراءً لا يرقى إلى مستوى البراءة. وقد أثار هذا القرار ردود فعل مختلفة. وبالنسبة للمؤيدين المتعصبين للحزب الحاكم، فقد اعتبر هذا القرار صحيحاً ومن المتوقع أن تحترمه جميع الأحزاب. أما بالنسبة للمعارضة، فهو شكل من أشكال التدخل السياسي في النظام القانوني للبلاد. وأما عامة الناس، فتم نصحهم بقبول قرار المحكمة واحترام سيادة القانون الموروثة عن المستعمرين، على الرغم من أن هذا الاحترام قد تمّ انتهاكه بشكل واضح من قبل "الأيادي الخفية" المزعومة لإنقاذ كبار قادة الأحزاب الحاكمة.
التعليق:
على الرغم من ضغوط المعارضة في قضية الإبراء الذي لا يرقى إلى مستوى البراءة هذه، فقد أصرّ رئيس الوزراء أنور إبراهيم مراراً وتكراراً على أنه لم يتدخل في القضية أمام المحكمة. وعلى الرغم من ذلك، فإن تصوّر وجود تدخل من الهيئة التنفيذية في هذه القضية المتعلقة بالإبراء الذي لا يرقى إلى مستوى البراءة قد تغلغل بالفعل في المجال العام. ولذلك تعالت الأصوات التي توصي بضرورة تطبيق الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية بشكل جدي.
يتبع نظام الحكم في ماليزيا نموذج نظرية الفصل بين السلطات. ووفقا لهذه النظرية فهي تنقسم إلى تنفيذية وتشريعية وقضائية. في هذا الهيكل، السلطة التشريعية (البرلمان) هي الهيئة المسؤولة عن وضع الأحكام والقوانين. وتختص السلطة التنفيذية (الحكومة) بتنفيذ القوانين التي أصدرتها السلطة التشريعية بينما تقوم السلطة القضائية بتنظيم ومراقبة تنفيذ هذه القوانين. لكن المشاكل بدأت تظهر عندما تم تعيين أعضاء الحكومة من بين أعضاء الهيئة التشريعية. فكيف يمكن أن يكون هناك فصل بين السلطات إذا كانت السلطتان التشريعية والتنفيذية هما في الحقيقة مجموعة واحدة من الناس؟! ومما يزيد الطين بلّة أن موظفي السلطة القضائية هم أنفسهم تعينهم السلطة التنفيذية.
في الإسلام، يتم تنفيذ النظام القانوني من هيئة قضائية تتكون من محكمة المظالم، ومحكمة الخصومات، ومحكمة الحسبة. الثلاثة كلها مبنية على أساس العقيدة ومصدرها وحي الله سبحانه وتعالى. ويتأكد رئيس كل هيئة قضائية من أن جميع إجراءات المحكمة تتم وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية. ويتم تعيين رئيس كل هيئة قضائية من الخليفة. ويتم اختيارهم من بين الأشخاص الأكثر استحقاقا. وعلى الرغم من وجود نقاط ضعف وعيوب تاريخياً في تنفيذها، إلا أن ذلك يرجع أساساً إلى العوامل البشرية. وفي حالة تم التلاعب بالنظام القانوني الإسلامي من أي هيكل داخل نظام الخلافة، يتم التعامل مع هذه القضية من جانب محكمة المظالم، وهي محكمة يتمثل دورها في التعامل مع النزاعات التي تنشأ بين الناس والحكّام. ويحقّ لمحكمة المظالم الحكم على الأشخاص المدانين، بغض النظر إذا كان الخليفة أو معاونيه أو أياً من موظفي الدولة. وفي الخلافة، لا يجوز إلا للخليفة أن يطبق الشريعة الإسلامية بأكملها على الرعايا. وبما أن تطبيق الشريعة أمر من الله سبحانه وتعالى، فلا توجد أحزاب معارضة في مناقشة تطبيق شرع الله. وفي أجهزة الخلافة، يوجد مجلس الأمة، على الرغم من أن وظيفته ليست المعارضة، بل التأكد من أن تطبيق الشريعة يتم بشكل عادل وموثوق من الخلافة.
إن المشكلة القانونية التي تعاني منها البلاد في الوقت الحالي ليست بالأمر الجديد. إن نظرية الفصل بين السلطات التي يتباهى بها أنصار الحكومة الحالية تبدو جيدة فقط في كتب الفلسفة الغربية التي عفا عليها الزمن. ومع ذلك، عندما يتم تنفيذه، يكون هناك مجال كبير للتلاعب من الأحزاب عديمة المشاعر. وهذا ليس نظاماً أنزله الله سبحانه وتعالى. النموذج الوحيد للحكم في الإسلام هو الخلافة، والذي يطبق كتاب الله وسنة رسوله كاملة. وبالتالي، ما لم يحل نظام الإسلام محل هذا النظام الديمقراطي، فإن هذه القضية لن تحل أبداً. إن الطريقة الوحيدة للحصول على العدالة الحقيقية هي إقامة دولة الخلافة التي تحكم بالقرآن والسنة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد – ماليزيا